قصة وسيناريو أقرب للأفلام السينمائية، بطلتها شخصية نسوية وهمية تم خلقها في العالم الافتراضي وامتد تأثيرها للعالم الحقيقي في شكل علاقات مع أفراد المجتمع ومساهمات خيرية ومشاريع طوعية شارك فيها الكثيرون بالمشاعر والأموال.. مؤخراً كشف صانع الشخصية الفنان علاء الدين سنهوري أنه وراء الناشطة سارة رحمة التي صادقت الكثيرين وكانت جزءً من قروبات نسوية مغلقة، مطالباً بالصفح والغفران، مثيراً باعترافه ذاك عواصف لم تهدأ بعد.. في سياق العلاقة المفترضة بين سارة وعلاء الدين برز اسم الناشط غازي الريح الذي كان أول من شكَّ في علاء الدين، ورجَّح أنه وراء شخصية سارة قبل أن تنجلي الحقائق، (السوداني) التقت به حول قضية الساعة.
غازي، أنت متهم بالتورط بمشاركة علاء الدين سنهوري في حساب سارة رحمة الوهمي.. ما حقيقة ذلك؟
مسألة ورود اسمي في سياق إدارة الحسابات الوهمية مؤخراً، مسألة تصفية حسابات سياسية ليس إلا من بعض ممثلي الأحزاب الذين تعاملوا بتشفٍّ مع الموضوع، على الرغم من وضوح أنه لا علاقة لي بهذه الحسابات.
إذاً ما هو دورك في هذه القصة؟
الحقيقة أن دوري تمثل في كشف علاقة علاء الدين ودوره في تكوين الحسابات الوهمية أو خلق وإدارة حسابات (سارة رحمة، وكمالا التيجاني أو راشد التيجاني)، وهذا ما اعترف به علاء الدين سنهوري لاحقاً بأنه من خَلَق تلك الشحصيات وأصدر اعترافاً واعتذاراً بذلك.
هل اكتشفت حقيقة سارة قبل اعتراف علاء الدين السنهوري؟
قبل أن يعترف علاء الدين، وأعلنتُ ذلك عبر تسجيل (فيديو لايف) على (فيسبوك).
وكيف توصلت لحقيقة أن علاء الدين من يقف وراء تلك الحسابات؟
كانت هناك خيوط كثيرة جداً، وجاءت ضربة البداية عبر فتحي لـ(بوست) على (فيسبوك) كتبت فيه عن علاقة علاء الدين بسارة رحمة، والعلاقة بيني وبين علاء الدين وسارة التي عرفتها عن طريق علاء الدين نفسه، باعتبارها منسقاً لعملٍ سياسيٍّ مُقاوم.
متى قمت بنشر هذا البوست؟
قمت بنشره في أول يوم صدر في قروب (مهيرة) أن سارة الرحمة شخصية غير حقيقية، وكانت هناك اتهامات حول علاء الدين.. ما يهم أن العمل السياسي المقاوم الذي مثل مدخلاً للعلاقة، كان علاء الدين يصرّ عليه لفترة طويلة، ولم أكن مهتماً بذلك لأن العمل المقاوم لا يؤدي دوره، أو يصبّ في سياق العمل العام من خلال شرحه.. لذا حاول أن يستدرجني عن طريق سارة الرحمة، وجاءت سارة الرحمة وتحدثت معي باعتبارها منسقاً لذلك العمل..
كيف جاءت؟
تحدثت معي على فيسبوك عبر الرسائل، كما أرسلت لي (الـسي في) وأمتلك (اسكرين شوت) لكل ذلك. وقالت لي إنها منسق للعمل السياسي المقاوم الذي اقترحه علاء الدين، فلم أتفاعل مع الموضوع ولم أدخل في تفاصيل حوله.
ما أول خيط وعلامة استفهام استوقفتك؟
أول خيط كان علاقة علاء الدين بسارة رحمة باعتباره من عرَّفني بها في سياق موضوع سياسي. بعدها بدأت تتوالى الخيوط والمعلومات في (البوست) الذي فتحته، حيث أدلى المشاركون فيه بمعلومات حول سارة رحمة وعلاء الدين والعلاقة بينهما. ولعل أهم خيط هو الذي ربط بين سارة رحمة وبين عمة علاء الدين سنهوري، حيث اتصل بي بعدما فتحت (البوست) وبدأ يحكي في مكالمة هاتفية أن والدة سارة الرحمة زميلة عمته في ود مدني باعتبارهن مدرسات، وأن لديه ابن عمة ويسمى غسان ذهب إلى عزاء والدة سارة الرحمة نفسها وأسماها فاطمة إبراهيم.
