-1- سأستلف من الأستاذ إسحاق أحمد فضل الله، بعد إذنه وسماحه، بعضاً من مُقدِّماته البوليسية، التي تُمهِّد لكشف ما يدور في الظلام، وخلف الكواليس.
كُلُّ ما يُعرف ليس يقال. تكفي حكمة النفّري: (كُلَّما اتسعت الرؤية ضاقت العبارة).
شيءٌ ما يتحرَّك.. ما يحدث لم تُنجبه الصدفة؛ هو ابن غير شرعي لنظرية المُؤامرة.
نظرية المُؤامرة ليست على الدوام أوهاماً رهابية ووساوسَ قهرية.. العالم لا تحكمه الملائكة ولا ينام على هديل الحمام.
-2-
في كُلِّ مرَّةٍ يقفز سعر الدولار وتنخفض قيمة الجنيه، بوتيرةٍ تُسابق الريح وتُخالف المنطق.
في كُلِّ يومٍ تنخفض قيمة الجنيه في الجيوب، ويصعد الدولار على الجراح.
صفوف الوقود عادت مرَّةً أُخرى، والخبز يختفي من الأفران، حتى يُصبح الحصول عليه من المهام الصعبة، وفي كُلِّ مرَّة نجد أنفسنا موعودين بزيادة سعره وتقليل وزنه.
الكهرباء غير مُستقرَّة.
أزماتٌ تتبعها أزمات.
أصحابُ المُرتَّبات والدخل المحدود، مع ارتفاع الأسعار انخفضت قيمة مُرتَّباتهم في عشرة أيَّام إلى أكثر من ثلاثين في المائة.
-3-
ارتفاعُ السِّلع يتصاعد على مدار الساعة، لا اليوم ولا الشهور، ما بين الاتفاق والاستلام تتغيَّر الأسعار.
قناة الجزيرة أوردَت أن مستوى التصخم وسرعة ارتفاع الأسعار في السودان، تُعتبر قياسيةً وغير مسبوقةٍ إلا في فنزويلا وجنوب السودان!
الحكومة منعت استيراد كثيرٍ من السلع، وطاردت المضاربين في العملة واصطادت كثيراً من القطط السمان ومناطق العمليات العسكرية هادئة تنعم بالسلام، ومع ذلك لا يزال الوضع الاقتصادي يمضي مُسرعاً من سيِّئٍ إلى أسوأ، والدولار في صعود وأقدارنا في هبوط!
الأخطاء موجودةٌ، والعجز عن استثمار الفرص، وعدم الاستفادة من الإمكانيات حقائق ماثلة لا تقبل الجدال، ومع ذلك أكثر من مؤشر وشاهد يُؤكِّد وجود أصابع مُلوَّنة تشدُّ الحبل شيئاً فشيئاً على العنق، ووجوه تبتسم كلما اشتدَّ الخناق وضاق الحال وقلَّ الأوكسجين في دم الاقتصاد.
العملة السودانية من فئة الخمسين، تُباع بالجوالات في الخارج، بأبخس الأثمان، لتعود إلى سوق شراء الدولار.
-4-
ما قاله مبارك الفاضل، عن وجود مُؤامرةٍ يحتاج إلى التأمُّل والتدبُّر، قبل الرفض والإنكار، وما لم يقله مبارك يستدعي البحث بأُنوف الكلاب البوليسية، من أين تأتي هذه الرائحة المريبة؟!!
ربما الحبل من طرفين، كُلٌّ يشدُّه في اتجاهٍ مع اختلاف الأجندة وتباين المُنطلقات.
طرفٌ داخليٌّ له أجندةٌ ومرامٍ، وآخر خارجيٌّ يرغب في الإخضاع والاتِّباع، وإذا لم يتحقَّق ذلك فالخنق هو الخيار.
وبروف البوني يهمس ويغادر: (أنا ما بفسر وانت ما تقصر).
هذه الأجواء لا تُستغلُّ فقط من التُّجَّار الجشعين؛ ولكن من المُتآمرين وأصحاب الأجندة الخفية والطموحات الشاذة.
-أخيراً-
المُقلق أن التفاعل مع الأزمة بكُلِّ أبعادها على المستوى الرسمي، أقل مما يقتضيه الحال، فالعيون شاردة والأصابع مُرتخية والإحساس ضعيف، كأن الرهان يتم على قوى غامضة في ظهر الغيب أو على تصاريف الأقدار وما يأتي به الزمان، وعادل الباز يفسر: (الحكومة راجية الله في الكريبة)
ضياء الدين بلال