يبدأ اليوم العام الدراسي للعام – 2018- 2019 وسط اهتمام كبير من الأسر التي ظلت تراقب أبنائها من أجل مستقبل زاهر في ظل التردي الذي حدث للتعليم بمساقاته المختلفة، فالمعلم اليوم ليس معلم الأمس، وطالب اليوم ليس طالب الأمس، الذي يعتمد على نفسه في كل شيء فالعملية التعليمية أصبحت مرتبطة بالمال، فالطالب الذي يقبل بالمدارس الخاصة أو الأهلية في وقت مضى يُعد من الطلاب الفاشلين عكس الطالب الذي يقبل بالمدارس الحكومية الذي يُحظى باهتمام كبير منها، فالمدارس الحكومية كانت تعمل على تأهيل المعلم قبل التلميذ، ولذلك نجحت في تخريج أجيال مميزة، أما اليوم فالإهمال الذي ضرب بأطنابه على كل المعلمين بالمدارس الحكومية، جعل سوق المدارس الخاصة ينتعش ويجد قبولاً كبيراً من الأسر التي تعمل على إخراج أبنائها من المدارس الحكومية وتدفع بهم إلى المدارس الخاصة، رغم الارتفاع الجنوني في المصاريف الدراسية المفروضة على الطلاب والآباء، ووزارة التربية تعلم تماماً أن المدارس الحكومية لم تعد كسابق عهدها..
ولذلك لجأت إلى إنشاء المدارس النموذجية وحددت درجات عالية للقبول بها، ظناً منها أن التفوق الذي يحدثه طلاب تلك المدارس عائد إلى الوزارة أو إلى تلك المدارس التي وجدت الطلاب المتفوقين جاهزين في إحداث تلك السمعة الطيبة، فوزارة التربية ميزت تلاميذ المدارس النموذجية مما اضر بالعملية التعليمية لأن التنافس الذي كانت تحظى به كل المدارس في وقت سابق انعدم، لذلك لجأت الأسرة إلى إدخال أبنائها إلى تلك المدارس بكل الطرق، ظنا منها أن تلك المدارس هي التي يمكن أن تحقق رغبات تلك الأسر ولم تعلم أن النجاح أحيانا لا تحققه تلك المدارس بقدر ما يحققه التلميذ أو الأسرة، وإلا يكون النجاح فقط لتلاميذ تلك المدارس، فوزارة التربية أهملت المعلم بالمدارس الحكومية، مما جعل هذا المعلم مشتت الأفكار ولا يستطيع التركيز مع التلاميذ في ظل الظروف الاقتصادية الطاحنة لذلك تدنت مستويات معظم المدارس الحكومية ولجأ البعض من أولئك الأساتذة المميزين الهروب إلى المدارس الخاصة أو تخطفتهم وبمرتبات عالية، مما جعلها الآن أكثر التدافع إليها من قبل الأسر وإذا عدنا إلى الماضي نجد هناك عدداً قليلاً من المدارس الحكومية مثل الأهلية أو خورطقت أو حنتوب أو رمبيك أو وادي سيدنا الأكثر اهتماماً، ولكن التوزيع إليها لم تحدده الجغرافيا بل كان كل أبناء السودان موجودين بها، وهذا ما ميز التعليم وقتها يقبل إليها الطلاب بالمجموع الذي تحدده الوزارة ولم يوضع كل البيض في سلة واحدة، فدرجات النجاح هي التي تضع التلميذ في خورطقت أو وادي سيدنا، لذا لا بد أن تراجع وزارة التربية طريقة القبول بالمدارس الحكومية حتى يكون التنافس بين كل التلاميذ، فالتلميذ الذي جاء الأول في الشهادة يمكن أن يجلس إلى جواره من حصل على مجموع اقل، ومن هنا تشتد المنافسة بينهم، ثانياً أن تعمل وزارة التربية على رفع مرتبات المعلمين أضعافا على ما هي عليه الآن، فزيادة راتب المعلم يجعله في حالة استقرار وهذا الاستقرار يساعده على التركيز في المادة التي يقدمها إلى تلاميذه كما قدم السلف من قبله أفضل ما يملكون من علم زودوا به الأجيال السابقة، وانتجت لنا تلك الأزاهير والرياحين من المعلمين الذين خلدوا أسماءهم في السجل الخالد، أما اليوم فنجد أناساً لا علاقة لهم بالتعليم مما اضروا بكل العملية فخرجوا لنا انصاف متعلمين.
صلاح حبيب – لنا رأي
صحيفة المجهر السياسي