مدرسة الصديق الخاصة.. مأساة تحكيها الدموع!!

مُجرَّد الاقتراب من منزل التلميذة الفقيدة شهيدة العلم “أبرار علي مكي”، يجعلك تدخل في نوبة بكاء حادة، تضامناً مع والدتها المكلومة المصدومة “آمنة” في ابنتها التي خرجت صباحاً تحمل (سندوتش الفطور) وفي ظرف ساعات جاءت محمولةً على نعشٍ.. لتبكيها بدموعٍ من دم زميلاتها وصديقاتها بالصف السابع بمدرسة الصديق الخاصة بنين وبنات، بدار السلام مربع (1)، ويبكي معهن الأهل والأساتذة وكل من له ذرَّة من إنسانية.. وهل توقَّفت الفاجعة عند ” أبرار”؟ الإجابة بكل أسف لا؛ فقد فاضت خلال هذه المأساة أرواح “درية ديار” و”أماني سالم”..!!

بكاء وانتحاب

تجمع مئات الناس وعشرات السيارات بالقرب من منزل الفقيدة شهيدة مدرسة الصديق الخاصة للأساس “درية ديار” وهي كذلك من ضحايا الصف السابع بالمدرسة التي انهارت جدرانها على أجساد (بضة) مُخلِّفةً ثلاث قتيلات وثمانِ مصابات.
(السوداني) دلفت إلى منزل “درية” فكانت والدتها “مريم الجاك” تنتحبُ بالبكاء وهي جالسة على الأرض مع ابنتيها (شقيقتي درية) وحولهم عدد مهول من النساء، سمعن بالخبر المشؤوم فأتين على جناح السرعة لمؤازرة أهل الفقيدة، والبكاء يسيطر على الحضور.
شقيقة “درية ديار” كانت تجلس على الأرض تحت شجرة النيم بجانب بوابة منزلهم وهي تنوح بشدة وتهيل التراب على رأسها، وبعد دقائق من الزمن أغمي عليها وتم إدخالها المنزل.

جُثمانان في منزل

داخل المنزل الذي كساه الحزن كان جثمانان (يرقدان)؛ أحدهم لـ”درية” والآخر لزميلتها “أماني” وهي ثالث من فقدن أرواحهن بالصف السابع من هذه المدرسة. أما سبب وجود الجثمانين هنا فكان للخطأ الذي حدث أثناء التجهيز؛ حيث نُقل جثمان درية إلى منزل زميلتها أماني دون قصد فما كان من أسرة الأخيرة إلا وأن قامت بالواجب كاملاً وهكذا خرج الجثمانان من منزلٍ واحد وسط حضور الأسرتين ومئات المُشيِّعين رجالاً ونساءً، كباراً وصغاراً، ووقتها كانت عقارب الساعة تشير إلى الثالثة عصراً.

شاهدة عيان

من داخل منزل الفقيدة “أبرار” المُكوَّن من غرفة واحدة ومظلة، التقت (السوداني) بالطالبة “آيات الفاتح” التي تدرس بالصف الرابع وهي زميلة الفقيدة أبرار، وقالت: بينما كانت جميع الطالبات يستعددن لطابور الصباح وكانت طالبات الصف السابع يقفن بجوار حائط صفهن انهار عليهن الجدار المبني من البُلك الأسمنتي. مشيرة إلى أن هذه الجدران كانت منهارة منذ فترة ليست بالقصيرة، وأن إدارة المدرسة ظلت تحذِّر الطالبات دوماً من الاقتراب منها لا سيما في فصل الخريف حيث يتساقط الطوب. وأضافت: “أثناء الحادثة لم يكن هنالك معلم بالمدرسة بل كانوا بالشارع لرؤية حادث مرور بالقرب من المدرسة، وبعد سماعهم بكاء وصراخ الطالبات أتى اثنان من الأساتذة، وقاما بإسعاف الطالبات إلى مستشفى الراجحي لكن زميلاتنا الثلاثة توفين على الفور قبل إسعافهن. وقام مدير المدرسة أستاذ صديق بإسعاف الحالات الصعبة بسيارته الخاصة إلى مستشفى الراجحي، كما أسعفت أخريات إلى مستشفى حوداث مستشفى أم درمان، وقتها لم يجد أستاذ صديق مساعدة من الشارع العام لفُجاءة الحادث وسرعته.

