معلومة هي تلك الجهود التي بذلتها دبلوماسية الخرطوم في سبيل رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وهي جهود جاءت بعدما أبدى السودان تعاونًا كبيراً في ملف مكافحة الإرهاب ودعم عملية السلام والاستقرار في دولة الجنوب وما يتعلق بالحريات الدينية، وهي ملفات شكّلت وإلى وقت قريب عائقًا أمام طي هذا الملف من قبل واشنطن .
تعهدات كوتسيس
جاء في الأخبار أن القائم بالأعمال الأمريكي استيفن كوتسيس تعهد بالعمل مع الخرطوم ودعم جهودها لإزالتها من قائمة واشنطن السوداء للدول الراعية للإرهاب، كما رحب بقرار قطع علاقاتها مع كوريا الشمالية.
وقال ستيفن كوتسيس، السفير الأمريكي في الخرطوم، في تصريحات بمناسبة احتفالات 4 يوليو في السفارة الأمريكية في العاصمة السودانية إن ” كوريا الشمالية تمثل أولوية قصوى بالنسبة للأمن القومي للولايات المتحدة”. وأضاف ” لهذا السبب، نود تأكيد تقديرنا للإجراءات التي اتخذها السودان وجميع حلفائنا وشركائنا في جميع أنحاء العالم الذين يدعمون ضغوطنا الدبلوماسية والاقتصادية على كوريا الشمالية”.
ويقول كوتسيس إن وجود الخرطوم على قائمة السوداء لواشنطن، يجعل البنوك الدولية حذرة من التعامل معها، وبالتالي تتم إعاقة النهضة الاقتصادية في البلاد. وقال كوتسيس في الاحتفال الذي حضره مسؤولون سودانيون ودبلوماسيون أجانب إنه ” ما تزال هناك تحديات كثيرة”، مضيفاً أن معظمها يجب أن يُحل من قبل السودانيين. وأردف: “لكنني لا أستطيع أن أنكر أنه طالما بقي السودان على قائمة الدول الراعية للإرهاب، فسيكون من الصعب عليه التغلب على هذه التحديات”. وتعهد كوتسيس بأن “تعمل السفارة الأمريكية بكل طاقتها وتركيزها على تهيئة الظروف لرفع السودان من قائمة الإرهاب” .
اشتراطات أمريكية
في أوقات سابقة، شهدت العاصمة الخرطوم مباحثات سودانية أميركية رفيعة، لطي هذا الملف الذي توقع مراقبون طيه في أعقاب طي (الحظر الاقتصادي) الذي فرضته واشنطن بعد (20) عاماً، إلا أنه وبعد مرور أكثر من عام ونصف العام من ذلك لم يحدث جديد في ملف (قائمة الإرهاب) رغم اتفاق الطرفين خلال مباحاثت بالخرطوم على «خطة مسارات جديدة» لحذف اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، مقابل التزامه باحترام الحريات الدينية، وكفالة حقوق الإنسان ومقاطعة كوريا الشمالية. ففي أوخر العام المنصرم وصل نائب وزير الخارجية الأميركي جون سوليفان إلى العاصمة الخرطوم، في زيارة رسمية، تعد امتداداً للحوار السوداني – الأميركي، الذي يجري منذ أشهر .وانحصرت الشروط السابقة في: “التزام السودان بإنهاء العمليات العسكرية في دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان، والتعاون مع أمريكا للقضاء على جيش الرب اليوغندي، وعدم دعم متمردي جنوب السودان، والسماح للمنظمات الإنسانية بالتحرك في السودان، بالإضافة إلى تعاون السودان مع أمريكا لمكافحة الإرهاب، فحذف اسم السودان من قائمة وزارة الخارجية الأميركية للدول الراعية للإرهاب، يتيح للخرطوم الاستفادة من مبادرة إعفاء الديون “هيبك”، والانضمام لمنظمة التجارة العالمية.
تعاون عربي
جهود إقليمية وعربية عديدة بُذلت في سبيل تحريك ملف رفع السودان عن تلك القائمة السوداء، ففي السياق أبدى البرلمان العربي تعاوناً كبيراً لأجل رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وقد أعلن رئيس البرلمان العربي في الأيام الماضية عن تنفيذ خطة رفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وقال رئيس البرلمان العربي، مشعل بن فهم السلمي، في مؤتمر صحفي بالقاهرة، بحضور وزير الدولة بوزارة الخارجية السودانية، أسامة فيصل، إن الخطة ستعرض على جلسة البرلمان العربي المقبلة للمصادقة عليها والبدء في تنفيذها .وأوضح أن الخطة تتضمن مخاطبة الكونغرس الأمريكي، بما في ذلك رئيسا مجلسي النواب والشيوخ وأعضاء لجان الكونغرس، مشيرًا إلى أن وفداً من البرلمان العربي سيزور الولايات المتحدة لهذا الغرض .وأضاف أن الخطة تتضمن الطلب من الأمناء العامين للجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي والاتحاد الأفريقي توجيه رسالة مشتركة لوزير الخارجية الأمريكي، تطالب بإزالة اسم السودان من القائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب. كما أوضح السلمي أن السودان لعب دوراً مهماً في عملية وقف إطلاق النار في دولة جنوب السودان مؤخراً، إضافة إلى دوره في مكافحة الإرهاب وعضويته في التحالف العربي لاستعادة الشرعية في اليمن، ما يستلزم إعادة النظر في قرار وضعه بهذه القائمة.
جدية وحسن نية
مدى جدية واشنطن في رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب هذه المرة ينظر إليها الخبير الإعلامي والقيادي بحزب المؤتمر الوطني د. ربيع عبد العاطي بمنظار إيجابي حيث ابتدر حديثه لـ(الصيحة) بالقول: (الواضح أن هنالك جدية من جانب الولايات المتحدة الأمريكية لأجل رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب)، مضيفاً بأن هذا الأمر بدأ منذ رفع العقوبات عن السودان، لكنه عاد وقال إن هذه التصريحات من المسؤول الأمريكى لا تعني رفع اسم السودان من هذه القائمة مباشرة أو أن هذا الأمر سيتم بين ليلة وضحاها ولكن تعتبر مؤشراً على حسن النية، مشيراً إلى وجود تعقيدات بشأن القرار الأمريكي، منوهاً إلى أن الوعود الأمريكية كثيرة ولكنها لم تًنفذ .
عقبة الجنائية
أما المحلل السياسي السفير الرشيد أبو شامة، فقد كانت لديه رؤية مغايرة حول رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، مشيرًا في حديثه لـ(الصيحة) أن العقبة التي تقف أمامنا هي إدراج السودان في محكمة الجنايات الدولية، وأن هنالك شكوى مرفوعة ضد السودان فى هذه المحكمة. وأضاف أن التزام السودان بتنفيذ المسارات الخمسة التي طالبت بها واشطن ليست متعلقة برفع اسم السودان من اللائحة السوداء، مشيرًا إلى وجود لوبيات كبيرة جداً ستقف حجر عثرة أمام تنفيذ هذا القرار، داعياً إلى ضرورة حسم مسألة المحكمة الجنائية، مؤكدًا بأن السودان قدم تضحيات كبيرة في ملف مكافحة الإرهاب .
الخرطوم: عبد الهادي عيسى
صحيفة الصيحة