قوات من الشرطة تقتل عوضية عجبنا ، وبقيادة (قدو قدو) تجلد المرأة الفلانية ونشاهد ذلك في مقطع فيديو ، شرطة النظام العام تجلد وتطارد ثم تقتل كما حدث مؤخراً للشاب سامر عبد الرحمن ، قوات من الأجهزة الأمنية تخطف وتغدر وتقتل الشباب اليافع النضر في العيلفون وجامعة الجزيرة والخرطوم وبخت الرضا وبورتسودان وكجبار وفي سبتمبر ٢٠١٣ الي اخر مسلسل الرعب الذي نعيش ، ونحن:
– ندين ونطالب بإلغاء قانون النظام العام .
– نطالب ان تلتزم الشرطة بمعايير وظروف استخدام السلاح او سحب التسليح منها .
– نطالب بإلغاء قانون الأمن والتزام جهازه بالدستور …الخ .
– تقديم الجناة من النظاميين الي العدالة ، محاكمتهم محاكمة حقيقية وتنفيذ الأحكام التي تصدر بحقهم ..
كل ذلك جيد ، ولكن ، هل أفراد تلك الأجهزة وحتي ضباطها ممن هم دون الخامسة والثلاثين تقريباً قادرون علي استيعاب مثل تلك المطالبات لغةً ومفاهيم ؟؟ ، انهم أنفسهم ضحايا ، نعم ، ضحايا منهج تعليمي منهار و (هايف) ، منهج يجعل من خريجه شخصاً شبه أمي تمت تعبئته وإيهامه بانه شخص مختلف ، مبعوث لإقامة الدين والاخلاق ، وسوق الناس بالعصا والرصاص الي رياض الفضيلة والاستقامة ، لا يهم سلوكه وأخلاقه هو نفسه ، قد يكون لصاً او كاذباً محتالاً ويعتقد انه فوق القانون، ولا تهم الوسيلة التي يتبعها : ضرب ، شتم، ابتزاز …الخ .. الخ وصولاً الي القتل بدم بارد .. فهو النجم الهام ، الاستثنائي/غير العادي …الخ وتلك هي حدود الدنيا والحياة عندهم ..
انهم جميعاً ، كما اسلفت ، ضحايا مناهج بائسة في التعليم وتعبئة منحرفة في المفاهيم السيادينية ( السياسية/الدينية) أنتجت مثل هذا الفرد العاجز عن استيعاب اي حديث عن حقوق الانسان والمساواة وحكم القانون والتزامه وكل ما تهرف به من عبارات وقيم ، كما انك لن تفهم جملةً واحدةً من تقرير يكتبه لرداءة الخط وسوء اللغة ..
انها ايديولوجية السلطة الحاكمة ، تحتاج لنوع معين من الأجهزة للدفاع عنها وللاحتماء بها ولحماية مصالحها الطبقية وقاعدتها الاجتماعية المتشعبة ..
إذن ، فان مطالبنا المذكورة اعلاه ، والتي نكررها يومياً وعند كل جريمة ترتكبها شرطة واجهزة النظام ، هي في نهاية الامر معالجة للآثار والتجليات الناتجة عن مناهج التعليم التي يستند عليها النظام ويحرص علي استمرارها ضماناً لإنتاج القوي البشرية التي تحميه وتذود عن مصالحه وطغيانه ..
فهل يستقيم ان نستمر في رفع الأصوات وشحذ الاقلام مطالبين بإلغاء قانون النظام العام ومحاكمة الجناة بينما الجلد والتشهير والقتل يحاصر نساء السودان وشبابه ؟؟ وبمعنيً أوضح : الي متي سنتمادي في ملاحقة الظل باللعن والطعن بينما الفيل أمامنا يتمادي في (طبيعته)؟؟
كتب : محمد عتيق
سودان تربيون.