*أديبٌ كهل سألني سؤالاً غريباً..
*والكهل – لغة – هو من تجاوز محطة الشباب… ولم يبلغ بعد مرحلة الشيخوخة..
*وليس كما يظن كثيرٌ من الناس… ومنهم أديبنا هذا..
*أديبنا الذي يعجبه نجيب محفوظ جداً… ويعتبره مثله الأعلى في الأدب الروائي..
*سألني: لماذا تتحدث عن أنيس منصور دوماً ولا تكون مثله؟!..
*قلت له لأن السبب هو مثل الذي جعلك تُعجب بمحفوظ… ولا تكون مثله..
*مثل الذي جعله عالمياً… وجعلك أنت محلياً..
*مثل الذي جعله يكتب من مقهى الفيشاوي… وتكتب أنت من أمام (ست الشاي)..
*مثل الذي جعل الناشرين يطاردونه… وأنت تطارد الناشرين..
*مثل الذي جعل كل شيء هناك يختلف عن كل شيء هنا… وليس الأدب وحده..
*فهناك (المستشار) أسامة الباز… ومن هم على شاكلته..
*وهنا صاحب النكات… أو صاحب (الفنيلة)… أو صاحب (الوجهين)..
*هناك مشروع مثل مترو الأنفاق (تُنفق) عليه ميزانيته كاملة..
*وهنا مشروع مثل سندس لا تُنفق عليه إلا الأماني السندسية… تحت أحلام (الصافي)..
*ومشاريع أخرى لا يُنفق عليها من ميزانيتها إلا قليلا..
*والباقي يُنفق حيث لا يظهر لنا إلا في تقارير المراجع العام… بداية كل عام..
*هناك الصحف لا تتوقف عن الصدور… لأي سبب..
*هنا تتوقف جراء المصادرة… أو المحاربة… أو المغالبة… أو (المداولة)..
*هناك يتم الاحتفاء ببلوغ منتخب كرة القدم منافسات كأس العالم..
*وهنا وزير الرياضة يحتفي بمنافسات كأس الأرانب..
*ويُعرِّض كرة القدم عندنا لعقوبات الفيفا… ويسبح عكس تيار ديمقراطية الرياضة..
*هناك الجنيه يبقى بمطرحه سنين عددا… مقابل العملات الحرة..
*وهنا جنيهنا لا يثبت في مكانه سوى لحظات…ثم يتهاوى أكثر أمام الدولار..
*أنيس منصور – قلت لأديبنا – توفر له الصحيفة كل شيء..
*توفر له المكتب… والسيارة… والسائق… والمرتب الذي (يحفظ) له عقله..
*ومدير مكتب يلازمه حتى في بيته… إن اقتضى الحال..
*لو كان بمثل حالي لصعدت روحه للسماء قبل أن يكتب (الذين صعدوا إلى السماء)..
*أو لهبطت إلى القبر قبل أن يكتب (الذين هبطوا من السماء)..
*ولو كان محفوظ حاله كحالك أنت لراح في الرجلين قبل أن يكتب (بين القصرين)..
*ولكان (حرفوشاً) لا يملك مزاجاً يكتب به عن (الحرافيش)..
*ولو كان الشعب هناك في مثل حالاتنا لعجت بأفراده (السرايا الصفراء)..
*ولما غلبت عليه روح المرح… والضحك… والفرفشة..
*وبهذه المواسة المنحوتة في صخر الأسى… وبه… ختمت حديثي مع الأديب..
*وتركته يُخرج ورقة من جيبه يخط عليها كلمتين..
*فلما استرقت النظر إليهما – من باب الفضول – وجدتهما (حرقة حشا)..
*ويبدو أنهما عنوان قصة قادمة له…من عمق الواقع..
*فإن وجد (حق) النشر فترقبوها !!!.
صلاح الدين عووضة
صحيفة الصيحة