الجنسية المصرية بين الاستثمار وصفقة القرن

وافق مجلس الشعب المصري (البرلمان) على تعديل قانو بشأن الجنسية المصرية، بحيث تُمنح الإقامة في مصر للأجنبي بعد سداد وديعة نقدية في إحدى البنوك الحكومية لا تقل عن مبلغ سبعة ملايين جنيه مصري (ما يعادل 400 ألف دولار) وبعد مرور خمس سنوات من حقه طلب الحصول على الجنسية.
ولا يرى رئيس البرلمان علي عبد العال في تعديل قانون الجنسية “بدعة تستحدث من عدم، إذ إن العالم بدأ يأخذ بمنطق منح الجنسيات مقابل وديعة، بضوابط محددة على رأسها عدم الخلل بأمن الدولة.. وكثير من الدول تمنح جنسيتها دون مقابل”.

وغير بعيد عن موقف عبد العال، يرى رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي اللواء كمال عامر أن القانون الجديد “يتماشى مع المصالح الاقتصادية لمصر، واستثمار غير مباشر، وليس به أي عوار يؤثر على الأمن القومي”.

تفريط
وعلى النقيض، يقول البرلماني السابق د. جمال حشمت إن تعديل قانون الجنسية على النحو المذكور “حلقة ضمن سلسلة إجراءات التفريط في مقدرات البلاد لصالح جهات بعينها”.

وربط القيادي بجماعة الإخوان المسلمين بين منح الجنسية بمقابل مالي وبين “التنازل للسعودية عن جزيرتي تيران وصنافير الواقعتين مدخل مضيق العقبة، والتفريط في حقوق مصر التاريخية في مياه النيل وثروات الغاز الطبيعي”.

وقال حشمت “إن شبهات لا حصر لها تحوم حول هذا القانون، وتنبع جميعها من تاريخ ممارسات السلطتين التشريعية والتنفيذية على مدار الخمس سنوات الفائتة”.

وقارن بين هذا النظام وبين ما يحدث في تركيا التي تشترط السلطات فيها الاحتفاظ بعقار بمليون دولار لمدة ثلاث سنوات، أو إيداع ثلاثة ملايين في بنك تركي، أو توظيف مائة عامل تركي في مشروع يملكه الأجنبي، أو الاستثمار في سندات حكومية بقيمة لا تقل عن ثلاثة ملايين.

شكوك
أما وزير العدل الأسبق المستشار أحمد سليمان فيربط بين خطوة تعديل قانون الجنسية و”رغبة النظام الحالي في تجنيس إسرائيليين ليتسنى لهم امتلاك أصول مصرية”.

ويرى أن “النظام المصري مهد لهذه الخطوة عبر إجراءات تمت على مدار الخمس سنوات الماضية، منها التعاون الإستراتيجي بين الجيش المصري وجيش الاحتلال الإسرائيلي، وتعديل المناهج التعليمية بما يعمق التطبيع مع الكيان الصهيوني والتنازل عن جزيرتي تيران وصنافير”.

ورجح سليمان أن يكون هناك إسرائيليون قد أقاموا في مصر بالفعل على مدار الخمس سنوات الماضية “وما تبقى لهم الآن هو دفع قيمة الوديعة ليحصلوا على الجنسية.”

كما لم يستبعد أيضا أن يكون قانون الجنسية تمهيدا لشن حرب صهيونية على قطاع غزة تضطر أهلها للهرب إلى سيناء ثم تمنحهم مصر جنسيتها في إطار اتفاقات ما يُعرف بصفقة القرن.

وفي تعليق له على صفحته على فيسبوك، اعتبر تامر وجيه الباحث بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية دفع المال مقابل الإقامة أو الجنسية خطوة متناسقة مع مرحلة الليبرالية الجديدة بالاقتصاد العالمي المبنية على تشجيع الاستثمار الأجنبي.

ويقول إن “الطريف والمؤلم في الوقت نفسه أن بيع الإقامة ومن ثم الجنسية حوّل المواطنة إلى سلعة، وهو أمر كان التطور الديمقراطي بالدول الرأسمالية الراسخة، ونشوء الدولة الوطنية المتحررة من الاستعمار، قد تخلصا منه قبل عقود”.

ويسأل وجيه عن جدوى دفع أموال للحصول على الجنسية المصرية، في الوقت الذي يمكن دفع أموال لشراء الجنسية في مالطا التي هي عضو بالاتحاد الأوروبي.

ويعتبر أن من يسعون للحصول على الجنسية المصرية “أشخاص لديهم ارتباطات داخل مصر، وهو أمر منطبق تماما على أصحاب جنسيات عربية خاصة مواطني بلدان في أوضاع كارثية كالحروب إلى جانب الفلسطينيين الذين لا يملكون جنسية”.

المصدر : الجزيرة

Exit mobile version