وكيف تحققت من المعلومات؟
قمت بأخذ رقم غسان من علاء الدين نفسه، واتصلت بغسان مباشرة، وتحدثت معه، واكتشفت أنه لا يعرف منزلها كما ادعى علاء الدين، وقال لي غسان إنه قام بتعزيتها في السوق الشعبي، وأنه لا يملك تلفوناً لها أو من كان معها في السوق الشعبي.
أي أن غسان اقرَّ بأنه التقاها؟
نعم قال إنه التقاها في السوق الشعبي و(عزَّاها)، وعندما سألته عن علاقة والدته بوالدة سارة الرحمة وأنهنَّ كنَّ زميلات في مدرسة واحدة، ذكر لي أنهن كانتا زميلتين في تعليم الكبار محو الأمية، وأنهن لم يعملن في مدرسة واحدة وإنما يدرّسن محو أمية في مدارس تارة وروضة أطفال تارة أخرى، وفي المساجد أيضاً. وحقيقة لم أجد أي خيط يدل على ذلك، فالقصة التي حكاها غسان كوميدية، وتؤكد الشكوك حول علاء الدين، ومن ثم بدأت تتوالى الخيوط الأخرى.
مثل ماذا؟
على سبيل المثال خيط التحويلات المالية، حيث تم تحويل أموال على دفعات للفيديو كليب الخاص بعلاء الدين سنهوري (المطارات البعيدة)، باعتبار أن المنتج هو سارة الرحمة. وتم إرسال الأموال إلى المخرجة لاستلامها كتمويل.. واتصلت أنا فيما بعد بالمخرجة التي أكدت لي أنها تسلمت الأموال باليد من شخص أرسلها يقيم في سلطنة عمان، وأنها تسلمت المبلغ عن طريق شخص موجود في السودان وعلى دفعتين. وللتأكد أخذت تلفون الشخص الموجود في سلطنة عمان، وتحدثت معه وشرحت له الوضع كاملاً، وبعد إنكار اعترف أن التحويل الذي وصله لإرسال الأموال كان من علاء الدين سنهوري، وأشار إلى أنه ليس تحويلاً وإنما طالبه علاء الدين سنهوري أن يدفع المبلغ للمخرجة، وألا يخبرها أن هذه الأموال من علاء الدين، وإنما هي أموال بناءً على طلب من سارة الرحمة.. وبالفعل تم تسليم الأموال للمخرجة على أنها من سارة الرحمة التي قامت في ذلك الوقت بإرسال رسائل للمخرجة بأن ثمة أموال قادمة من عمان وسيتم تسلميها وأنها منها.
أما العامل الحاسم تمثل في اكتشافي أن علاء الدين حوَّل الأموال إلى سلطنة عمان بإيصال موجود لديّ.
الجميع يتحدث عن شخصيات وهمية، فأين بقية الشخصيات؟
بالطبع في سياق مطاردة الخيوط الأساسية، برز خيط (كمالا التيجاني)، وهي شخصية أخرى تم اختلاقها من قبل علاء الدين، وهي في الأصل كانت راشد التيجاني، وهو كذلك شخصية مختلقة، وتوفي في فنلندا في 2015م بسرطان في الدماغ وتحول بعد ذلك الحساب إلى كمالا.. وقمت بمتابعة ذلك الخيط عبر اتصالات كثيرة جداً لفنلندا والنرويج، لأعرف أن هناك شخصية بالفعل اسمها راشد التيجاني موجودة خلال تلك الفترة، واكتشفت أنه لا يوجد مثل هذه الشخصية، وأرسلت صورته التي نسبوها له لمن ادعى راشد في حسابه أنه التقى بهم في المعتقلات، ولم يتم التعرف عليه.. بعد ذلك اكتشفت أن حساب راشد التيجاني تحول إلى كمالا التيجاني، كما تم حظر كل الذي يعرفون أن هذا الحساب ملك لراشد التجاني، ومنهم شخصية مقيمة في أبوظبي قمت بالاتصال بها وهي من أخبرتني بحقائق أخرى عن الحساب.
هل اتهامك كان دافعاً لتطارد هذه الخيوط أم البحث عن الحقيقة؟
البحث عن الحقيقة كان الدافع، بغرض معرفة من يقف وراء هذه القصة لأنها بدأت بمحاولة استدراجي في موضوع سياسي، حيث شعرت أن هناك جهة تسعى لـ(جر رجلي) في هذه المواضيع. وعندما بدأت تتكشف حقائق أن سارة الرحمة شخصية غير حقيقة، برز السؤال الأهم وهو من وراء هذه السيناريو.. هذا ما دفعني للبحث. وفي النهاية اكتشفت أنه لا توجد جهة خلف ذلك الأمر، وأنه علاء الدين السنهوري.
