سوادانير مُنتزعة من السياق

[JUSTIFY]
سوادانير مُنتزعة من السياق

حين نقول اِنْتَزَعَ فلان جِذْرَ شَجَرَةٍ ، فهذا معناه اِقْتَلَعَهُ من أصله، لكن حين نقول اِنْتَزَعَ اللاعب إِعْجابَ النَّاسِ فإننا نعني جَلَبَ أو أثار إعجابهم، والنزع الأخير هو الاحتضار. أما السياق فهو (المهر) في موضع، وتتابُعْ الكلام وأسلوبه الذي يجري عليه في موضعٍ آخر.
هذا فلاش ضروري نحتاجه ليمثل تصريح الشريف أحمد عمر بدر الأخير القائل: أن الخطوط الجويِّة السودانية لن تنهض مُجدداً ولو بمالِ قارون. ولولا أنّه نفاه أمس في (توضيح) دفع به إلى (الرأي العام)، يحتج بأنه (أُنْتُزِع من سياقه) لما عدنا إليه أصلاً.
ولعل الشريف، أراد بهذا النفي إيقاف اللغط والجدل الكبيرين اللذين خلفهما تصريحه، فأوقعه النفي في فخ الإثبات، خاصة وأن من واجبات الصحافة أن لا تدعْ أحداً ينفي (سمبلة ساي) ما قال به وصرّح، لذلك دعونا نستعيد (سياق الشريف) وننظر فيه ونتفحض حتى لا نظلمه أو يظلمنا. فانظروا أيها السادة وتمحصوا جيداً ثم احكموا؟ ما إذا كان أحد الصحفيين الذين غطوا المنتدى قد أعمل (كماشته وزرديته) في حديث الشريف وانتزع منه (مسماراً أو صامولة) فخرّ به أرضاً؟
يقول الخبر: “قال رئيس مجلس الإدارة السابق لسودانير، الشريف أحمد بدر، إن الدعم الحكومي الذي بلغ حوالي (20) مليون دولار لم يُسهم في حل مشكلة سودانير، ونصح بعدم ضخ المزيد من الأموال، وأضاف: (أموال قارون) لن تحل مشكلة سودانير. وأشار إلى رهن منزل الشركة بلندن إلى حين سداد ديونها، واستطرد قائلاً: إن مطالبات الصُحف للشركة بلغت (750) ألف دولار”.
فما هو السياق الذي أُنْتُزِعتْ مِنه عبارة (أموال قارون) إذاً؟ لا سياق ولا انتزاع ولا من يحزنون! فالصحف كلها أوردت العبارة كما جاءتْ في سياقها الصحيح والدقيق، إلاّ إذا كان الشريف يعني بانتزاع (انتزاع إعجاب الناس) وهذا أمر لن يناله، صرّح أم نفى، لأنه كان مُديراً سابقاً لجثة (سوادنير)، أو كان يعني بسياقٍ، معناها الآخر وهو (مهر)، وهذا لن يُجدي خاصة وأن مهر سودانير كان تحت الإدارات التي تعاقبت عليها منذ 1989م هو إيصالها (النزع الأخير) فماتت ولم تجد حتى من يشيعها إلى مثواها الأخير.
بصراحة شديدة قتلني نفي الشريف أكثر مما قتلني تصريحه (القاروني)، لأنني كنت أرى أنه كان مُحقاً فيه، فقط هو لم يمض إلى الحل الصعب، واختار السهل، وهو (النفي)، فلربما كان الأجدر به أن يقول: (أموال قارون لن تحل المشكلة) ما لم تأت الحكومة بإدارة مُتخصصة وجهاز رقابي نافذ حتى لا تُنْزع (20 مليون دولار) أخرى من سياقها وتذهب سياقات أخرى.

[/JUSTIFY]

الحصة الأولى – صحيفة اليوم التالي

Exit mobile version