أم تبيع طفلها بـ 200 دولار .. هل الفقر هو السبب؟

في حادثة نادرة الوقوع، أوقفت عناصر الأمن الوطني بالمغرب سيدة باعت بنتها وأربعة أشخاص آخرين على علاقة بالقضية، ليفتح موضوع تجارة الأطفال في المغرب مجددا.

ورغم الحرج الشديد الذي يثيره موضوع تجارة الأطفال في المغرب، بالنظر لطبيعة ونموذج التدين الذي يسير عليه المجتمع، غير أن السنوات الأخيرة شهدت عددا من الحوادث التي لها علاقة بالمتاجرة في الأطفال سواء من طرف الأبوين أو عن طريق السرقة.

بيع رضيع

وتداول نشطاء موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، صورة لسيدة في قبضة رجال الأمن قالوا إنها صورة الأم التي باعت طفلها وادعت اختفاءه.

وقال بلاغ لمديرية الأمن الوطني إن تنسيقا أمنيا بين الشرطة القضائية بمنطقة أمن بأنزكان في مدينة أكادير، ومصالح المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، الثلاثاء 31 تموز/ يوليو، أسفر عن توقيف سيدة وزوجها، وذلك للاشتباه في تورطهما في قضية تتعلق بإخفاء رضيعة تسلماها من والدتها الحقيقية مقابل مبلغ مالي.

وتابعت أن مصالح الأمن بإنزكان قد توصلت، بتاريخ 18 تموز/ يوليو، بإشعار من الأم تدعي تعرض رضيعتها للاختطاف، قبل أن يتبين من خلال البحث أن الأمر يتعلق بتبليغ عن جريمة وهمية.

وأضافت أن الأم قامت في المقابل بتسليم رضيعتها لزوجين يقيمان بمدينة تزنيت مقابل مبلغ 2500 درهم (250 دولارا)، وذلك بوساطة من شخصين تم توقيفهما أيضا رفقة زوج المعنية بالأمر، قبل أن يتم تقديم الجميع أمام النيابة العامة المختصة.

واستكمالا للأبحاث التي باشرتها مصالح الأمن بخصوص هذه القضية، تم صباح الأربعاء تحديد هوية الزوجين المتورطين في إخفاء الرضيعة وتوقيفهما بمدينة تزنيت، كما تم أيضا استرجاع الرضيعة وهي في حالة صحية جيدة.

وأفادت: “تم الاحتفاظ بالزوجين تحت الحراسة النظرية رهن إشارة البحث الذي تشرف عليه النيابة العامة المختصة، فيما تمت إحالة الرضيعة على المصلحة المختصة بمستشفى الحسن الثاني”.

الفقر ليس سببا
وقال المحاضر في علم الاجتماع المغاربي بجامعة الرباط، علي شعباني: “نحن الآن نتحدث عن حالة أو حالات لم تصل بعد حد الظاهرة، ومع ذلك فالأمر خطير جدا يستحيل تقبله، مسألة قيام الآباء والأمهات ببيع أبنائهم فعل مؤلم جدا”.

وتابع علي شعباني في تصريح لـ”عربي21″: “لا ينبغي عند الحديث عن هذا الموضوع التوقف عند سبب واحد مثلا كالحالة الاقتصادية للأسرة، أو الوضع الاجتماعي مثلا، فالأمر أكثر تعقيدا من أي محاولة لربطه بالشق الاقتصادي”.

وأفاد شعباني: “هذه الحالة يجتمع فيها الاقتصادي والاجتماعي مع عامل مهم جدا هو العامل النفسي، الحالة النفسية هنا مهمة جدا، لأن الإحباط والفشل وضيق الأفق وفقدان الثقة، يدفع الإنسان إلى أفعال غير متوقعة من بينها حتى الأقدام على الانتحار”.

وزاد: “الجوانب الاقتصادية والاجتماعية، عوامل مساعدة على الفهم هنا ليس إلا، بينما نحن بصدد حالات نفسية تقوم بأشياء غير مسبوقة ومرفوضة في الحالة السوية، وهي هنا بيع الأبناء”.

وسجل: “بطبيعة الحال التحولات التي يعرفها المجتمع حاضرة بقوه من حيث الأثر على الناس، لأن هذه التحولات مست فضاء القيم والتربية والتنشئة وهو الأسرة، بشكل استهدف قيم التراحم، زائد “مأسسة” الرحمة والإحسان، وتحويله إلى مجال مملوك للدولة، يفاقم هذا المأزق الفردي والجماعي”.

وسجل أن مجال تدخل المجتمع من خلال المساعدة عبر بوابة الإحسان، تقلصت بعدما شرعت الدولة في مأسسة الإحسان، ما أفقده المعنى والقيمة، وبالتالي أنشأ تراجعا في العملية الإحسانية بسبب فقدان الثقة في الدولة ما يهدد بتوقف الفعل التراحمي الواسع، ما يعني تعزيز عزلة المواطنين وبالتالي توفير شروط موضوعية لصناعة اليأس والإحباط والفشل ومن ثم يسهل تحويل الطفل في هذه الأجواء إلى شيء يصبح التخلص منه بأي طريقة تقليلا للخسائر.

تجارة الملائكة
الحادثة الجديدة تسلط مزيدا من الضوء على قضية تجارة الأطفال الرضع في المغرب، وإن كانت القضية لم تتحول إلى ظاهرة، والغالب على المجتمع فيها عدم العلانية، غير أنها حظيت في السنوات الأخيرة بتغطية مثيرة في الصحافة الإسبانية.

وتكشف تحقيقات الصحافة الإسبانية عن سرقة وبيع الأطفال المغاربة الرضع إلى عائلات إسبانية ثرية، كما نشرت في الفترة الأخيرة “إلموندو” تحقيقا مثيرا عن العملية التي تتم في المناطق الحدودية بين المغرب وإسبانيا.

ونشرت “إلموندو” الإسبانية في أيار/ مايو الماضي تحقيقا مطولا عن سرقة الأطفال من آبائهم المغاربة وتهريبهم بشكل سري إلى الأسر الإسبانية.

وقدم التحقيق 59 حالة طفل من أصول مغربية، تم اكتشافها في الفترة الأخيرة بإسبانيا.

وواكبت الجريدة رحلة أحدهم بحثا عن أصوله، ونقلت عن “خافيير” (المغربي الأصل) حكايته التي قال فيها، إنه ولد في مارس 1979 في مستشفى الحسني في الناظور (شمال).

وتابع أن الممرضة قالت للمرأة التي ولدته أن ابنها توفي في غرفة الولادة، وزاد أن مسؤولا مغربيا قام بتزوير أوراق الميلاد وقدمت الممرضة المولود الجديد إلى امرأة تدعى فاطمة، وهي إسبانية كانت مسؤولة عن دفع المشرفين إلى ”خطف” الأطفال حديثي الولادة وبيعهم للأسر الإسبانية.

وكشف الحرس الوطني بمليلية منظمة لتهريب الأطفال كانت مخبأة لمدة 43 سنة في المدينة المحتلة بشمال المغرب. كان هناك 31 شخصا متورطا و28 من الضحايا، رغم عدم وجود أي اعتقال لأن المتهمين الراهبات والممرضات والقابلات والوسطاء وغيرهم كانوا مسنين جدا والباقي ماتوا بالفعل.

عربي21

Exit mobile version