في اعتقادك لماذا اختلق علاء الدين السنهوري كل ذلك؟
علاء الدين يسعى لترويج مشروعه الفني والغنائي ليس إلا، وفي سياق بحثي هذا توصلت إلى حقائق كثيرة عن حياة علاء الدين الشخصية، وتأكد لي أن وراء تصرفه دافع شخصي لمجدٍ أو غيره بالإضافة لترويج المشروع الفني عقب إحساسه بعدم تقدير أو اهتمام من الناس.
ما هي علاقتك بعلاء الدين بالضبط؟
العلاقة بيني وبين علاء علاقة صداقة بعيدة، حيث كان علاء الدين يعمل في الجامعات السودانية خصوصاً في فترة وجودنا فيها نهاية التسعينات بداية الألفية الجديدة، وكان من الفنانين الأساسيين الذين يأتون ويتغنون في المناسبات السياسية.. وفيما بعد اكتشفت أنه من أهلي (السناهير) بمدينة ود مدني.. أي أن العلاقة كانت عادية.
حالياً وعقب اعتذاره تحدثت معه هاتفياً وطالبته باعتذار صريح صوت أو فيديو لأن اعتذاره في صفحته غير كافٍ لامتصاص غضب من تم خداعهم واستهلك مشاعرهم.
قلت إن علاء مريض.. ألا يُعدُّ ذلك تعاطفاً على الرغم مما قام به؟
الأمر ليس تعاطفاً، ولا الغرض من كشف الحقيقة المرتبطة بالمرض النفسي أو الاضطراب النفسي خلق تعاطفاً معه.. فاضطراب علاء بدا ملموساً منذ تقمصه شخصية مصطفى سيد أحمد وتماهيه معها وادعائه المرض بالكلى، وبالطبع هذا أمر غير عادي..
وكل ما قمت به أنني كشفت الحقيقة بكل تفاصيلها وجزء من هذه الحقيقة مرض أو إضراب علاء النفسي، وهو ما يجب أن يعيه الناس ولم تكن دعوة للتعاطف أو للتجاوز أو تقبل اعتذار، فالاضطراب لا يمنع المساءلة القانونية، بل وطلبت من الكثيرين إدراج اسمي كشاهد لأنني أمتلك من الأدلة ما يكفي لإدانة علاء.
هل تم جمع أموال وتوظيفها لمصلحة شخصية؟
وفقاً لمعلوماتي لا يوجد دليل على تورط علاء أو سارة رحمة في جمع اموال للتكسب أو للمنفعة الشخصية بكل أمانة، ولعل ذلك ما سبب صدمة للكثيرين، وكان مدخلاً للتشكيك في شخصي، لكنني بالفعل لم أجد شيئاً يؤكد ذلك، فخيوط جمع أموال وتبرعات لسارة رحمة، خيوط ميتة، وإذا قمت بنشرها فإنها تدين الأشخاص المدعين، لجهة أنهم يدعون جمع تبرعات ولا يملكون ما يثبت أنهم جمعوها لعلاء الدين أو بطلبٍ منه.
هناك انتهاك للخصوصيات بسبب وجود سارة في قروبات نسوية، ودعاوى بالتحرش من مؤسسات أو شركات بسببها.. ما حقيقة ذلك؟
حقيقة لم أجد دليلاً على استدراج علاء لهؤلاء البنات للتعرض إلى التحرش في أي مكان، واتصلت بمن ادعين ذلك وطلبت منهنَّ أن يتقدَّمن بلاغات في هذا الموضوع وأن يكتبوا أسماء شركات أو تلفونات أو إيميلات أو عناوين لهذه المكاتب، ولم أجد أية استجابة من أية شخصية ادعت أنها تعرَّضت للتحرش.. وصحيح الموضوع حساس ويحتاج إلى شجاعة لمن تقدم بلاغاً بعد أن تضمن سرية وخصوصية بلاغها وشكواها القانونية.. أما وجود علاء الدين في قروبات نسوية فهو امر خاطئ واطلاعه على أسرارهن الزوجية والشخصية ومشكلاتهن أمر خاطئ وغير مقبول بأي شكلٍ من الأشكال، وهو دليل على أنه متورط ومدان وغير مستقر نفسياً وله شخصيتين.
ألا ترى أن تفجير الموضوع في تزامن مع مشكلات اقتصادية وضغوط حياتية فيه إلهاء؟
القضية كبيرة وحديثة ولأول مرة تحدث في السودان، باستغلال عددٍ كبير من الناس وخلق شخصية وهمية، كل هذا يؤكد أن الـ(سوشيال ميديا) أصبحت عالماً يوازي العالم الحقيقي، والتردي في التعامل فيها يعكس التردي في الوعي، وقضية علاء الدين وسارة غير مفصولة عن الأوضاع الاجتماعية والسياسية، لذا فإن قضية علاء الدين وسارة لم يتم تفجيرها بغرض الإلهاء ولكن المواصلة فيها إلهاء، وعلى الناس اتخاذ الإجراءات القانونية.
صحيفة السوداني.