ضخ بترول دولة الجنوب ينعش اقتصاد السودان

خرجت دولة جنوب السودان او الدولة الوليدة كما يحلو للبعض تسميتها، خرجت قبل عدة سنوات من ضلع السودان ومنذ الصرخة الأولى لها لم تعرف الاستقرار، حيث اندلعت المناكفات التي أدت بدورها الى حرب أهلية قضت على كل الأمن والاستقرار الذي كان يعيشه مواطن جنوب السودان بعد انفصاله عن السودان عام 2011م, وبلغ عدم الاستقرار انهيار بقية مستويات الدولة تضرر منها الاقتصادي والأمني، وأصبح مواطنوها يغادرون البلاد باللجوء لدول الجوار والبقاء بمعسكرات حماية الأمم المتحدة، كما انعكس هذا التدهور على العلاقات بين الخرطوم وجوبا والتجارة بين البلدين، هذا غير تضرر الاقتصاد السوداني بالانفصال، لكن مع البدء في ضخ النفط عبر أنابيب هجليج من جديد الى ميناء بورتسودان، أصبحت هناك بارقة أمل تلوح في الأفق لمواطني الدولتين (السودان وجنوب السودان) على حد سواء بالانفراج، وبات الاثنان يأملان بالوصول الى سلام في دولة الجنوب لما يمكن ان يعود بالأمن على مواطن الجنوب والسودان معاً, حيث ستكون من ضمنها تنفيذ الاتفاقيات المبرمة بين السودان والجنوب التي وقعت في 2012م التي من اولوياتها استناف ضخ بترول دولة الجنوب عبر خط الأنابيب السودانية. (الإنتباهة) بدورها استطلعت الخبراء والمختصين في السياسية والاقتصاد حول ما جرى:-

 

سد عجز الدولتين
أما المحلل السياسي بدولة جنوب السودان بوب سابيو اعتبر ان النفط قبل الحرب بدولة الجنوب يمثل نسبة 95% ومصدر الايرادات الرسمي بالنسبة للحكومة في جوبا لذلك تراجع الاقتصاد الوطني بعامل وقف انتاج النفط، مضيفا ان الانتاج قبل الحرب كان (350) الف برميل في اليوم تقريبا واثناء الحرب تضاءل الانتاج الى نحو 120 و160 الف برميل في اليوم الواحد, في غضون ذلك يعتبر مؤشرا وتراجع الانتاج القومي للدولة، وهذا ادى لـ(هز) اقتصاد الدولة بالصدمة الاقتصادية الاخيرة وتدهورت العملة الوطنية نتيجة لانخفاض عائدات الحكومة من العملة الصعبة الذي كان النفط يمثل المصدر الرئيس لها وتراجعت ميزانية الدولة، مشيرا الى أن قبل ذلك كانت الميزانية للحكومة قرابة (2) مليار ونصف المليار دولار وبعد الحرب كانت إجازة آخر ميزانية (600) مليون دولار اضافة لإجازة هزة الميزانية هي عبارة عن جزء بسيط مما يصدر من البترول واشياء اخرى, لافتا أن زيادة الانتاج بنسبة 70% في سبتمبر سوف يزيد من موارد الدولة.

وزاد المحلل بوب سابيو أن البرلمان القومي لجنوب السودان بعد انتاج وتصدير البترول سيعمل على اجازة ميزانية اخرى وهذا ما يقود الى انفراج نسبي في الوضع الاقتصادي بدولة الجنوب ، كما رهن بوب هذا بالاستقرار والسلام ونجاح الاتفاقية بين الفرقاء بدولة جنوب السودان التي ما زالت الجولات قائمة في تحقيق السلام الشامل.

