بعد حادثة سفيرنا بليبيا السفراء.. رسل الإنسانية تحت مرمى النيران

لم تكن حادثة تعرض سفير السودان بدولة ليبيا عثمان الفكي لاعتداء عنيف من قبل مجموعة ليبية متفلتة، كانت تحمل السلاح تمكنت من الاعتداء عليه ونهب هاتفه الجوال مع تعرضه لإصابات طفيفه في الوجه، لم تكن الأولى من نوعها في حالة التعرض للاعتداء، وسبق أن تعرض عدد من السفراء لحالات مماثلة سواء كانت من عناصر داخل البلد المعنية أو من عناصر سودانية معارضة مقيمة بالخارج.

الفكي يوضح

عقب تعرض السفير الفكي للحادثة اتصلت عليه (الصيحة) للتأكد مما حدث، حيث أشار الفكي إلى أنه بوضع صحي جيد، وعاد لمكتبه في نفس يوم الحادثة مزاولاً نشاطه، وقال إنه قام بتمليك وزارة الخارجية كل تفاصيل الحادثة، وكانت الخارجية قد أصدرت بياناً قالت فيه إن مبعوثها بليبيا تعرض لاعتداء جسدي من قبل مجموعة ليبية متفلتة أدت لإصابته في الوجه.

السفير الفكي قلل في حديثه لـ(الصيحة) من الحادثة، لدرجة القول إنه باشر عمله في السفارة بعد ساعات معدودة من وقوعها، وأضاف أن الاعتداء عليه لم يكلفه دخول المستشفى ولم يحتاج لأي تدخل طبي، بل كان عبارة عن كمدات بسيطة في وجهه شبيهة بتلك التي تحدث للأطفال في حالة نشوب صراع بينهم، وشدد بقوله :(أنا بخير وبكامل عافيتي).

وأشار السفير في معرض حديثه إلى تواجده في منطقة ملتهبة بسبب الأوضاع الآنية بليبيا .

حوادث وشواهد

في العام الماضي ضجت وسائل الإعلام بخبر تعرض منزل سفير السودان بيوغندا وقتذاك عبد الباقي كبير لسرقة، وبعدها تبين أن السفير السوداني فقد 30 ألف دولار من منزله، واتهم حينها عناصر أجنبية تعمل معه بسرقة منزله المجاور لمنزل مدير الأمن اليوغندي .. المهم في الأمر فإن أمر الاعتداء على السفراء والسفارات بالخارج أصبح أقرب للظاهرة، وبالعودة للوراء نجد أن السفارات السودانية تعرضت لكثير من الهتافات والمضايقات خاصة في لندن وبرلين وباريس، حيث درج المعارضون بالخارج على تنظيم مظاهرات أمام السفارات في تلك البلدان والتنديد بسياسات الحكومة، ولم تخل تلك المظاهرات من اعتداء لفظي وجسدي في بعض الأحيان على السفراء .

أبرز الاعتداءات

في العام 2007م سير ناشطون سودانيون معارضون ببروكسل البلجيكية مظاهرة حاشدة إلى مقر سفارة السودان تحت شعار يوم التضامن مع دارفور، لم يتوان المعارضون عن تحطيم السفارة السودانية وإلحاق أضرار بالغة تمثل في تحطيم نوافذ السفارة وتحطيم مكتب الاستقبال.. وقتها أبدى سفير السودان ببروكسل نجيب الخير عبد الوهاب حسرته الشديدة على الاعتداءات التي وقعت على السفارة.

الشاهد في الأمر أن سفارات السودان بالخارج دائماً ما تتعرض للاعتداءات من قبل السودانيين المعارضين مثلما حدث في بروكسل وبرلين في سنوات ماضية، لم تكن حادثة بروكسل هي الأولى حيث قامت جماعة الحوثي اليمنية قبل أقل من عام بالاعتداء على السفارة السودانية بصنعاء وتحطيمها ونهب كل ممتلكاتها، وقتها وصف سفير السودان باليمن الفريق محمد أحمد الدابي ما حدث (بالهمبتة)، وقال لـ(الصيحة) إن مجموعة الحوثي درجت على النهب والسرقة بغرض توفير الرواتب لجنودها.

