منح القطاع السياسي بحزب المؤتمر الوطني، صاحب الأغلبية الحاكمة بالسودان، مناهضي ترشيح الرئيس عمر البشير في انتخابات 2020، تمرينا مبكرا بدخول القطاع مزاد اختيار الرئيس لمنصب رئيس الجمهورية.
ومارس البشير صمتا أشبه بالإقرار لدعوات إعادة ترشيحه من قبل الولايات وبعض الكيانات الأهلية والمدنية منذ العام الماضي رغم أن ذلك يتعارض مع دستور البلاد ودستور حزبه.
ويجلس الرجل الذي فاز بدورتين انتخابيتين في العامين 2010 و2015 لعدم وجود منافسين حقيقيين، على سدة الحكم منذ يونيو 1989، عندما أطاح بحكم ديمقراطي وتزعم انقلابا عسكريا وقف خلفه تنظيم الجبهة الإسلامية بزعامة الراحل حسن الترابي.
لكن القطاع السياسي بحزب الؤتمر الوطني فاجأ حتى عضوية الحزب وهو يخرج إلى الصحافة الثلاثاء الماضي باعتماده البشير مرشحا للحزب في الانتخابات بعد أقل من عامين، متجاوزا بذلك المؤتمر العام في أبريل 2019.
وعلى إثر ذلك انبرت قيادات للطعن في صحة الإجراء من ناحية اللوائح والنظم المقيدة للحزب، وإن كانت هذه التحفظات لم تخرج بعد عن الأسافير ومنصات التواصل الاجتماعي.
وطعن عضو المكتب القيادي للمؤتمر الوطني أمين حسن عمر في صحة الإجراء، حيث عرف الرجل بمواقفه المناهضة لعدم دستورية إعادة ترشيح البشير.
ودوّن أمين في مجموعات “واتس آب” خاصة بمنتمين للمؤتمر الوطني، قائلا: “لا علاقة للقطاع السياسى بإجراءات ترشيح الرئيس.. هنالك لائحة لتنظيم الترشيح لرئاسة الحزب ومن ثم الترشح للرئاسة حال لم يكن هناك مانع قانوني أو دستوري”.
وسبق أن اعترض أمين على طريقة اختيار البشير من مؤسسات حزبه مرشحاً للرئاسة في انتخابات 2015، وقال وقتها إن علي عثمان محمد طه مارس “إكراها معنويا” للتأثير على أعضاء الشورى والمجلس القيادي للحزب من أجل ترشيح البشير لولاية جديدة.
ومع تزايد الدعوات لترشيح البشير عاد أمين في نوفمبر 2017 وأكد أن دستور الحزب ودستور الدولة لا يسمحان بإعادة ترشيح الرئيس، واستبعد إذعانه لمطالب تعديل الدستور.
في ذات السياق أبدى أمين أمانة الثقافة بالمؤتمر الوطني قصي محجوب تحفظات واضحة حيال اختيار القطاع السياسي للحزب برئاسة عبد الرحمن الخضر، الموطن عمر البشير مرشحا للانتخابات القادمة معتبرا الخطوة تنطوي على “عدم مؤسسية”.
وقال محجوب في مداخلة على “واتس آب” إن ترشيح البشير لولاية ثالثة “أمر تكليفي ينعقد لمؤسسات قيادية للحزب حتى يأخذ الصبغة الشرعية والمؤسسية وبالطبع فإن أعضاء القطاع السياسي جزء من هذه المنظومة في الاختيار”.
وتابع “اعتقد أن القطاع السياسي جانب الصواب ووقع في خطأ مؤسسي واضح ـ إن كان الخبر صحيحا ـ، فإذا كنا على أرفع مستوى وهو القطاع السياسي نخرق لوائحنا التي تراضينا وتعاهدنا عليها عبر أعلى سلطة سياسية وتنظيمية وهو المؤتمر العام فهذا مؤشر لنذر انتهاكات وضياع لحاكمية الحزب وضعف للولاءات التنظيمية للعضوية وباب لفتح شهية انتهاكات أخرى كما أنه سيكون مدعاة لتفلتات العضوية”.
