من قال أن الجراءة لن تصل بسفير الإتحاد الأوربي في الخرطوم جان ميشيل دوموند ليبتهج بإعلان القطاع السياسي للمؤتمر الوطني ترشيح البشير في 2020، ويرقص ترامب أيضاً على وقع الخبر؟ فلدى ميشيل أكثر من دافع ليقوم بذلك، لأنه يعلم أن الخرطوم لا يمكن أن تجلب له الأمان من قوافل الهجرة التي تقض مضجعهم بالمجان، فمن حيث تهب الشمس تخرج العواصف أيضاً وبضراوة، ويبدو أكثر أن الحقيقة الغائبة نفضتها أضواء الشموع عشية افتتاح السفارة الارترية في أديس أبابا، وما كان أفورقي من ناحيته في حاجة لنحو عشرين عاماً تقريباً ليردد من فوق الهضبة “هزمنا الكراهية والاحتراب ومستعدون للسلام والتنمية المشتركة” وهى تطورات لا بد أنها فاجأت حتى السيدة الأولى في ارتريا سابا هيلي!
هنالك دافع أكبر من أمنيات آبي آحمد ورغبة أفورقي للتهدئة في هذه المرحلة تحديداً، وأقوى من هواجس وكراهية سلفاكير لمشار، وأهم من عودة الديمقراطية في السودان بالنسبة لكائن براغماتي يسمى بالمجتمع الدولي، وقد أدرك أخيراً أن محاولات منع المهاجرين من الوصول إلى الشواطئ الغربية بلا جدوى، ولذلك لا مفر من العمل مع حكومات تلك البلدان، التي تحت يدها السلطة الفعلية، فبرزت جهود المصالحة في جنوب السودان وأثيوبيا، على نحو مفاجئ،وخيوط العلاقة الغامضة بين الدعم السريع وبروكسيل، وانتصب حميدتي بطلاً الأن ومخلص بنظرهم لأنه سوف يمنع أحفاد مصطفى سعيد من غزوهم في عقر دارهم، نطفة من السم الذي حقنوا به شرائيين التاريخ، لأن أمبابي لا يولد كل يوم .
إذن ما هى الجائزة المُحتملة ومن سيقبضها؟ بالمرة لن يسمح القصر الجمهوري لأحد من الحرس القديم الحصول على تلك الجائزة، ولا ثمة هاجس الأن في هذه المرحلة أكثر من مباركة المجتمع الدولي لخطوة إعادة ترشيح البشير، وهو خيار المؤسسة الأمنية والعسكرية غالباً، كما أن البشير اليوم تحت يده المزيد من أوراق اليانصيب الرابحة .
لكن ومع ذلك سوف تعصف الأزمات الاقتصادية بمطالبه الحتمية، وهنا لا بد من دفع الثمن، ثمن أخر، ليس أقل من عرض فيلم صيد القطط السمان، ليشعر الجمهور بالمتعة والإثارة، كما أن أفضل برنامج انتخابي بعد فتور شعارات الإسلام السياسي هو (الحرب على الفساد) والتي بدأت الأن لتصل ذروتها في (2020)
العلاقة بين البيت الأبيض والقصر الجمهوري وعواصم القارة العجوز متجذرة في الحاجة المتبادلة، وهو ما أدركه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وطرد بموجبه الصادق المهدي، وجاء للخرطوم اليوم ليكمل العرس، وباتت ذات العلاقة مع دول الرعاية الأمريكية تتعمق بشكل مدهش، وأدركته دول الفيتو ولن تسمح لأحد في العالم أن يجلب لها المتاعب بعد اليوم، لا أحد وإن كانت فاتو بنسودة .
عزمي عبد الرازق