حاكموا هؤلاء بتهمة تخريب الاقتصاد ..

هل صحيح أن بنك السودان المركزي اشترى خلال الفترة الماضية ذهباً من المعدنين وتجار الذهب بنحو (700) مليار جنيه قديم ، ما أثر بشكل واضح على حجم السيولة في البنوك التجارية حتى صار رصيد خزائنها (صفراً) كبيراً ؟!
لماذا يشتري بنك السودان عبر مصفاة الذهب ، المنتج في مناطق التعدين (بالكاش) حتى لو كان المبلغ (ملياراً واحداً) دعك من (سبعمائة مليار) ؟!
كيف يطالب بنك السودان عملاء البنوك بالتوجه نحو المعاملات الإلكترونية والسداد بالبطاقات المصرفية لتقليل استخدام (الكاش) ، بينما يكون البنك أول مخالف لسياساته وتوجيهاته ، فيدفع مليارات الجنيهات – نقداً ومن فئة الخمسين – لـ(الدهابة) ؟!
أي خطل هذا .. وأي جريمة ارتكبها هؤلاء الموظفون في حق الشعب السوداني وفي حق اقتصاده المعطوب !!
الذهب ثروة قومية خرجت للناس من باطن أرض الدولة ، بموجب تراخيص تجارية للمنفعة العامة والخاصة في مناطق مملوكة للدولة ، وهي ليست (ملكاً حراً) لأي من المواطنين أو الشركات المنقبة ، وبالتالي يتوجب على جميع المعدنين التقليديين وشركات الذهب الالتزام بالسياسات النقدية لبنك السودان واستلام مستحقاتهم بالشيكات المصرفية بتاريخ تسليم الذهب ، وليس من حقهم المطالبة بـ(الكاش) بدلاً عن (شيكات) معتمدة وصادرة عن البنوك !!
وطالما أنهم يرفضون التعامل بالشيكات مع البنك المركزي ، فهذا يعني أنهم لن يودعوا هذه المبالغ الهائلة في حساباتهم لدى البنوك ،وبهذا يكون بنك السودان – نفسه – قد ساعد على هروب مليارات الجنيهات من النظام المصرفي !!
أفهم أن (الدهابة) يحتاجون إلى كمية من (النقد) لمقابلة احتياجات العمال في الخلاء ووقود الآليات وصيانتها وغير ذلك من التجهيزات ، ولكن هذه المنصرفات لا تساوي (5%) من قيمة الذهب المستخرج والمباع لمصفاة الذهب ، فكيف يطالبون البنك المركزي بكل الفاتورة (نقداً) وليس (عُشرها) .. مثلاً ؟!
يحدث هذا في الوقت الذي يصطف فيه آلاف المواطنين داخل فروع البنوك في مدن السودان المختلفة كل صباح دون أن يجد أحدهم (ألفي) جنيه من حسابه لعلاج ابنه أو شراء قوت شهره ، بينما يهدر البنك المركزي مئات المليارات (كاش) على شراء الذهب ليكنزه التجار في خزائنهم في المكاتب والبيوت .. أو يبدلونه دولاراً !!
لو كنت حاكماً ، لقدمت هؤلاء الموظفين ومن أمرهم مع المعدنين الرافضين للشيكات المصرفية إلى محاكم الفساد بتهمة تخريب الاقتصاد الوطني ، قبل المحتجزين بالحراسات منذ أشهر تحرياً لإثبات إداناتهم !!

صحيفة المجهر السياسي

Exit mobile version