منوعات

في (موسم الشوق الحلو)… (النّظم الّلطيف) في أغاني الخريف.!

مثلما يرسم الخريف لوحة جمالية إبداعية مترامية الخضرة والروعة والألق بقدرة الخالق المتعالي، كان الشعراء والمغنون في بلادي يتنسمون ويُسَبِحون قدرة الخلاق البديعة الرفيعة في نفحات الخريف مما عكس ذلك القريض جمال على جمال وألقاً على ألق حتى أضحت جماليات أعمال تلك الأمطار كشامة في خد الأغنية السودانية، ومن أبلغ الأبيات في جماليات الخريف وروعته كلمات شاعرنا الكبير الحاردلو الذي قال: (الخبر الأكيد قالوا البطانة اترشت
سارية تبقبق للصباح ما انفشت
هاج فحل أم صريصر والمنائح بشت
وبت أم ساق على حدب الفريق اتعشت).

وبت أم ساق في تلك الأبيات يقصد بها الحاردلو صغيرة الغزال إلا أن شاعرنا عمر ود الحسين عندما كان بصحبة الفنان الكبير سيد خليفة في أواخر خمسينيات القرن الماضي بمنطقة المفازة، وتعطلت سيارتهما فقاما بطلب النجدة من عمدة الرفاعيين بالمفازة حسن عبدالله ود طه الذي أرسل إليهما جراراً كبيراً ليسحب سيارتهما ورفض مواصلتهما للمشوار إلا بعد أن يتناولا الذبائح والوليمة التي أعدها لهما في الوقت الذي لم يكن فيه العمدة يعرف أن هذا الشاعر هو ود الحسين وذلك الفنان هو سيد خليفة فكتب فيه ودالحسين رائعته (شدولو ركب فوق مهرك الجماح) والتي وصفه في أحد أبياتها بالخريف والرعد بعد أن قال فيه:

(يا رعـــد الخريف الفي سماك دمدم 
بابك ما انقفل نــــــارك تجيب اللــــم )
وقد شدا بها الرائع سيد خليفة ولكن تعالوا ننظر إبداع عثمان حسين ورفيق دربه بازرعة عندما تغزلا في الخريف وأوراقه فقالا في أغنية (ليالي المصير) ياليالي المصير قولي لخلنا-أوارق الخريف سارت حولنا، ولكن الروعة وقمة الرمزية والإبداع أيضاً صاحبت كلمات الرائع حِمّيد مع مصطفى سيد أحمد عندما قال(يامطر عز الحريق– يا مصابيح الطريق) في ربط جمالي آخاذ يربط بشدة حرارة النيران ونداوة زخات المطر. ولكن الرائع سيد خليفة جعل من الخريف أملاً وموعداً ولقاء تكسوه الخضرة وتعانقه الورود فشدا قائلاً(عندي أمل أعود في موسم الأمطار زهور تضحك وخضرة تتوج الأشجار- الأقيكم ويصبح فينا أحلى نهار.أما المبدع الراحل المقيم صديق عباس فقد جاء من كردفان بمطر معين اسمه مطر (الرشاشة) الذي صبّ فيه آلامه وشجونه ولواعجه وصدح قائلا(ﻣﻄﺮ ﺍﻟﺮﺷﺎﺵ ﺍﻟﺮﺷﺔ ﻓﻰ ﺩﺍﺭ ﻛﺮﺩﻓﺎﻥ ﺍﻟﻬﺸﺔ– ﺃﻧﺎ ﻋﻘﻠﻲ ﺭﺍﺡ ﻭﻃﺸﻪ ﻭﺭﻯ ﺍﻟﻤﺮﺍﺡ ﺍﻟﻨﺸﻪ) ولكن الحلنقي والراحل الموسيقار وردي فقد هطلت أمطارهما مع هجرة عصافير الخريف في أحلى موسم للشوق والوجد والغروب بعد أن رسما بماء أمطار الشوق وهطول إبداعهما غيمة حب كانت الأنصع والأجمل في سماء الأغنية السودانية فشدا بها وردي وقال (هجرة عصافير الخريف في موسم الشوق الحلو…هيج رحيلا مع الغروب إحساس غلبني اتحملو).

تقرير: سعيد عباس
صحيفة السوداني.