مضت أكثر من (5) أعوام على حرب فرقاء الجنوب، بعد أن حصدت الآلاف من القتلى والنازحين واللاجئين، وطوى فرقاء الجنوب أيام الحرب الطويلة بالتوقيع على اتفاقية السلام بالخرطوم الشهر الماضي بعد ثلاثة أشهر من المفاوضات الماراثونية، ليسدل الستار على ختام الترتيبات بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا في قمة (إيقاد) التاسعة، التي تشهد عودة دولة إريتريا إلى المنظومة الأفريقية، بعد عقدين من الزمن، وستناقش القمة ملفات الأزمات الإقليمية بالقارة الأفريقية، بجانب توقيع سلام دولة جنوب السودان وأزمة دولة الصومال.
ووصل فرقاء الجنوب الرئيس “سلفا كير” وزعيم المعارضة الجنوبية “رياك مشار” إلى أديس أبابا أمس (الأربعاء) للمشاركة في اجتماعات (إيقاد) ومناقشة مسودة اتفاق تسوية الأزمة بالجنوب الذي وقعت عليه الأطراف في الخرطوم بالأحرف الأولى مؤخراً.
وقال الأمين العام للمعارضة “تنقو بيتر ربنقو” إن الجهود التي بذلتها الخرطوم كانت كبيرة جداً، والتزام الفرقاء الجنوبيين الموقعين على الاتفاقية سيؤدي إلى توافق سياسي لبناء الثقة بين الأطراف، وأشار إلى أن تكلفة مجهودات الخرطوم المالية في هذه الاتفاقية تجاوزت أكثر من (20) مليون دولار لتوفير المناخ المناسب لعملية السلام بين الأطراف.
وأكد سفير جنوب السودان بالخرطوم “ميان دوت” في حديثه لـ(المجهر) أن فعالية اتفاقية سلام الجنوب ستكون في ختام قمة (إيقاد)، وحكومة الجنوب ملتزمة بتنفيذ الاتفاقية وعدم العودة إلى الحرب، وأضاف: (لابد أن تكون هناك إرادة حقيقية بين الأطراف، بجانب مراقبة دول إيقاد للاتفاقية، لجهة أن دورها في الرقابة سيساعد الأطراف ويمنع الاحتكاك وانفجار الأوضاع).
وقال نائب رئيس لجنة الإعلام “مناوا بيتر قاتكوث” إن زعيم المعارضة الجنوبية دكتور “رياك مشار” وصل أديس أبابا بطائرة خاصة من الخرطوم للمشاركة في القمة وحل أزمة جنوب السودان والصومال، مع إعادة عضوية دولة إريتريا في (إيقاد).
وأكد عضو المكتب السياسي “أقوك مكوك” في حديثه لـ(المجهر) أن قمة (إيقاد) هي بداية لمرحلة جديدة من أجل بناء الدولة والاستمرار في عملية السلام، وأضاف إن القمة الطارئة لرؤساء (إيقاد) تؤكد التزام ونجاح السودان في اتفاق السلام بعد أن فوضت هذه الدول الرئيس “البشير” من أجل تحقيق السلام.
وقال مستشار الشؤون الأمنية لـ”سلفا كير” “توت قلواك” إن حكومة الجنوب خلال الفترة الماضية كانت تبحث عن السلام، وأضاف إن من أصعب بنود الاتفاقية الترتيبات الأمنية، وهو الذي أعاد الأطراف إلى الخلاف، بيد أن الوساطة والرئيس “البشير” حلّا الخلاف في فترة وجيزة. وقال: (بعد التوقيع على الاتفاقية أمام رؤساء إيقاد ستدخل حيز التنفيذ خلال الفترة الانتقالية، والخلاف تم إغلاقه، كما تم تجاوز جميع الخلافات في ملف السلطة والحكم والترتيبات الأمنية)، وأكد التزام الرئيس والحكومة بحل الخلافات التي تشكل عقبة أمام السلام، وأشار إلى أن حضور قمة (إيقاد) من أجل التوقيع النهائي فقط وليس لمناقشة الخلاف مرة أخرى.
وقال عضو البرلمان “جاستن جوزيف” إن جولة المفاوضات الماضية كانت تواجهها عدة صعوبات في ملف الترتيبات الأمنية لأنه يشكل عقبة أمام تحقيق السلام، وأضاف إن الأطراف إذا وقعت على الاتفاق النهائي ستواجهها عقبات في تنفيذه، وقال إن الأطراف الآن يفتقدون إلى الثقة في ما بينهم، وأوضح أن قمة (إيقاد) هي قمة طارئة من أجل توقيع السلام وحل الخلافات بين المعارضة والحكومة. وأضاف إن العقبات التي لا تزال قائمة ومختلف عليها تتمثل في المادة (4) بتكوين اللجنة المشتركة وصلاحيات الرئيس ونوابه والمتعلقة بعدد الولايات والدستور والقضاء. وأوضح أن الأطراف قادرة على تجاوز العقبات أمام الاتفاقية حال وجدت الإرادة السياسية بين الأطراف وتقديم تنازلات متبادلة، ومنح اللجنة المشتركة فرصة لمعالجة مسألة الولايات. وقال إن تمسك الأطراف بالخلاف حول عدد الولايات يعرقل عملية السلام.
وقبل (24) ساعة من توقيع اتفاق سلام جنوب السودان النهائي أصدرت حركة المعارضة بقيادة “رياك مشار” بياناً تتهم فيه القوات الحكومية بشنّ هجمات جديدة على مواقعها في ولاية نهر ياي.
وقال نائب المتحدث باسم الحركة “لام بول غابرييل” في بيان إن حكومة الجنوب شنّت هجمات في منطقة أجانا، وهاجمت مواقعنا الدفاعية في منطقة كيندري ومانقلاتوري في مقاطعة كاجو كاجي بولاية نهر ياي، والقتال ما يزال مستمراً حتى كتابة هذا البيان.
واتهمت الحركة الشعبية بالمعارضة في بيانها جوبا بالوقوف وراء الهجمات الأخيرة، قائلة إن الذخيرة نقلت بالطائرة من العاصمة إلى مهبط طائرات ياي، وزادت: (إن هذه مؤشرات على أن النظام يشنّ حرباً شاملة ضد السلام في ولاية نهر ياى وأجزاء أخرى من البلاد).
ودعا البيان الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيقاد) إلى إدانة الهجمات وتحميل جوبا مسؤولية عن انتهاكات وقف إطلاق النار. وأردف البيان بأن (هذه الهجمات الخطيرة والمتكررة تصل حد الانتهاكات)، وأكد أن محادثات السلام مستمرة وسيتم توقيع على الاتفاق النهائي بأديس أبابا.
الخرطوم – فائز عبد الله
صحيفة المجهر السياسي.