رغم تسمية ياسر خضر الإبقاء على عبد المحمود سفيراً بالقاهرة.. لماذا؟

في خطوة عززت التوقعات أصدر رئيس الجمهورية عمر البشير قرارا رسميا قضى بالتمديد لكل من سفراء السودان في بعثة السودان الدائمة بنيويورك وسفير السودان بمصر عبد المحمود عبد الحليم، مدعما الآراء التي برزت مؤخرا بنجاحهما.
عبد المحمود الذي استبق مأمون حميدة في لقب (البلدوزر) واشتهر به في أروقة الخارجية، شكلت إعادته لإدارة بعثة السودان في مصر استفهاماً حيال (ما الذي حدث؟) خصوصا بعدما أعلنت الخارجية قبول القاهرة لترشيح السفير ياسر خضر بديلا لعبد المحمود.

مدمن التمديدات

كثيرون اعتبروا تمسك القصر الرئاسي بالإبقاء على عبد المحمود خطوة استثنائية تتسق واستثنائية المحطة نفسها بالإضافة إلى استثنائية الأدوار التي يقوم بها عبد المحمود لجهة أنه ظل ممسكا بمفاتيح القاهرة خلال توتر العلاقات ومن بعد خلال تحسنها، وفي كل الأحوال ظل الرجل بارد الأعصاب يتحرك بهدوء دون ضجيج. عبد المحمود الذي لمع نجمه إبان توليه منصب مبعوث السودان الدائم بنيويورك، بحسب الكثير من السفراء الذين استنطقتهم (السوداني) أمس، شكّل رقما مهما بين سفراء وزارة الخارجية لجهة عمله في أصعب البعثات الخارجية، خصوصا إبان ظهور موضوع المحكمة الجنائية الدولية، ولم تسقط من ذاكرة الخرطوم ملاسنات الرجل مع مدعي الجنائية الدولية لويس أوكامبو. ويذهب خبراء دبلوماسيون إلى أن عبد المحمود، استطاع بأدائه أن يكون المفردة الاستثنائية في قرارات رئاسة الجمهورية، فالرجل منذ أن تقاعد صدرت قرارات بنكهة رئاسية بالعودة إلى العمل عبر صيغة التعاقد بالمشاهرة في الخارجية، ليتسلم عقب عودته آنذاك موقع مدير إدارة العلاقات الثنائية الموصوفة بأهم الإدارات بالإضافة إلى إنابته عن وكيل وزارة الخارجية كلما غادر وكيلها الأول في مهمة ما.. عبد المحمود طبقاً لمعاصريه يعد السفير الذي أجبر رئاسة الوزارة بالخرطوم على التمديد له في محطاته التي عمل بها بفعل أدائه المتميز. وبحسب متابعات (السوداني)، فإن أشهر تلك المحطات التي شهدت تمديداً الهند، ونيويورك، وحالياً مصر. وبخصوص التمديد الأخير له تذهب التحليلات إلى تمكنه من إدارة ملف القاهرة بحنكة وخبرة طوال سنوات عمله هناك، خصوصا إبان أزمة ما بعد زيارة أردوغان للخرطوم، وانفعالات الإعلام المصري وما تلاه من تواطؤ أريتري، ما دفع الخارجية آنذاك إلى استدعائه كرسالة احتجاجية للقاهرة.

معلومة خاصة

بيد أن المفاجأة في سيناريو التمديد لعبد الحليم، بحسب معلومات (السوداني) أمس، تمثلت في أن السفير ياسر خضر هو من طالب باستمرار عبد المحمود في منصبه لجهة استيعابه للتعقيدات والحساسيات الملازمة لملف العلاقات السودانية المصرية.
لكن بغض النظر عما قيل، إلا أن القصر أبقى على (البلدوزر) في قاهرة المعز، بفعل ما تشهده المنطقة من متغيرات متسارعة واصطفافات غير متوقعة، كعودة العلاقات الإثيوبية/ الأريترية، ورسائل الغزل ما بين أديس أبابا وأسمرا بعد (20) عاماً من القطيعة و(الجفوة)، الأمر الذي يعني أن الخاسر الأكبر من تلك العودة القاهرة والخرطوم. فالخرطوم تخسر كونها فقدت موقعها كحامل الميزان بين الدولتين بعلاقتهما العدائية فيما مضى، فيما تخسر القاهرة كونها فقدت – بحسب الكثيرين – مهدداً كان يمكن توظيفه في مواجهة إثيوبيا وطموحها في إكمال سد النهضة، عبر توظيف أسمرا لدعم المعارضة الإثيوبية. وبحسب خبير دبلوماسي فضل حجب اسمه لـ(السوداني) أمس، كل ذلك يفرض على القاهرة والخرطوم النظر مجدداً في علاقتهما التي يشوبها التوتر وتحاصرها الأزمات كثيرا والتعامل بنضج في مواجهة تلك المتغيرات.

عبد المحمود وخضر

وزارة الخارجية أعلنت في مطلع يوليو الجاري عبر بيان رسمي قبول مصر ترشيح السفير ياسر خضر الذي يشغل منصب وكيل وزارة الإعلام بدلا عن عبد المحمود الذي انتهت فترة عمله. بيان الخارجية آنذاك كان ردا على تقارير إعلامية تحدثت عن أن مصر سحبت قبولها ترشيح خضر لبعثة السودان في القاهرة، مرجحة بأن الرفض المصري ربما بسبب آخر محطة عمل بها خضر وهي (الدوحة) بعد (5) سنوات أمضاها هناك، وأن طول مدة ياسر بقطر ساهم بحسب أنصار تلك الرؤية في تنامي المخاوف المصرية من وجود علاقة قوية بين خضر وقادة قطر بحكم أنها الدولة المحكوم عليها بالمقاطعة، معتبرين أن بيان الخارجية ما هو إلا رد فعل على تلك الأحاديث.
الوقائع تقول حالياً إن كلا الرجلين السفير عبد المحمود والسفير ياسر خضر يمارسان مهامهما بشكل اعتيادي.

فعلتها الخرطوم

التمديد لعبد المحمود وسحب ترشيح ياسر خضر لم يكن شيئاً (نكراً). وطبقا لرصد (السوداني) فإن للخرطوم سوابق عدة في سحب سفرائها عقب تسميتهم. ولعل أبرز تلك الحالات سحب الخرطوم للسفير رحمة الله عثمان عقب ترشيحه للدوحة عقب قبول الأخيرة لتنقله إلى برازيليا. كذلك سحب ترشيح سفير الخرطوم إلى سلطنة عمان، إذ قامت بسحبه بعد قبوله من مسقط، بالإضافة إلى سحب سفير آخر قبلت روما ترشيحه، لكن الخرطوم أعادته وقامت بترشيحه لدولة أخرى، ودفعت بمرشح آخر بدلاً عنه.

صحيفة السوداني.

Exit mobile version