اندلعت، الثلاثاء، في مدينة القامشلي، شمال شرقي سوريا، تظاهرات احتجاجية على قيام (الأسايش) وهي قوات تابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، كنظيرتها وحدات حماية الشعب، أو المعروفة بقوات سوريا الديمقراطية، بإغلاق أربع مدارس مسيحية سريانية. فيما واصل المحتجون على قرار الإغلاق، تظاهرهم الاحتجاجي، يوم الأربعاء.
وقال موقع تلفزيون “رووداو” الكردي، إن مدينة القامشلي شهدت، الثلاثاء، خروج مسيحيين بمظاهرة تندد بإغلاق مدارس السريان، من قبل الإدارة الذاتية المعلنة من قبل حزب الاتحاد الديمقراطي وأحزاب أخرى متحالفة معه. على حد تعبيره.
وكان “المرصد الآشوري لحقوق الإنسان”، وهو مركز يعنى بحقوق المسيحيين في الشرق الأوسط، ومقرّه في السويد، قد نبّه الإدارة الذاتية الكردية، بأن كنائس مسيحيي سوريا ومدارسها، هي “خط أحمر، لا يمكن العبث به”. حسب تصريح لجميل ديار بكرلي، المسؤول التنفيذي للمرصد الآشوري لحقوق الإنسان، في 24 من الشهر الجاري.
واعتبر ديار بكرلي، ما تقوم به الإدارة الذاتية من إغلاق للمدارس وتجنيد قسري للشبان ومصادرة أملاك مهاجرين، بأنه نوع من أنواع التضييق على “ما تبقى” من المسيحيين في منطقة الجزيرة السورية، حسب وصفه.
وكانت الإدارة الذاتية الكردية، قد قامت، سابقاً، بإغلاق مدرسة السريان الخاصة، في مدينة المالكية، الواقعة على المثلث الحدودي بين سوريا والعراق وتركيا، بتاريخ التاسع من الشهر الجاري، بعدما وجهت إليها إنذاراً بالإقفال، بتاريخ السابع منه. وفق المرصد الآشوري الذي قال إن هذا الإغلاق يأتي ضمن ما اعتبره حملة تضييق كبيرة انتهجتها الإدارة الذاتية الكردية، بحق المدارس المسيحية الخاصة، في المحافظة، منذ ثلاث سنوات، على حد وصفه وتأكيده.
وشهدت مدينة القامشلي عدة تظاهرات، احتجاجاً على قيام الإدارة الذاتية الكردية، بإقفال مدارس سريانية في المدينة، في مسعى لإعادة تشغيل هذه المدارس. واجتمع مئات الأشخاص أمام إحدى المدارس السريانية الخاصة، وتدعى (الأمل)، للتنديد بقرار الإقفال. مع الإشارة إلى أن بعض المواقع السورية المعارضة للنظام السوري، قد نقلت أن الإدارة الذاتية قد قامت بإقفال 9 مدارس للسريان الأرثوذوكس، و4 مدارس للأرمن الأرثوذوكس، ومدرسة للسريان الكاثوليك، ومدرستين للبروتستانت.
وتحدثت مصادر إعلامية مختلفة، عن قيام المتظاهرين بتحطيم أقفال أبواب عدة مدارس كانت الإدارة الذاتية الكردية قد أقفلتها، وهي مدرسة (الأمل) ومدرسة (مار افرام) ومدرسة (مار كيريل).
ورداً على إجراءات الإدارة الذاتية، بخصوص إقفال مدارس مسيحية، في القامشلي، كان اجتمع في الثامن عشر من الشهر الجاري، رؤساء وكهنة الكنائس المسيحية في الجزيرة والفرات، وأصدروا بياناً، يرفضون فيه، ما أعلنته الإدارة الذاتية، بوجوب ترخيص المدارس المسيحية وفق مناهج الإدارة المذكورة، وإلا فإنها ستتعرض للإغلاق. حسب البيان الذي أصدره رؤساء الكنائس المسيحية.
وأكد البيان، رفض المجتمعين، لما وصفوه بالتدخل والتعدي على جميع حقوق المسيحيين، بما فيها، رفض أي نوع من محاولات فرض تراخيص أو مناهج على مدارس المناهج. معتبراً أن إغلاق المدارس، يمثل رسالة بالغة الخطورة تمس الوجود المسيحي في المنطقة.
بدورها، قامت الإدارة الذاتية، بالرد على التظاهرات التي اندلعت رفضاً لإغلاق المدارس، وأصدرت بياناً، الثلاثاء، قالت فيه إن “ممثلين عن المجتمع السرياني” ووصفتهم بشركاء مشروع الإدارة الذاتية، حاولوا القيام “بما يضمن سير العملية التعليمية وفق ما يخدم دور وتاريخ ومستقبل الشعب السرياني العريق”.
وجاء في بيان الإدارة الذاتية الكردية، أن الهدف الذي يخدم الشعب السرياني، هو “إدخال اللغة السريانية” في المناهج الدراسية. واتهم بعض من سمّاهم مقربين من النظام السوري، من أبناء الكنيسة، بأنهم يصرّون على تعليم لغة سريانية “طقسية”، تلائم “توجهات (حزب) البعث” الحاكم في سوريا.
وقال البيان إن بعض القريبين من دوائر النظام السوري، يصرون على تدريس كامل منهاج النظام، في المدارس. بحد تأكيده، معتبراً أن التظاهرات التي جرت الثلاثاء، نظّمها تابعون للنظام السوري، وبعض رؤساء الكنائس، ومن سمّاهم (الطابور الخامس للنظام).
واعتبرت الإدارة الذاتية، أن ما شهدته التظاهرات المنددة بإغلاق المدارس السريانية، الثلاثاء، من رفع “أعلام النظام”، يؤكد أن تلك المدارس التي تم إغلاقها “تدار بشكل مباشر أو غير مباشر، من قبل النظام (السوري)، بهدف الاستمرار بتدريس مناهجه”، واتهمت من سمّتهم بـ”البعض ممن يدعون انتماءهم للكنيسة” بأنهم “واقعون تحت تأثير النظام وتنفيذ رغباته”.
وردّ بيان الإدارة الذاتية، في هذا السياق، على بيان رؤساء وكهنة الكنائس المسيحية في الجزيرة والفرات، والذي صدر في 18 من الجاري، والمندد بإقفال المدارس السريانية. وقال بيان الإدارة الذاتية، إن ما صدر عن هذا الاجتماع “لا يمثل الكهنة ورجال الكنيسة”.
إلى ذلك، أصدر ما يعرف بالمجلس الآرامي السرياني العالمي، والمعروف اختصاراً بـ WCA، وهو منظمة غير حكومية تعمل بصفة استشارية لدى الأمم المتحدة، بياناً يستنكر فيه قيام الإدارة الذاتية، بإغلاق مدارس سريانية.
وقالت سارة باكير، وهي مندوبة ارتباط بين المجلس الآرامي والأمم المتحدة، إن الإدارة الذاتية أغلقت 4 مدارس سريانية، بالقوة، في منطقتي ديريك والدرباسية، في القامشلي. وأكدت باكير في تصريحها، أن كل احتجاج على وحدات حماية الشعب، وعلى ما يعرف بـ”مجلس سوتورو السرياني العسكري”، وهو تنظيم حليف للإدارة الذاتية في شمالي سوريا، فيقابل بتهديدات بالقتل أو يتعرض لاعتداء ما، بحد تأكيدها.
العربية