زيمبابوي معلقة بين جيلين

حتى الحين لم يؤذن لزيمبابوي بالعبور إلى المستقبل والتطلع للحرية والتغيير والرفاه، وفي الوقت ذاته لم تعد إلى حظيرة الماضي التي سيجها روبرت موغابي بالقمع والعزلة والتضخم والفقر المدقع.

وبعد أن تدفق الناخبون بكثافة على صناديق الاقتراع الاثنين الماضي وتجاوزت نسبة الإقبال 75% خيم الترقب والحذر على الشارع في انتظار معرفة أي الجيلين أحق بإدارة شؤون البلاد.
يمثل المستقبل المحامي الشاب نيلسون شاميسا المولود عام 1978 والذي يقود المعارضة ويعد بضخ دماء جديدة في المشهد السياسي وتوفير فرص العمل ومحاربة الفساد.

ونيلسون شاميسا واحد من 19 سياسيا ترشحوا للرئاسة في هذه الدولة الواقعة بجنوب شرق أفريقيا والتي كانت حتى الأمس من أعتى قلاع الدكتاتورية على مستوى العالم.

في المقابل، يقف الكهل إيميرسون منانغاغوا حارسا للماضي، إذ يبلغ 75 عاما ويحمل على عاتقه أربعين حولا من تركة موغابي، فقد كان مساعده المخلص وسيفه المسلط على المعارضين إلى حد أنه يوصف بالتمساح لبطشه وقسوته.

ومن المتوقع أن تظل زيمبابوي معلقة بين هذين الجيلين حتى السبت المقبل، حيث ستعلن لجنة الانتخابات عن الفائز بقيادة البلد ذي الـ13 مليون نسمة.

غير أن الإعلان عن النتائج لن يكون سوى شرارة انطلاق الصراع بين فريقين يتوقع مراقبون أن أيا منهما لن يقبل بالهزيمة، ولكل منهما نقاط قوة تدعم موقفه.

وبالنسبة إلى أنصار نيلسون شاميسا فإنه لا مكان للتمساح في قطار المستقبل لأنه ورفاقه أوصلوا البلاد لدرك العوز إلى حد أن التضخم بلغ مستويات لا يمكن قياسها، مما جعل السلطة تحجم عن إصدار العملة الوطنية قبل أعوام.

فقر الأغنياء
ومع أن زيمبابوي تشتهر بتربتها الخصبة وتتوفر على موارد طبيعية مهمة -بينها الفحم الذهب والنحاس والقصدير والحديد- فإن 72% من سكانها يرزحون تحت خط الفقر.

وفي بلد عاش عقودا من القمع والفقر فإن من الطبيعي أن يخرج الشباب إلى الشارع للاحتجاج إذا ما أعلنت لجنة الانتخابات عن بقاء قادة “حقبة العزلة الفساد” في مركز صنع القرار.

وطوال الأسابيع الماضية ألهبت المعارضة حماس الشباب في المدن والأرياف وأغرتهم ببزوغ فجر التغيير، ومن شأن أي نتيجة مخيبة للآمال أن تضرم الاضطرابات في عموم البلاد.

كذلك ليس من السهل أن يسلم حزب زانو الحاكم بالهزيمة، إذ يمسك بالسلطة منذ استقلال البلاد عن المملكة المتحدة في عام 1980.

لقد أعد الحزب خطة محكمة لإطالة عمر النظام القائم عبر خلع موغابي في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وإيهام الشارع والغرب بأن سدنة الماضي يمكنهم أيضا هندسة المستقبل بما يتطلبه ذلك من تطوير الاقتصاد ومحاربة الفساد.

ووفق مركز “بي أم آي ريسك كونسالتنسي” البريطاني، فإن “الهزيمة المحتملة للحزب الحاكم قد تؤدي الى تدخل للجيش لتأمين السلطة”.

وحسب مراقبين، فإن احتمال حدوث الاضطرابات يظل قائما أيا كانت نتيجة الانتخابات الرئاسية التي أجريت في ظروف هادئة وراقبها الغرب عن كثب.

الخصام المبكر
وإذا ما خسرت حركة التغيير الديمقراطي وطعنت في النتيجة فإن الاحتجاجات ربما يصاحبها اندلاع العنف، مما سيشل أي خطط لإصلاح الاقتصاد.

وفي الحقيقة فإن الجانبين دخلا في الخصام من اللحظة الأولى، حيث أعلنت حركة التغيير الديمقراطي فوز مرشحها للرئاسة، واتهمت السلطات بالعمل على تزوير النتائج.

وقد شدد المسؤول في الحركة تنداي بيتي على أن “النتائج تظهر بما لا يقبل الشك أننا ربحنا الانتخابات، وأن الرئيس المقبل لزيمبابوي هو نيلسون شاميسا”.

لكن الرئيس منانغاغوا أبدى أيضا ثقته بالفوز، وكتب في حسابه على تويتر أن “المعلومات التي تم الحصول عليها ميدانيا إيجابية جدا”. وأضاف “ننتظر بفارغ الصبر النتائج بموجب الدستور”.

ومع أن الأرقام الأولية تشير إلى فوز الحاكم بشكل كبير في الانتخابات البرلمانية فإنه ليس من المتوقع أن تتضح نتائج الاستحقاقات الرئاسية قبل السبت المقبل.

بيد أن موعد الصراع قد يتأخر إذا لم تسفر النتائج عن فوز أي من الفريقين بأكثر من 50% من أصوات الناخبين، مما يعني ضرورة الاحتكام إلى الصناديق في جولة ثانية في سبتمبر/أيلول المقبل.

المصدر : الجزيرة

Exit mobile version