أكثر المتشائمين لو قدم شهادته بصدق، لن يرفض توصيف خطوة حل الحكومة وتقليص عدد الوزارات من 31 الى 21 وتقديم شخصية مثل السيد معتز موسى في منصب رئيس الوزراء بأنها تمثل خطوة في الاتجاه الصحيح والجاد لتقليل الإنفاق الحكومي والمضي في اتجاه معالجة الأوضاع الاقتصادية التي تواجهها البلاد.
قد لا نستطيع أن نصف هذه الخطوة بأنها تمثل امتداداً لخطوات ومراحل سابقة أكثر من كونها محاولة جديدة ربما طرأت وأملتها ظروف فشل الحكومة السابقة في تقديم الحلول وتحقيق الأهداف والبرامج المعلنة للإصلاح الاقتصادي.
بل قد لا يفيدنا وصف هذه الخطوة بأنها مواصلة في برنامج موضوع مسبقاً لأن الإحساس العام بجدوى الخطط والبرامج السابقة ليس إيجابياً على الإطلاق..
وبالتالي فإن التحدي والرهان الكبير سيكون على رئيس الوزراء الجديد أن يثبت للجميع أنه يمتلك قراره وفرصته تماماً ولديه أفكاره العلمية المدروسة عند محك اختيار طاقمه بطريقة مختلفة تحقق على الأقل معنى مقولة (العترة بتصلح المشي)، لأنه في الواقع كانت هناك (عترات) متتابعة مرت بها الحكومات والطواقم الوزارية السابقة لكنها لم تعتبر بالفشل المتكرر ولم تتعلم المشي الصحيح.
وكل هذا لا يتحقق إلا في حالة إسقاط أو تأخير أولوية معايير المحاصصة والتوازن السياسي والحزبي في حكومة معتز موسى القادمة لصالح معيار الكفاءة والقدرة والتأهيل الذي يتوفر في عناصر فريقه الوزاري الذي سيتم اختياره..
الواقع الاقتصادي قابل للإصلاح لأن فرص بلادنا وثرواتها لا تزال حاضرة ومتوفرة، فقط نحتاج إلى ثورة إدارية حقيقية والى عمل علمي مدروس وإلى علاقات خارجية صائبة متوازنة مجدية وحكيمة.
معتز موسى من الشخصيات الشابة ذات الكاريزما والجرأة والوعي والكفاءة.. رجل يحظى بقبول كبير.. سياسي يتحدث بالأرقام والمعلومات ويحمل شهادات عليا ويمتلئ بالطاقة والحيوية مما يبعث إحساساً بالتفاؤل بقدومه وبقيادته للحكومة في هذه المرحلة بشرط أن يقود حكومة تشبهه وتشبه أفكاره.
وحتى لا نبالغ في التفاؤل نقول إن هذه الخطوة أزالت الكثير من التشوهات في الجسد الحكومي المعتل وخفضت نسبة كبيرة من الدهون في جثة الحكومة المترهلة.. وحققت لحد ما مرحلة وخطوة حقيقية في اتجاه الوصول الى وصف الحكومة الرشيقة، لكن مع كل ذلك لا تزال هناك شحوم ودهون وزوائد دودية تنتظر الإزالة والاستئصال.. الشارع يطمع في المزيد من التخفيض والإلغاء والدمج في الأجهزة والأجسام الحكومية التي لا يتناسب وجودها مع واقع الشح والعجز الاقتصادي الذي تعيشه بلادنا.
المواطن العادي يريد إجابة عن أسئلة محددة: هل سيحقق التغيير الحالي إسعافاً وانتشالاً سريعاً له من أزماته وطوابير الانتظار وملاحقة ضروريات الحياة خلف الصفوف اليومية؟
وما الذي يمنع ذلك لو صدقت النوايا وغابت المجاملات وارتفعت نسب النزاهة والصدق والوطنية وإحساس المسؤولين بمعاناة الناس؟..
نعم معتز موسى كشخص لا يمتلك عصا موسى.. لكن بنظرة فاحصة عادلة ومعايير صحيحة يطبقها بصرامة، سيجد ألف موسى آخر يقبل التحدي ويعينه في المشوار.
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين.
صحيفة اليوم التالي