مقتل حارس منزل السفير

وفي مطلع مايو الماضي أطلقت قوة من شرطة إفريقيا الوسطى الرصاص على منزل سفير السودان ببانغي يحيي عبد الجليل، وترتب على ذلك الاعتداء مقتل حارس منزل السفير صالح أبو هنية المنتدب من الاستخبارات، الأمر الذي دفع وزارة الخارجية بالخرطوم لاستدعاء سفير أفريقيا الوسطى بالخرطوم وتسيلمه احتجاجاً رسمياً من حكومة السودان لتسليمه لحكومة بلده ومطالبة الخرطوم بتقديم الجناة للعدالة وحماية السفير وطاقم السفارة بعاصمة أفريقيا الوسطى.

تزامن ذلك مع تحركات جادة من بانغي رتبت زيارة عاجلة لرئيسها سامليس ماثيو الى الخرطوم التقى بنظيره الرئيس عمر البشير ونائبه الأول بكري حسن صالح .. حينها قال ساملوس إنه جاء للخرطوم لتقديم واجب العزاء في مقتل موظف السفارة السودانية، مشيراً إلى أن بلاده تدين الحادث بشدة وتعهد ببذل قصارى جهده لمعرفة الحقيقة والتحري حول الحادثة، واقترح على حكومة الخرطوم إرسال بعثة تقصي حقائق إلى بانغي للتقصي حول ملابسات الحادث.

تأمين البعثات

قبل أشهر مضت وتحديداً بعد عملية الحصار للمسجد الأقصى من قبل الكيان الصهيوني سيرت جموع من الشعب الأردني مسيرة هادرة أمام سفارة إسرائيل بالأردن رفضاً لحصار الأقصى بعدها حدثت اشتباكات واعتداءات لم تتوان عناصر التأمين الإسرائيلي عن إطلاق الرصاص على المظاهرين وقتل مواطن أردني، وحماية طاقم السفارة الإسرائيلية من الاعتداء، وهنا تبرز أهمية الأدوار التي تلعبها عناصر التأمين في وقاية السفارات والسفراء من الاعتداءات.

وهنا يقول السفير إبراهيم الكباشي إن اتفاقية فينا للعلاقات الدبلوماسية الموقعة في العام 1961م، تشير إلى أن الدولة المضيفة هي من توفر الحماية للسفارات والسفراء، وحول إمكانية إرسال قوة عسكرية لحماية السفارة والسفير، قال الكباشي لـ(الصيحة) يمكن أن يتم ذلك باتفاق مع الدولة المضيفة، وبعدها يتم إرسال قوة عسكرية لحماية البعثة الدبلوماسية موضحاً أن اتفاقية فينا للعلاقات الدبلوماسية لا تمنع إرسال قوات عسكرية لتوفير الحماية للسفارات .

إجراءات احترازية

عملية الاعتداء على السفارات والبعثات الدبلوماسية بالخارج تتطلب عددا من الإجراءات الاحتزارية تتمثل في تأمين عناصر السفارة من سفراء وموظفين عطفاً على تأمين عبر سياج أمني قوي على مقار السفارات، هنا يقول السفير الرشيد أبوشامة: يجب على كل سفير الابتعاد عن كل شيء يعرض حياته للخطر، وقال أبوشامة إن قانون الحصانات والامتيازات الدبلوماسية تتحدث فقرته الأولى عن حماية السفير بكافة الطرق.

وحول حادثة ليبيا وتعرض سفير السودان للضرب قال أبوشامة لـ(الصيحة) علمت أن السفير السوداني بليبيا ذهب لأحد المحال التجارية، وهناك التقته العصابة واعتدت عليه وهذا خطأ يتحمل مسوؤليته السفير، وأردف بقوله : (كان يجب عليه ألا يذهب للمحلات التجارية حافظاً على هيبته كسفير وحافظاً على هيبة دولته)، وختم بالقول:(كان يجب عليه أن يتحرك وفق حراسة أمنية مشددة خاصة وان ليبيا تتعرض هذه الأيام لانفلات أمني كبير يجعل كل شخص تحت نيران الخطر).

الخرطوم: عبد الرؤوف طه
صحيفة الصيحة.

Exit mobile version