 

وقال اذا لم تشهد البلد الاستقرار بما يقودنا الى المربع الاول للحرب والانتاج المنخفض من النفط ولكن بعد مؤشرات السلام الجارية والتقدم في الاتفاق تقول كل المعطيات سيكون الواقع مبشرا، أما على مستوى السودان يقول بوب ان السودان تأثر كثيرا بعد انفصال الجنوب وفقد ثلث عائداته وتسبب هذا بتدهور اقتصادي مريع ، مضيفا أن انتاج السودان الحالي يتراوح مابين (60-70) الف برميل في اليوم مع زيادة الانتاج في الجنوب وإيجار خط الانابيب لعبور نفط الجنوب سوف يحصل السودان على (700) مليون دولار باقي هذا العام عبارة عن رسوم عبور نفط دولة الجنوب, مؤكدا على ان موازنة السودان بها ايضا عجز يقدر بحوالي مليار الى (2) مليار دولار لكن السودان اذا حصل خلال الـ(4) الأشهر على مبلغ (700) مليون دولار سوف يمثل ذلك حوالي (%72) من عجز الميزانية الذي يواجه اقتصاد حكومة الخرطوم مع مؤشرات التحسن قطعا كل ذلك سيؤكد ان الانعكاس سوف يكون ايجابيا على الدولتين، وايضا يقود الى حل أزمة العملة الأجنبية التي يعاني منها السودان كما هو معروف تذبذب سعر الصرف على الجنيه السوداني اذا تم الاستفادة من عوائد البترول في الفترة المقبلة سوف يكون هذا حلا نهائيا للعجز الذي تعاني منه الميزانية السودانية.

 

تنفيذ الاتفاقية
في السياق يرى القيادي بالحركة الوطنية الديمقراطية المعارضة بدولة جنوب السودان الدكتور اولاو اديانق يرى ان ضخ البترول عبر الانابيب السودانية سوف يعود على السودان بعملات صعبة التي ظل اقتصاده في تدهور مستمر وتضخم يزداد يوما بعد يوم مما جعل الأسواق في تزايد يومي في اسعار السلع لكن ربما وبعد استئناف ضخ بترول دولة الجنوب يتحسن الاقتصاد السوداني ويتعافى من التدهور، ويقول دكتور اولاو انه على صعيد دولة جنوب السودان سوف يساعد في تنفيذ اتفاقية السلام خاصة وان الاتفاقية تحتاج لدعم خاصة وان المجتمع الدولي غير متحمس للاتفاقية الحالية بوجود الرئيس سلفاكير ودكتور رياك مشار على خلفية وجودهما لن يتم تنفيذ الاتفاقية ولكن مع مرور الوقت اعتقد قد تتغير وجهة النظر هذه شريطة ان يتحقق السلام ولكن من زاوية اخرى يرى الدكتور اولاو انه حال لم يتحقق السلام قد تكون هذه الأموال نقمة تذهب للفساد, ولفت ان النظام في الجنوب ظل يمارس السياسات القديمة في كيفية التعامل مع صرف الاموال, سوف تكون نقمة، مشيرا الى ان تنفيذ بنود الاتفاقية التي تتضمن نصوصا في كيفية التعامل مع صرف الأموال كما اكد على وجود مفوضية مكافحة الفساد من اجل الحفاظ على الأموال العامة وصرفها على التنمية وعن رأيه من بعض المتشائمين قال ان هولاء ربطوا المقارنة بالعهد السابق للنظام بأن الأموال ذهبت لجيوب القلة وعدم استفادة الشعب من هذه الأموال وهذا ما اتى بالتخوف والتشاؤم لكن بعد الاتفاقية متمنيا نجاح الاتفاقية بالاصلاحات الامنية والاقتصادية يمكن ان يسهم السلام والبترول في التنمية الحقيقية.

