حرقة حشا !!

*أديبٌ كهل سألني سؤالاً غريباً..

*والكهل – لغة – هو من تجاوز محطة الشباب… ولم يبلغ بعد مرحلة الشيخوخة..

*وليس كما يظن كثيرٌ من الناس… ومنهم أديبنا هذا..

*أديبنا الذي يعجبه نجيب محفوظ جداً… ويعتبره مثله الأعلى في الأدب الروائي..

*سألني: لماذا تتحدث عن أنيس منصور دوماً ولا تكون مثله؟!..

*قلت له لأن السبب هو مثل الذي جعلك تُعجب بمحفوظ… ولا تكون مثله..

*مثل الذي جعله عالمياً… وجعلك أنت محلياً..

*مثل الذي جعله يكتب من مقهى الفيشاوي… وتكتب أنت من أمام (ست الشاي)..

*مثل الذي جعل الناشرين يطاردونه… وأنت تطارد الناشرين..

*مثل الذي جعل كل شيء هناك يختلف عن كل شيء هنا… وليس الأدب وحده..

*فهناك (المستشار) أسامة الباز… ومن هم على شاكلته..

*وهنا صاحب النكات… أو صاحب (الفنيلة)… أو صاحب (الوجهين)..

*هناك مشروع مثل مترو الأنفاق (تُنفق) عليه ميزانيته كاملة..

*وهنا مشروع مثل سندس لا تُنفق عليه إلا الأماني السندسية… تحت أحلام (الصافي)..

*ومشاريع أخرى لا يُنفق عليها من ميزانيتها إلا قليلا..

*والباقي يُنفق حيث لا يظهر لنا إلا في تقارير المراجع العام… بداية كل عام..

*هناك الصحف لا تتوقف عن الصدور… لأي سبب..

*هنا تتوقف جراء المصادرة… أو المحاربة… أو المغالبة… أو (المداولة)..

*هناك يتم الاحتفاء ببلوغ منتخب كرة القدم منافسات كأس العالم..

*وهنا وزير الرياضة يحتفي بمنافسات كأس الأرانب..

*ويُعرِّض كرة القدم عندنا لعقوبات الفيفا… ويسبح عكس تيار ديمقراطية الرياضة..

*هناك الجنيه يبقى بمطرحه سنين عددا… مقابل العملات الحرة..

*وهنا جنيهنا لا يثبت في مكانه سوى لحظات…ثم يتهاوى أكثر أمام الدولار..

*أنيس منصور – قلت لأديبنا – توفر له الصحيفة كل شيء..

*توفر له المكتب… والسيارة… والسائق… والمرتب الذي (يحفظ) له عقله..

*ومدير مكتب يلازمه حتى في بيته… إن اقتضى الحال..

*لو كان بمثل حالي لصعدت روحه للسماء قبل أن يكتب (الذين صعدوا إلى السماء)..

*أو لهبطت إلى القبر قبل أن يكتب (الذين هبطوا من السماء)..

*ولو كان محفوظ حاله كحالك أنت لراح في الرجلين قبل أن يكتب (بين القصرين)..

*ولكان (حرفوشاً) لا يملك مزاجاً يكتب به عن (الحرافيش)..

*ولو كان الشعب هناك في مثل حالاتنا لعجت بأفراده (السرايا الصفراء)..

*ولما غلبت عليه روح المرح… والضحك… والفرفشة..

*وبهذه المواسة المنحوتة في صخر الأسى… وبه… ختمت حديثي مع الأديب..

*وتركته يُخرج ورقة من جيبه يخط عليها كلمتين..

*فلما استرقت النظر إليهما – من باب الفضول – وجدتهما (حرقة حشا)..

*ويبدو أنهما عنوان قصة قادمة له…من عمق الواقع..

*فإن وجد (حق) النشر فترقبوها !!!.

صلاح الدين عووضة
صحيفة الصيحة

Exit mobile version