البديل منو ؟!

* سرت مع أزمة الرغيف الحادة التى تضرب السودان مع غيرها من الأزمات، نغمة إنهزامية بالبحث عن البدائل بدلا عن الوقوف فى الصفوف، وهى نغمة أو كلمة قد تبدو من الوهلة الأولى (كلمة حق) قصد بها التخفيف عن الناس، ولكنها فى الحقيقة (كلمة حق أريد بها باطل) القصد منها تثبيط همة الناس عن مقاومة النظام الاخوانى الكيزانى الفاسد الذى عجز قبل يومين عن تقديم مرشح جديد لرئاسة الجمهورية فى الإنتخابات القادمة وانقاذ البلاد من مصير مظلم إذا ظل البشير على جالسا على كرسى السلطة، خوفا على ممتلكاتهم وثرواتهم ومناصبهم!!

* الزميلة الصحفية والناشطة الحقوقية (هادية حسب الله) تتحففنا من وقت لآخر على صفحتها بـ(الفيس بوك) بالعديد من المواضيع والآراء الجميلة والمواقف التى تستحق الوقوف والتأمل والقراءة والتعليق .. وهى هنا تتناول بالتمحيص والنقد الموضوعى تلك النغمة الإنهزامية التى سرت على ألسنة البعض :

انحنا ما بنستاهل العيش؟!

* احد الرجال خلفى بالحافلة تبرع لشرح بدائل للخبز..واقترح تجنبا للصفوف: “النسوان ديل يخبزن عيشن فى البيوت والكيلو بيطلع 30 عيشة و…و…”، إلتفت عليه مندهشة – ليس فقط لأن بدائله تضع اعباء جديدة على النساء المرهقات أصلا – ولكننى تسألت: “ليه، نحنا السودانيين مابنستاهل عيش المخبز بدون صف وذلة” !!

* فى بلد الصرف الحكومى والأمنى فيها يتفوق على الصحة والتعليم .ليس مدهشا انه وبعد 30 عاما من ” تمكين ” الفساد ان يتم اقناع المواطن انه (لايستحق الخبز).

* فى مناقشتى مع المواطن المغلوب سألنى : “طيب كان شلنا النظام ده البديل منو !”، أجبته “البديل عيشك الحتعملوا براااك فى البيت”، فانفجرت الحافلة ضحكا ظنا منهم اننى أمازحه!!

* ولكنى حقا مندهشة ان نجد بدائل للخبز، ولا نجد بديلا لحكومة أفقرتنا حتى صرنا نستكثر الخبز على أنفسنا!!

* البديل ليس خبزاً منزلياً. البديل مجموعة اجراءات ليس مهم كثيرا من سيقوم بها بقدر اهميتها هى نفسها، ممكن تكون ما توافق عليه عدد كبير من المثقفين والنشطاء ابان مظاهرات يناير، استنادا على نداء الخلاص، وعلى رؤى المثقفين والمبدعين!!

أولاً : إزالة نظام التمكين الذي فرض على البلاد احتلالاً داخلياً، وإقامة نظام جديد يقيم دولة الوطن .

ثانياً : كفالة حقوق الإنسان وفق المواثيق الدولية وتكوين حكومة انتقالية متوافق عليها تدير البلاد إلى حين إجراء انتخابات عامة حرة ونزيهة .

ثالثاً : إبرام اتفاقية سلام عادل شامل تزيل كافة أسباب النزاع وتضع أسساً للإدارة العادلة للتنوع، وتؤمِّن عودة النازحين واللاجئين إلى مواطنهم، وتنفذ التعويضات الفردية والجماعية، فى اطار عدالة انتقالية متكاملة.

رابعاً : تطبيق سياسات بديلة متفق عليها في كافة المجالات خاصة المجال الاقتصادي التزاماً بتنمية عادلة اجتماعياً وجهوياً.

خامساً : الالتزام ببرنامج إصلاح اجتماعي شامل.

سادساً : الالتزام بعقد مؤتمر قومي دستوري لكتابة دستور البلاد، وتحديد الوسيلة الديمقراطية لإجازته.

سابعاً : اتباع سياسة خارجية تلتزم الشرعية الدولية وتوازن بين الانتماء الوطني، والعربي، والافريقي، والإسلامي، والدولي والتخلي التام عن سياسة المحاور، والحرص على الصداقة والتعاون فى المحيطين الدولى والاقليمى .

* وعلى عكس ما تدعى ابواق النظام الدعائية، فهناك بدائل عملية لسياسات النظام الاقتصادية الاجتماعية التى دفعت بغالبية الشعب الى قارعة الافقار والمعاناة لحد تهديد الحياة ذاتها، تتأسس هذه البدائل على المبادئ الرئيسية لنداء الخلاص، أى على الانتقال من نظام استبدادى فاقد الشرعية يحافظ على سلطته بصرف موارد البلاد على أمنه وجهازه السياسى المتضخم، وعلى الرشاوى والفساد وحروبه على شعبه، الى نظام ديمقراطى مراقب من الشعب يخصص الموارد لصالح الغالبية ، بما يشمل على سبيل المثال لا الحصر :

1 – إعادة بناء جهاز أمن يحافظ على الوطن لا على الحزب الحاكم وضغط ميزانيته، وتسريح المليشيات، وتحويل الموارد المتوفرة للصرف على الصحة والتعليم.

2 – تأسيس نظام الحكم اللامركزى على عدد قليل من الاقاليم.

3 – تقليص عدد الوزراء والوزارات فى المركز والاقاليم، وتخفيض الانفاق الحكومى الى اقل درجة ممكنة، وإيقاف كل ما يمكن ايقافه مثل شراء العربات وتجديد المكاتب والاثاثات الى حين تجاوز الأزمة، والتخلص من الفائض بالبيع !!

4 – قصر البعثات الدبلوماسية على العواصم الرئيسية، وايقاف الرحلات الخارجية الا للضرورة القصوى!!

5 – إلغاء جميع تعاقدات العمل الخاصة!!

6 – إلغاء الاعفاءات الجمركية الممنوحة للمحاسيب والمنظمات الحزبية، واسترداد الاموال السابقة التى تمت حيازتها بالمخالفة للقانون .

7 – إصلاح أجهزة الخدمة العامة، والقضاء ومؤسسات تطبيق القانون، والبنك المركزي والجامعات والإعلام، وضمان استقلالها وحيادها .

8 – تخصيص غالب الميزانية الحكومية للصرف على الصحة والتعليم والرعاية الاجتماعية، وإعادة توطين اللاجئين والنازحين وتوظيف الشباب.

9 – دعم السلع الاساسية ، خصوصاً الادوية والخبز والجازولين، والعودة لنظام العلاج المجانى .

10- تعيين مفوضية مستقلة لمكافحة الفساد بسلطات واسعة وفق المعايير الدولية، والتحقيق الفورى فى كل قضايا الفساد وإسترداد المال المنهوب !!

* إذا كان بالإمكان إيجاد بديل للرغيف الذى لا هو أساس الحياة، فمن السهولة إيجاد البديل لنظام الجوع والفساد !!

مناظير – زهير السراج
صحيفة الجريدة

Exit mobile version