 

استقرار الجنوب
القيادي في حزب المؤتمر الشعبي المشارك في الحكومة دكتور الأمين عبدالرازق اكد على انهم في حزب المؤتمر الشعبي متحمسون على ان تكون العلاقة مع دولة جنوب السودان جيدة ،مشددا على ان يكون الانفصال سياسيا ولايؤثر على العلاقة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية بين البلدين ، واضاف ان الاهم هو استقرار دولة جنوب السودان التي باستقرار دولة الجنوب ينعكس إيجابا على دولة السودان وخاصة الجانب الاقتصادي بين الدولتين سوف يشهد انتعاشا في الاسواق في الدولتين وخاصة السودان اذا تم فتح المعابر بصورة طبيعية سوف يجد سوقا للسلع الاستهلاكية التي تقدر بـ (6) مليارات جنيه زائدا على ايجار خط الانابيب لعبور نفط دولة جنوب السودان عبر الانابيب السودانية حيث قال من شأنه ان يسهم في تخفيف الازمة الاقتصادية السودانية،لافتا الى أن دولة الجنوب هي قد تكون من أقرب الدول التي يمكن للسودان ان يستفيد منها تجاريا واقتصادياً بحسب انهما كانتا دولة واحدة بذات الثقافة الغذائية واحدة والسودان لديه مايقارب 150 سلعة يمكن له ان يصدرها لدولة جنوب السودان، ويضيف عبد الرازق في افادته لـ(الإنتباهة) ان الناحية الامنية يمكن لجنوب السودان ودولة يوغندا ان يسهما في التقارب بين حكومة السودان والحركات المسلحة المعارضة التي تتخذ من دولة جنوب السودان ملاذا آمناً ، مشددا على اهمية الاستقرار بين الدولتين الذي يعود بالخير الوفير لمواطني الدولتين.

 

النزاعات والحروب
الخبير الاقتصادي الدكتور محمد النائر قال ان استئناف ضخ بترول دولة الجنوب عبر خطوط الأنابيب السودانية يشكل اضافة حقيقية لاقتصاد الدولتين باعتبار دولة جنوب السودان عانت كثيرا من الحرب الذي انهكتها اقتصاديا كما انها تعتمد اصلا على البترول بنسبة (90%) وبسبب النزاعات والحروب توقفت كل آبار البترول من الانتاج بذلك تأثر الاقتصاد وميزانية دولة جنوب السودان لم تتمكن الدولة الوليدة من تقديم للمواطن خدمات تذكر في التنمية بسبب النزاعات والحروب وتوقف تصدير وانتاج البترول ماعدا كميات قليلة لا تفيد شيئا.

 

واضاف من الممكن ان يعود اقتصاد دولة الجنوب اذا عاد الإنتاج كما من قبل بانتاج (340) الف برميل في اليوم من شأنه ان يخلق استقرارا كبيرا في اقتصاد دولة جنوب السودان، وكذا الحال على اقتصاد السودان سوف يحصل على سعر عبور في كل برميل بمتوسط سعر (25) دولارا في كل برميل عبارة عن رسوم معالجة وعبور ونقل ويمكن ان يحقق حوالي مليار دولار في ما تبقى من عمر الموازنة الحالية 2018 ويمكن ان يحقق (3) مليارات دولار سنويا اعتبارا من العام القادم لافتا الى أن هذا لن يكون حلا لمشاكل الاقتصاد السوداني بالكامل لكن يمكن له ان يسهم بنسبة مقدرة خاصة في سعر الصرف بالتالي يمكن دعمها بسياسات اخرى بتقديم حوافز للمغتربين عبر القنوات الرسمية بإنشاء بورصة معادن لتصدير الذهب للحد من تهريبه واسراع الخطى في تنفيذ منظومة الدفع الالكتروني لمحاربة الفساد وفعلا وليس قولا. واضاف ان كل هذه العوامل تسهم في استقرار الاقتصاد السوداني لكنها معالجات على المدى القصير مما يجعل لابد من الاهتمام بالانتاج والانتاجية لعلاج مشاكل الاقتصاد السوداني على المدى البعيد والقريب.

 

 

استطلاع: الخواض عبد الفضيل دوكة
صحيفة الإنتباهة

Exit mobile version