رغم أن مناسيب النيل اليوم تعد الأكبر منذ عقود خلت، وأن المياه وصلت خلال هذا الموسم حدوداً لم تبلغها منذ أكثر من (10) سنوات، إلا أن وزارة الري والموارد المائية والكهرباء لا تزال تطلق كل يوم تحذيراً جديداً من زيادة في معدلات هطول الأمطار في الهضبة الأثيوبية ما يرتب زيادة في مناسيب النيل الأزرق ربما تؤدي إلى فيضان لا تسلم منه أي من المدن، وألقى على شواطئ النيل على امتداد السودان
ولم يكن النيل الأزرق المهدد الوحيد، إذ أن كل الروافد الموسمية مثلت تهديداً هذا العام منذ بداية فصل الخريف عندما اجتاح نهر القاش مناطق من كسلا وغمر الدندر عدداً كبير من القرى حوله بمحليتي المفازة والندرد بولايتي القضارف وسنار كما اجتاح نهر عطبرة عدداً من قرى خشم القربة وعدداً من قرى محلية نهر عطبرة بنهر النيل، فيما اجتاح النيل الرئيسي عددا من المناطقة بمحلية مروي.
وأكدت الإدارة العامة لشؤون المياه والخزانات بوزارة الري ارتفاع مستوى المحابس حتى نهار الأمس مؤكدة أن محبس “خشم القربة ــ عطبرة” يشهد ارتفاعاً ملحوظاً فيما يشهد محبس “سنار – الخرطوم” ارتفاعاً مماثلاً، وتوقعت وصول موجة مرتفعة من المياه إلى ولاية الخرطوم خلال الساعات المقبلة بعد أن تم رصدها في محظة الديم في الأيام الفائتة. وأطلقت الإدارة تحذيرات لسكان المناطق المحاذية للنيل والأحباس المرتفعة بتوخي الحيطة والحذر مشيرة إلى أن تصريف محطة الديم قد وصل الأسبوع الماضي على النيل الأزرق إلى 719 مليار متر مكعب متجاوزاً مستوى الفيضان المحدد بـ(610 مليار متر مكعب)، فيما وصل ارتفاع نهر الدندر إلى 13.44 متر عند محطة قياس النهر بزيادة 5 سم.
أمطار قادمة
كشف رئيس وحدة الإنذار المبكر بالهيئة العامة للأرصاد الجوية أبو القاسم إبراهيم إدريس في حديثه لـ(الصيحة) عن توقعاتهم بهطول أمطار في جميع أنحاء البلاد خلال الساعات المقبلة عقب تقدم الفاصل المداري ووصوله حتى جنوب مصر في الوقت الذي تراوحت أمطار ولاية الخرطوم في اليومين الماضيين ما بين 22- 38 مليمتراً مع توقع أمطار خفيفة إلى متوسطة في الولايات الواقعة في شمال البلاد وأمطار متوسطة إلى غزيرة في الشرق والبحر الأحمر وولايات كردفان ودارفور وأمطار متوسطة في وسط البلاد والحزام الجنوبي. ودعا أبو القاسم جميع المواطنين الذين يسكنون في المناطق المكشوفة والعاملين في مجال تنقيب الذهب مما قد تسببه هذه الأمطار في هدم آبار التنقيب العشوائي بمناطق التعدين المختلفة بتوخي الحيطة والحذر.
المياه الساقطة
وأشار مصدر بوزارة الري ــ فضل حجب اسمه لـ(الصيحة) إلى أن المياه الساقطة في السودان تمثل تحدياً آخر كون أن كثيراً منها يتجه لتغذية النيل خاصة النيل الأبيض ما يزيد من ارتفاع مناسيبه ضارباً المثل بالمياه التى يحملها خور أبو حبل الذي ينحدر من أقصى جنوب كردفان ماراً بشمال كردفان والنيل الأبيض حتى يصب في النهر. موضحاً أن المياه إن زادت عن الحد ربما تمثل خطراً على الحفائر والسدود التي أنشئت ضمن برنامج حصاد المياه.