وذكر أن اختيار الرئيس وحسب اللوائح يتم عبر المجلس القيادي أو مجلس الشوري القومي أو المؤتمر العام.
وأضاف أن إجراءات الاختيار تقتضي أيضا تحديد 5 مرشحين عبر المجلس القيادي ومن ثم يتم عرضهم علي مجلس الشوري القومي بشرط أن يتجاوز الحضور 75% ومن ثم الاجازة النهائية عند المؤتمر العام وحينها لا بد أن ينال مرشح الرئاسة 50 + 1 من الأصوات”.
وتوقع عضوان في حزب المؤتمر الوطني، استطلعتهما “سودان تربيون”، أن يشهد المؤتمر العام للحزب معركة حامية لدى اختيار مرشح الحزب لمنصب الرئيس.
وقال العضوان ـ اللذان تحفظا عن ذكر اسميهما ـ إن طرح ترشيح البشير من داخل مؤسسات مثل مجلس الشورى أو المجلس القيادي أو المؤتمر العام من المؤكد أن يحظى بمعارضة شديدة، في ظل وجود قيادات مثل أمين حسن عمر ونافع علي نافع وعلي عثمان محمد طه، إما لإعمال دستور الحزب، أو لأغراض المنافسة والطموح.
وأشار أحدهما إلى أن الموقف الرافض لإعادة ترشيح البشير لولاية ثالثة سيتبناه كثيرون، ومن الممكن أن يؤدي الإصرار على اختيار البشير إلى إنقسام حاد لا تحمد عقباه.
لكن ذات العضو عاد وقال إن تأييد أحزاب الحوار الوطني المشاركة في حكومة الوفاق لترشيح البشير باعتباره ضامنا لإنفاذ توصيات عملية الحوار ربما تجبر العديد من قيادات المؤتمر الوطني على الرضوخ وتمرير اختياره مرشحا عن الحزب.
وتشير “سودان تربيون” إلى أن المؤتمر العام الخامس الذي سيكون معنيا باختيار مرشح الحزب لمنصب رئيس الجمهورية سينعقد في أبريل 2019، أي قبل الانتخابات بعام.
وأعلن نائب رئيس المؤتمر الوطني فيصل حسن إبراهيم الأسبوع الماضي إجازة المكتب القيادي تكوين اللجنة التحضيرية العليا للمؤتمر الخامس في دورة الانعقاد الجديدة للحزب 2019 ـ 2024.
وإثار ترشيح القطاع السياسي لحزب الؤتمر الوطني للبشير، حفيظة الحركة الشعبية ـ شمال، بقيادة مالك عقار.
واعتبر بيان صادر عن قيادة الحركة، الجمعة، أن إعادة ترشيح البشير لمنصب رئيس الجمهورية “مخالف لدستور المؤتمر الوطني نفسه، والأهم لدستور السودان”.
وشدد البيان الذي تلقته “سودان تربيون” أن الحركة الشعبية حددت شروط واضحة للمشاركة في أي انتخابات قادمة، على رأسها عدم ترشيح البشير أو تعديل الدستور. وزاد “مقاومة تعديل الدستور ورفض ترشيح البشير جزء هام لاستنهاض الجماهير ومقاومة النظام”.
ونصحت الحركة بإنشاء منابر جماعية لمقاومة ترشيح البشير وتعديل الدستور، وقالت إن “هذه المعركة بدأت بالأمس وتستمر اليوم ولا بد من خوضها بدون وجل أو تردد”.
ونبهت إلى أن “البشير مطلوب للعدالة الدولية وهو سبب من أسباب عزلة السودان إقتصاديا وسياسيا”.
سودان تربيون.