فتحت قضية شهادات التعليم الجامعي المزورة في الكويت الباب على مصراعيه أمام حملة تدقيق في شهادات الموظفين بالقطاعات الحكومية، بعد أن أعلنت وزارة التعليم العالي اكتشاف شهادات جامعية مزورة من مصر، وإلقاء القبض على وافد مصري يعمل في الوزارة متواطئا في الجريمة.
واستجابة لمطالبات نيابية وشعبية، كلف مجلس الوزراء وزير التربية والتعليم العالي حامد العازمي -وجهات حكومية أخرى- بالعمل كلجنة لمتابعة القضية، وإحالة كل من يثبت ضلوعه فيها إلى القضاء.
من جهته، شكل وزير الصحة الشيخ باسل الصباح لجنة برئاسة وكيل الوزارة مصطفى رضا، لتدقيق ومراجعة الشهادات الجامعية لموظفي الوزارة من أطباء وممرضين وصيادلة وفنيين وإداريين، كويتيين ووافدين، لاسيما تلك التي نالوها بغير طريق البعثات، كما امتدت حملة التدقيق إلى جهات أخرى بينها الهيئة العامة لذوي الإعاقة.
وحسب مصادر كويتية مطلعة، أحالت النيابة العامة أول أمس الإثنين مقيما مصريا متهما بالاشتراك في التزوير إلى السجن المركزي، وقررت حجزه 21 يوما على ذمة القضية، كما أصدرت مذكرات ضبط وإحضار ثلاثة كويتيين يعملون في وزارات مختلفة للتحقيق معهم في تزويرهم شهادات حصلوا بموجبها على مزايا مالية ووظيفية ليست من حقهم.
وأوضحت المصادر أن النيابة أصدرت أمراً آخر بحجز مواطن يعمل مراقباً في وزارة الداخلية بعد تزويره شهادته الجامعية. مضيفة أن طلبات الضبط والإحضار بلغت العشرات، وهو أمر طبيعي لكثرة بلاغات وزارتيْ التعليم العالي والتربية المتعلقة بتزوير شهادات مختلف المراحل متوسطة وثانوية وجامعية، ومن دول عربية وأجنبية.
كارثة
ووفق الأستاذ بجامعة الكويت حمد المطر فإن تلك القضية لا تقتصر على الجانب الأكاديمي فـ “نحن أمام كارثة حقيقية ليست فقط أكاديمية بل أخلاقية، ولا نريد حصر الموضوع بالوافد الكومبارس المزور، بل كشف منظومة الفساد والإفساد لدينا، ومن هم أبطالها الحقيقيون، والضرب بيد من حديد، فالعبث في التعليم عبث بالكويت”.
ويرى الكاتب الصحفي ماضي الخميس أن قضية تزوير الشهادات لا يتحملها المزور أو من ساعده فقط “وأكبر من يتحملها هم المسؤولون الذين تعاقبوا على وزارة التعليم، سواء كانوا وزراء أو وكلاء أو وكلاء مساعدين”.
وقال الخميس “إن القضية في البيئة التي نما فيها ذلك الفساد، وتأصل بها ذاك التزوير، ومنحت المزوّر القوة بأن يقوم بفعلته دون خوفٍ وأعطت مَن ساعده على التزوير الفرصة بأن يقوم بفعلته دون الخشية من العقاب أو الحساب”.
أما الكاتب الصحفي وليد الجاسم فنبه إلى أن “الشهادات المزورة، وكذلك شهادات من يستأجر طالبا بديلا يحضر المحاضرات باسمه ويخوض عنه الاختبارات، أمر شائع وقديم، كما أن التزوير والعبث مورس حتى في شهادات المرحلتين المتوسطة والثانوية، ومن ليس لديه شهادة كويتية يدبر شهادته من الخارج وهو في بلده ويكمل طريق الدراسات العليا بنجاح”.
وأعلنت وزارتا التربية والتعليم العالي السبت الماضي أنهما قدمتا 40 بلاغا إلى النائب العام بشأن شهادات جامعية جرى تزويرها خلال العام الجاري.
وفي وقت سابق من العام الجاري، تم تحويل أصحاب ثماني شهادات في الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب إلى النيابة العامة بناء على توصيات لجنة شكلت لهذا الغرض.
وألقت السلطات العام الماضي القبض على مواطن شاب متخصص في بيع الشهادات المزورة من دول عربية مقابل 12 ألف دولار للشهادة الواحدة تدفع بالتقسيط.
وقال المتهم أمام النيابة العامة إنه جمع ثلاثة ملايين دينار كويتي (10 ملايين دولار) خلال سنتين فقط، بعد بيعه 600 شهادة لنخب سياسية وأكاديمية في البلاد.
وفي يوليو/تموز 2016، أحالت الحكومة إلى النيابة العامة 270 مزورا لشهادات طب وهندسة يعمل أغلبهم في القطاع الخاص.
الأناضول