عند الخامسة من عصر الامس (الأحد ١٥ يوليو ٢٠١٨) بتوقيت الخرطوم ، الثالثة بتوقيت قرينتش ، كانت الملايين قد احتشدت في المنازل والمقاهي وصالات المشاهدة وساحاتها المفتوحة حول شاشات التلفاز علي امتداد المعمورة ، وعشرات الآلاف في ملعب لوجينيكي (او لوزينسكي) بالعاصمة الروسية موسكو لمشاهدة عرس الارض وعصارة عرق شبابها ، نهائي كاس العالم ٢٠١٨ بين منتخبي فرنسا وكرواتيا .. وكانت دهشة علي نطاق واسع قد اصابت السودانيين عندما علموا ان رئيسهم البشير سيحضر هذا النهائي في موسكو ، وتضاعفت دهشتهم ان وفداً رسمياً وعائلياً بعدد سنوات حكمه سيرافقه ، وبغض النظر عما اذا كان مدعواً من نظيره الروسي ام لا ، فان الدهشة التي اصابت أهل السودان هو ان رئيسهم يسافر لحضور مثل هذه المناسبات بينما البلاد غرقي في الأزمات والاضطرابات :
– نقص في الوقود نتجت عنه أزمة حادة في المواصلات والإمدادات الكهربائية ..
– جرايم قتل مرعبة توزعت بين دوافع النهب اوالاستبداد الذي يمارسه بعض قواه الأمنية النظامية !!
– انهيار في كل مرافق ودعائم الدولة والمجتمع وانهيار مستمر في قيمة العملة المحلية ليزداد انتشار الموت باثنين من الثلاثي المرعب : الجوع والمرض ..
اما الضلع الثالث (الجهل) فقد انطلق روحاً انصرافيةً وجدت ضالتها في رئيسة كرواتيا ، الشابة الجادة المتحمسة لوطنها .. فبدلاً عن الاحتفاء بها كسيدة رئيسة ، وبانجازاتها وسلوكها الوطني الجاد ، ضجت وسائل التواصل الاجتماعي السوداني تتغني بها وبجمالها شعراً ونثراً ، كتابةً وتسجيلات صوتية ، لدرجة مقرفة ومحزنة ، حتي محاولات التنكيت بتعريض مسؤولين سودانيين في مقارنات معها أتت باهتةً ومقززة ..
لا غرو ان الحالة الانصرافية المسطحة الناتجة عن انحطاط مستوي التعليم قد طبعت مرحلة امتدت طويلاً.
فالمتابع يتذكر انه ، وقبل سنوات قليلة ، وعندما تم تعيين امرأةً شابةً وزيرةً لخارجية بلادها ، يتذكر ، كيف ان السفراء السودانيين تباروا في منتدياتهم وحفلاتهم ينظمون فيها قصائد الغزل والتشبب دون حياء ذاتي او حساب اداري تنظيمي ، بل ومنهم من أعلن رغبته في الزواج منها .. ثم منهم من هجا رئيس دولتها عندما أقالها من ذلك المنصب !! ، كل ذلك بدلاً عن الترحيب والاحتفاء بها كاول امرأة تعتلي هذا المنصب الهام في المنطقة وفي دولة ذات طبيعة محافظة.
انه عهد (المثني والثلاث والرباع) عندما يكون منهاجاً وقدوة ..
كتب : محمد عتيق
سودان تربيون.