تحت السيطرة
ورغم التحذيرات والتخوفات، الا أن الأمر لا يزال تحت السيطرة فيما يتعلق بالاستعدادات التي توفرها إدارة الدفاع المدني، ويقول مدير شرطة الدفاع المدني الفريق هاشم حسين إنهم يقفون على أهبة الاستعداد لاستقبال كافة البلاغات على مدار 24 ساعة، مؤكدًا أن غرفة العمليات تعمل على استنفار كافة آلياتها من طلمبات غاطسة لشفط المياه والتنسيق مع الجهات المشتركة لمجابهة الفيضان ومعالجة الموقف متى ما حدث أمر طارئ، مشيرًا إلى أن غرفة الطوارئ استطاعت قياس حجم المشكلة في الفترة السابقة بصورة جيدة، معلناً عن استعدادهم لتدارك مشكلة الفيضانات، مؤكداً بأن غرف الطوارئ ستعمل جاهدة لتقديم المساعدات للمتضررين بالتنسيق مع الجهات الأخرى في الفترة المقبلة.
استنفار الجهد الشعبي
مدير شرطة الدفاع المدني الفريق هاشم حسين دعا لتكثيف الجهد الشعبي لمجابهة الطوارئ مؤكداً أن المجتمع يمكن أن يقوم بدور كبير في هذا الإطار، مشيراً لحاجة الدفاع المدني إلى تكاتف الجهود، وقال “على المحليات أخذ التحوطات والتدابير اللازمة لمجابهة أي خطورة جراء ارتفاع المناسيب” وناشد المواطنين بأخذ الحيطة والحذر حفاظاً على الأرواح معبراً عن ثقته في طبيعة الشخصية السودانية التي لا تتوانى عند الكوارث، وأشار إلى دور الأجهزة الإعلامية كوسيط مشترك في مجابهة مشكلة ارتفاع مناسيب النيل.
عودة المياه إلى مجاريها
ورغم أن الأخبار لا تزال تترى حول تفلتات نهر الدندر، إلا أن معتمد الدندر عبد العظيم آدم يوسف رئيس غرفة طوارئ الخريف بالمحلية أكد في تصريح لـ(الصيحة) استقرار الأوضاع في المنطقة، مشيرًا الى أن المحابس العليا مع الحدود الأثيوبية بدأت في التراجع، مؤكدًا عودة المياه إلى حوض نهر الدندر مبيناً أن تخوفاتهم في الأيام الأولى للفيضان جاءت من واقع أن نهر الرهد فاض مبكراً، بيد أن المعتمد أكد أن النهر لم يواصل فيضانه وانخفض إلى الحد الرئيسي المعهود، قاطعاً بأن مقياس نهر الدندر وصل صباح أمس إلى 13.44 متر وليس له أي آثار تخريبية واضحة.
مخاطر السيول
معتمد الدندر أعاد اجتياح القرى للسيول، وقال إن هنالك نسبة عالية من السيول قد اجتاحت بعض القرى وأثرت عليها تأثيراً جزئياً خاصة في بعض المساحات الزراعية التي اقتحمتها المياه، مشيراً إلى أن اللجنة الفنية قدرت المساحات التي غمرت بالسيول والخسائر الزراعية بما يقارب (3800) فدان سمسم فضلاً عن مناطق لم يتم حسابها لصعوبة الدخول إليها مشيراً إلى أن الموقف الصحي مستقر تماماً، وقال “ليس هنالك أي نفوق في الثروة الحيوانية أو إصابات بينما تعمل حملات الرش بالطلمبات بصورة دائمة”، مؤكداً توفر الأدوية والعلاجات والكوادر الصحية بكل الوحدات والمراكز الصحية وهم على أهبة الاستعداد لأي طارئ ووجود متخصصين للاسعافات المستمرة في حالة حدوث أي طارئ يحتاج إلى تدخل مؤكداً استنفار الغرفة بكل امكاناتها لمجابهة خطر الفيضان في أعقاب الزيادة الأخيرة.
الخرطوم: آيات مبارك
صحيفة الصيحة.