-1-ضجَّتْ مواقعُ التواصل الاجتماعي بمقطع الفيديو الذي يحوي عملية اغتصاب امرأة في الشارع العام، تحت تهديد السِّلاح.
لا يخلو جهاز موبايل من هذا المقطع، ولا مجموعة واتساب من الحديث عنه.
بُذِلَتْ كثيرٌ من الاجتهادات في شرح المقطع من جوانبه الفنيَّة المُتعدِّدة: نوع الكاميرا وزوايا التصوير وإحداثيات مكان الحدث ومطابقتها مع ما جاء في التعليق على الفيديو بتحديد المكان بالاسم.
بعض رجال الشرطة السابقين، لهم آراء مُتعلِّقة بتحديد طبيعة الفعل، إذا ما كان اغتصاباً أم واقعة زنا بالتراضي.
بعض مصادر الشرطة نسبت مسرح الحدث إلى دولة أُخرى، تجمعنا بشعبها ملامح شبهٍ وهي الصومال.
-2-
مع عدم استبعاد احتمال الفبركة، الذي يُشير إليه البعض، الرَّاجح لديَّ من المُشاهدة أن الواقعة صحيحة.
ملامح البيئة تشير إلى ذلك: طبيعة المباني، نوع السيارة المُتحرِّكة عن قرب، بعض الأصوات المُتداخلة.
لو ان الحادثة في دولة أخرى وموجودة على اليوتيوب لاكتفت الشرطة بعرض المصدر الأول للبث
مع تحديد التاريخ.
الأهمُّ من ذلك، أن استغلال المواتر في ارتكاب الجرائم، أصبح حدثاً مُتكرِّراً بصورة باتت تُقلِقُ كثيراً من الأُسر، وتجتهد الشرطة في الحدِّ منها عبر حملاتٍ منتظمة.
إذا أصبحت المواتر من وسائل الحركة المُعتادة في جرائم السرقة والخطف، بالتركيز على استهداف النساء، فما الذي يمنع من استخدامها في عمليات إجرامية أُخرى من بينها جرائم الاغتصاب؟!
-3-
لأكثر من مرَّة في هذه المساحة وغيرها، نبَّهنا لخطورة استخدام المواتر، التي لا تحمل لوحات في إرتكاب الجرائم ، وهي منتشرة في طول العاصمة وعرضها.
لا أميل لقبول فرضية اعتبار الواقعة ممارسة جنسٍ فاضحٍ في الشارع العام، لا جريمة اغتصاب، بحُجَّة عدم مُقاومة المرأة واعتيادية تعاملها مع الحدث، دون مُقاومةٍ أو مظاهر رفض.
حُجَّتي في ذلك، طالما أن هناك سلاحاً مُستخدماً للتهديد، تنتفي فرضية الرضا والقبول؛ أما طبيعة ردة الفعل فهي عملية نسبية تختلف من شخص لآخر.
البعض لهم قابليةٌ عاليةٌ في الاستجابة للتهديد، بصورة آلية لا إرادية، فتكون استجابتهم أقرب لاستجابة المُنوَّمين مغناطيسياً.
قبل فترة كنتُ أُشاهد عمليات ذبح جماعي في إحدى الدول الإفريقية.
العسكريُّون كانوا يذبحون مواطنين في تلك الدولة، واحداً بعد آخر، بفارق زمنيٍّ يسمح بمحاولة الهروب.
تعجَّبتُ جدَّاً لاستجابة الضحايا وعدم إبداء أيِّ نوع من أنواع المُقاومة، ولو بإبطاء الخُطى نحو مكان الذبح، ولم تظهر عليهم أيُّ مظاهر للخوف من المصير المُفزع، إنها سايكولوجية الشخص المقهور مسلوب الإرادة.
-4-
ثقتي أن الشرطة بما لديها من إمكانيات فنية وكفاءات بشرية، لها خبرات متوارثة لأكثر من قرن، ستصل سريعاً لحقيقة ما حدث.
مع ذلك، رُبَّ ضارَّة نافعة، فبغضِّ النظر عن حقيقة مقطع الفيديو، ففي ذلك تنبيهٌ للجميع، في المجتمع والقوات النظامية، الصومال حالة وليست دولة.
ما نقله المقطع يمكن أن يحدث في الخرطوم وغيرها، وليس في مقديشو فقط، طالما أن هنالك من لهم وسيلة فاعلة في ارتكاب الجرائم (المواتر غير المُرخَّصة)، والهروب في أقصر زمن وأضيق مساحة والاختباء في الزحام .
ضياء الدين بلال