ماذا قالت مديرة المدرسة؟

مديرة مدرسة البنات الأستاذة نفيسة سر الختم تذهب في حديثها لـ(السوداني) أمس، إلى أنَّ الحادثة وقعت عندما كانت التلميذات يهممن للانتظام في طابور الصباح لكن شاءت الأقدار أن ينهار الجدار المبني بطوب البلك الكبير حجماً ووزناً. نافية وجود أي مشكلة بالجدران، مؤكدة أن الانهيار كان مفاجئاً حيث وقع جزء من الجدار، وتم نقل الطالبات الثلاث للمستشفى لأن حالتهن كانت صعبة جداً، ليجيء خبر وفاتهن بسرعة شديدة قبل دخولهن المستشفى، كما تم إسعاف ست طالبات، وتم أخذ صور مقطعية من الرأس وكانت النتيجة بأنهن سليمات، وتم التشخيص بوجود جروح بسيطة.

ممنوع الاقتراب أو التصوير

من سرادق عزاء التلميذات حملت (السوداني) أوراقها، وذهبت صوب مدرسة الصديق الخاصة بنين وبنات لمعرفة التفاصيل، لكن قبل الدخول إلى المدرسة وقف أربعة من رجال الشرطة عند البوابة، وتم منع الصحيفة من الدخول بحجة أن ذلك ممنوع منعاً باتاً، ريثما ينتهي التحقيق. بيد أن ما رصدته (السوداني) يتلخص في أن مبنى المدرسة عبارة عن فصول يبدو عليها صغر المساحة ومُشيَّدة من (طوب البلك الأسمنتي) وجميع جوانبها مطلية باللون الأزرق.

مدير المشرحة يُوضِّح

ومن داخل مشرحة مستشفى أمدرمان أكد البروفيسور جمال يوسف لـ(السوداني) أمس، أنه تم نقل جثامين الطالبات الثلاث إلى منازلهن وتجهيزهن، ولم يتم تشريح الجثامين بطلب من أسرهن، وأضاف: “فقط قمنا بالإجراءات اللازمة داخل المشرحة”.

بيان اتحاد المدارس الخاصة

من ناحيته أصدر اتحاد المدارس الخاصة بولاية الخرطوم بياناً ساخناً اتهم فيه وزارة التربية والتعليم بولاية الخرطوم باستخراج تصاديق إكرامية من غير ضوابط، وقال البيان إن الاتحاد تلقى ببالغ الحزن والأسى نبأ استشهاد ثلاث تلميذات بمدرسة الصديق بأمبدة إثر انهيار جدار الصف السابع، مؤكداً أن مسئولية تصاديق المدارس بيد الوزارة الولائية. وطالب الاتحاد من قبل إشراكه في استخراج هذه التصاديق منذ أبريل 2016م لكنه لم يتلقَّ رداً على طلبه حتى الآن. ونوَّه البيان إلى أن التصاديق الإكرامية تخرج من غير ضوابط مع التلكؤ في استخراج التصاديق للمدارس المهيأة؛ ما يقود لكارثة أخرى، وطالب الاتحاد عبر بيانه بمعرفة إحصاء التصاديق التي صدرت وهي حبيسة الحقائب والأدراج لأنَّ من شأنها إحداث ارتباك حال خروجها لأرض الواقع.
وأشار البيان إلى أنه ليست هنالك أي مبررات لاستمرار المسؤولين عن هذه الحادثة في وزارة لم يندمل جرحها بعد إثر انهيار حمام مدرسة أساس بكرري والذي أدى لاستشهاد الأستاذة رقية. وشدَّد على تنبيه كل المدارس الخاصة المخالفة للمواصفات والاشتراطات أن تقوم بمراجعة المواصفات والاشتراطات كواجب أخلاقي وقيمي.

أم درمان: ســاجدة دفع الله
صحيفة السوداني.

Exit mobile version