ماذا يحدث في سوق الأسمنت؟ ومن تسبب في ارتفاع سعر الطن إلى (8) آلاف جنيه خلال الأيام الماضية؟ وما حقيقة استيراد الأسمنت المصري؟؟ كل هذه الأسئلة حملناها وتوجهنا بها صوب سوق السجانة أكبر أسواق مواد البناء بالسودان.. في البداية التقينا بتجار التجزئة الذين حملوا المسؤولية للوكلاء ، وأشاروا إلى أن سعر طن الأسمنت يصل من المصنع (عطبرة ـ بربر) بـ(4.5) ألف جنيه لكن الزيادة يفرضها الوكلاء على التجار وأيضاً أصحاب المغالق يضعون هامش ربح ما أدى إلى أن يصل إجمالى طن الأسمنت خلال الأيام الماضية إلى (8) آلاف جنيه، ووصل سعر الجوال إلى (400) جنيه قبل أن ينخفض الطن إلى (5.5) جنيه بدخول الأسمنت المصري والجوال يتراجع إلى (280) بدلاً عن (400) جنيه، فيما كانت الأسعار في مايو الماضى (3550) جنيهاً لأسمنت “عطبرة” وأسمنت “بربر” (3520) جنيهاً وأسمنت “ماس” (3500) جنيه وأسمنت “صخر السودان” (3470) جنيهاً.
{ قطط الأسمنت السمان
تضاربت الإفادات والحجج التي ساقها التجار، حول ارتفاع وانخفاض سعر طن الأسمنت الأيام الماضية. قال التاجر “وائل مهدي” إن جملة من الأسباب أدت إلى زيادة سعر الأسمنت، من بينها ارتفاع سعر صرف الدولار، وزيادة الاستهلاك، وتراجع الإنتاج. فيما أرجع التاجر “محمد فاروق” أسباب زيادة السعر إلى أن شركات ومصانع الأسمنت لا تتعامل مع التجار بصورة مباشرة بالرغم من وجود سجل تجاري لكل تاجر، بجانب أن الشركات والمصانع تعمد إلى فرض رسوم وضرائب على التجار، وتتعامل فقط مع الوكلاء، وعدّ سلوك الشركات والمصانع أدى لاحتكار المنتج طوال السنوات الماضية.
ويشير “محمد فاروق” إلى أن سعر طن الأسمنت في العام 2012 كان (500) جنيه فقط، والمفارقة أن زيادة سعر الطن كانت بعد دخول مصانع جديدة، ولا يوجد سبب ظاهر يبرر تلك الزيادة غير الموضوعية، والراجح أن وراءها الوكلاء.. ووصف “فاروق” الوكلاء بالقطط السمان، وأشار إلى معرفة الحكومة بأسمائهم، وطالب بضرورة تحريك إجراءات لفك احتكار الأسمنت، وفتح السوق للمنافسة.
وعبر عدد من التجار بسوق السجانة عن غضب شديد من استمرار احتكار الأسمنت لدى خمسة تجار بعينهم، وأمدوا الصحيفة بأسمائهم، لكن تتحفظ الصحيفة عن نشرها.
وأوضح أحد تجار التجزئة أن الشركات لا تتعامل مع التجار بالرغم من التعامل المباشر بين التاجر والمستهلك، واستفهمً مستهجناً: كيف يعقل أن يسلم المصنع وكيلاً (20) ألف طن بسعر (4.5) ألف جنيه ويصل إلى السوق بسعر (6) آلاف جنيه وتصل تكلفة ترحيل المنتج (300) جنيه؟؟
{ قصة الأسمنت المصري
وصلت الأسواق كميات من الأسمنت المصري ما أدى إلى وفرته، وبالتالي حدوث تراجع كبير في السعر، حيث انخفض سعر الطن إلى النصف (4) آلاف جنيه قبل أن يعود للارتفاع مرة أخرى، ويستقر عند سعر (5.5) ألف جنيه، ويوضح التجار أن السوق منذ (الاثنين) الماضي أصبح متذبذباً ولا يوجد سعر محدد، وثمة اختلاف وفرق في السعر بين التجار، وقال التجار إنه حال استمر المستوردون في استيراد الأسمنت المصري بكميات كبيرة فإن السعر سينخفض، خاصة وأن تكلفة إنتاج الطن في مصر لا تتعدى (50) دولاراً وتكلفة النقل أيضاً مناسبة عبر الطرق البرية.
ورصدت جولة الصحيفة تفاوتاً كبيراً في السعر حسب الشركة المنتجة.. فسعر طن منتج عطبرة وبربر (6) آلاف جنيه، و”صخر السودان” (5.5) ألف جنيه، واختفى أسمنت “السلام” و”التكامل” وانخفض سعره إلى (5100) جنيه، وتم بيع الطن منه في صباح ذات اليوم بسعر (5.500) جنيه لأسمنت عطبرة، قبل أن تتوقف حركة البيع في انتظار ما يسفر عنه استيراد الأسمنت من مصر من منطقة (قنا)، مع توقعات بخفض السعر إلى مستويات معقولة.
وخلال وجود الصحيفة بأحد مكاتب التجار دخل أحد المواطنين مستفسراً عن السعر فأجابه التاجر أن سعر أسمنت “عطبرة” اليوم (6) آلاف وأسمنت “عطبرة” الأعلى سعراً بالسوق، و”صخر السودان” (5.5) ألف جنيه.
{ تراجع إنتاج البلاد
في عام 2011 أعلن السودان تمزيق فاتورة استيراد الأسمنت، ووصل عدد المصانع إلى (7) برأس مال تجاوز الملياري دولار ما أدى لخفض سعر المنتج في السنوات الماضية إلى مستويات دنيا، قبل أن يرتفع السعر نسبة للوضع الاقتصادي العام.. ومؤخراً افتتح رئيس الجمهورية المشير “البشير” في 2011م أربعة مصانع جديدة بولاية نهر النيل (إحكام، بربر، الشمال وعطبرة الخط الرابع)، ليقفز إنتاج السودان من الأسمنت من (300) ألف طن في العام بمصنعي أسمنت “ربك” و”عطبرة” إلى نحو (7) ملايين طن أسمنت في العام بزيادة (4.5) ملايين طن على الاستهلاك المحلي البالغ نحو (2.5) مليون طن، وخُطط الحكومة وقتها كانت تصدير الفائض من الأسمنت البالغ (4.5) مليون طن خلال العام.. وحسب وزارة الصناعة فإن نسبة الإنتاج تدنت في العام الماضي، حيث بلغ الإنتاج (2,2) مليون طن والمخطط له للفترة (3,5) مليون طن بنسبة أداء بلغت (62,3%)، ونبهت إلى أن قطاع الأسمنت يعاني من ارتفاع تكلفة الإنتاج.
ويقول وزير الصناعة د. “موسى محمد كرامة” إن وزارته تسعى إلى إزالة المعوقات التي تواجه صناعة الأسمنت بالبلاد التي تحول دون تصدير هذه السلعة وغيرها من السلع الصناعية الأخرى، التي يمتلك السودان فيها طاقات إنتاجية عالية وميزات تنافسية إلى أسواق دول الجوار الأفريقي.
المجهر السياسي.