تقول الكاتبة غادة الكرمي -في مقالها بمجلة ذي ميدل إيست آي البريطانية- إنه قد حان الوقت للاستفادة من القلق الوجودي الذي يكمن وراء قانون الدولة القومية الجديد في إسرائيل، والمطالبة بحقوق متساوية لكل فرد في البلاد.
وتضيف أن قيام إسرائيل بسجن الشابة الفلسطينية المعروفة عهد التميمي وإفراجها عنها مؤخرا يضع قانون الدولة القومية الجديد بإسرائيل في الأفق.
وفي حين أثار القانون غضبا، كان رد الفعل مخادعا، حيث إن التشريع ببساطة يقنن الوضع القائم فعلا، فالقانون يشدد على الطابع اليهودي لإسرائيل ويعيد التأكيد على السياسات التي كانت قائمة منذ تأسيس الدولة، في وقت يؤكد فيه على أن سكان إسرائيل العرب مواطنون من الدرجة الثانية.
ويعكس هذا حقيقة سلوك إسرائيل تجاه الأقلية العربية منذ البداية، حيث لم تكن هناك أبدا أي نية للالتزام بروح أو خطاب إعلان تأسيس إسرائيل عام 1948، وحيث كانت المشاعر إزاء المساواة بين المواطنين وحقوق المجتمعات غير اليهودية بمثابة حيلة لتسويق إسرائيل للعالم كدولة ليبرالية شاملة.
واقع مختلف
وفي هذه الأثناء، واجهت الأقلية العربية واقعا مختلفا للغاية. فبعد أن خضع المواطنون العرب للحكم العرفي من عام 1948 إلى 1966، فقد وجدوا أنفسهم -عندما تم رفع هذا القانون- أنهم لا يزالون غير متساوين مع الإسرائيليين.
وتضيف الكاتبة أن مركز عدالة (المركز القانوني لحقوق الأقلية العربية بإسرائيل) قام بتفصيل ما لا يقل عن 65 قانونا إسرائيليا يميز بشكل مباشر أو غير مباشر ضد الفلسطينيين، وذلك بالإضافة إلى العنصرية المنتشرة بالحياة اليومية.
وتضيف أن اعتراف الرئيس الأميركي دونالد ترامب مؤخرا بالقدس عاصمة لإسرائيل أضفى وضعا رسميا كان قائما منذ عام 1949 عندما نقلت إسرائيل مؤسساتها الحكومية الرئيسية إلى القدس.
وأما لماذا يتم تمرير قانون القومية الآن؟ فتنسب الكاتبة إلى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تصريحه أن البعض في السنوات الأخيرة حاول تقويض يهودية الدولة، ولذا فإن نتنياهو يقول “إننا نود أن نحفر في صخرة القانون بأن هذا هو بلدنا وأن هذه هي لغتنا وأن هذا هو نشيدنا الوطني وأن هذا هو علمنا”.
كما أنه لا يمكن فصل هذه الأعمال والتصريحات عن الوضع الفلسطيني الذي تواجهه إسرائيل حاليا -وفق ما تقول الكاتبة- بما في ذلك زيادة الدعم العالمي للفلسطينيين وقضيتهم، والدعم العالمي للاحتجاجات السلمية بمواجهة الوحشية الإسرائيلية في غزة.
وتضيف أن استمرار حركة الاحتجاج في غزة -بدءا من “مسيرة العودة الكبرى” التي انطلقت في 30 مارس/آذار الماضي- تعتبر أمرا لافتا للنظر، في ظل استشهاد أكثر من 150 فلسطينيا وإصابة الآلاف.
تضامن ومقاطعة
وتشير الكاتبة إلى العودة الظافرة للشابة الفلسطينية عهد التميمي إلى بلدتها قرية النبي صالح غربي رام الله في الضفة الغربية، وتقول إنها تشكل صفعة في وجه إسرائيل.
وتوضح أن تلك الفتاة الصغيرة -التي لم يجعلها السجن تنحني، وكانت “جريمتها” أنها صفعت جنديا إسرائيليا مدججا بالسلاح وصرخت بوجهه بعد تعرض ابن عمها لإطلاق النار بأيدي الجنود الإسرائيليين- أصبحت الآن بطلة ورمزا للمقاومة الفلسطينية.
وتتحدث الكاتبة عن دور حركة المقاطعة العالمية للمنتجات الإسرائيلية، وتقول إن التضامن مع قضية فلسطين بالمجتمع المدني الغربي -والموجهة بشكل متزايد من خلال حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات- لم يكن يوما بهذا القدر من القوة.
وكان إلغاء حفل نجم البوب “لورد” في تل أبيب الأحدث في سلسلة من التحركات من جانب الفنانين والكتاب والعلماء، بما في ذلك الفيزيائي الراحل ستيفن هوكينغ الذي سحب مشاركته في مؤتمر بإسرائيل عام 2013.
وتشير إلى ما سمته القلق الوجودي الذي يكمن وراء قانون الدولة القومية والسعي من أجل الاعتراف العالمي بالقدس عاصمة لإسرائيل، ورد الجيش الإسرائيلي المفرط على أي شكل من أشكال المقاومة الفلسطينية، والمعاملة القاسية للأطفال المحتجزين بالسجون الإسرائيلية لإلقاء الحجارة، كلها تصرفات دولة ضعيفة وهشة يائسة لتأكيد سلطتها.
فعلى الرغم من جيشها الضخم وترسانتها النووية الضخمة والدعم الأميركي المفتوح، فإن إسرائيل لا تزال غير آمنة بعد 70 عاما من وجودها.
ويختم مقال “ذي ميدل إيست آي” بأن هذه اللحظة من الشك الذاتي الإسرائيلي نافذة للفلسطينيين للمطالبة بحقوق متساوية لكل شخص في البلاد.
المصدر :الجزيرة