صادف يوم أمس (السبت)، مرور الذكرى 29 لثورة الإنقاذ التي وصل قادتها للسلطة عبر الانقلاب على متن الدبابات في العام 30 يونيو 1989م. وطوال هذه المسيرة شهدت حكومة الإنقاذ تقلبات مختلفة أبرزها دخول قوى سياسية معارضة ضمن منظومة الحكم، وشاركتها في كيكة السلطة أحزاب سياسية من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار. وكانت المشاركة الأوسع للمعارضة ضمن حكومة الإنقاذ بعد توقيع اتفاقية السلام الشامل (نيفاشا – 2005).
(الصيحة) وضعت مشاركة القوى السياسية على طاولة جنرالات الإنقاذ للتشريح وخرجت بالحصيلة التالية.
عضو مجلس قيادة الثورة اللواء (م) صلاح كرار لـ (الصيحة):
مشاركة الأحزاب في الحكم أفسدت علينا الإنقاذ
لا توجد دواعٍ لمشاركة المعارضة ضمن منظومة الحكم
المعارضة شاركت لتحقيق منافع شخصية
ـ كيف تنظر لمشاركة القوى السياسية طوال فترة حكم الإنقاذ التي امتدت لـ 29 عاماً؟
كل القوى السياسية، بما في ذلك المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية كان هدفهم (كرسي السلطة)، وحصيلة تجربة الإنقاذ كانت كلها تهدف الوصول إلى الكرسي. مثلاً السيد محمد عثمان الميرغني والصادق المهدي دفعا بأبنائهما نحو السلطة، والزحف نحو الكرسي يعتبر علة السياسة السودانية وذلك لانعدام البرامج.
ـ هل القوى السياسية التي شاركت ذات وزن؟
معظمهم أصبح جزءاً من المؤتمر الوطني، مثل مجموعة مبارك الفاضل ومجموعة أحمد بلال، ويتم الصرف عليهم من قبل المؤتمر الوطني ويتيح لهم فرصاً للفوز في الانتخابات.
ـ هل استفادت الإنقاذ من مشاركة القوى السياسية معها في الحكم؟
الإنقاذ نجحت في تفكيك القوى السياسية (وتكسيرها)، هذا يعتبر كسباً شخصياً، ولكن على مستوى الوطن كانت الخسارة كبيرة لأنها أضاعت الأحزاب السياسية وقامت بتقسيمها وإضعافها. والقوى السياسية الشمالية أصبحت ضعيفة ولا يمكن بناء ديمقراطية في المستقبل بهذا الشكل.
ـ بمعنى الكسب الشخصي هو الذي تحقّق؟
نعم، بدليل أن أحزاباً مثل الاتحادي الديمقراطي وحزب الأمة القومي، فشلا في عقد مؤتمراتهما العامة مما جعل الحكومة تلجأ مؤخراً لإشراك مبارك الفاضل وتعيينه نائباً لرئيس الوزراء، وكذلك أحمد بلال عثمان، وكل ذلك يتم بقصد إضعاف الأحزاب والمكايدات مثل إرسال رسالة للصادق المهدي من خلال إدخال مبارك الفاضل الحكومة، ورسالة لمولانا محمد عثمان الميرغني من خلال إشراك ممثلين للشريف الهندي.
ـ ما هي الخسائر التي تكبدتها الإنقاذ بعد إشراك القوى السياسية؟
خسرت الحياة السياسية بصورة عامة بعد إضعاف الأحزاب.
ـ هل من دواعٍ لمشاركة الأحزاب ضمن منظومة حكم الإنقاذ؟
لا توجد دواعٍ لمشاركة الأحزاب ضمن منظومة الإنقاذ الحاكمة، وإذا كانت القوى السياسية لديها فهم سياسي ونوع من الوطنية لما شاركت ضمن الإنقاذ، وحتى المؤتمر الوطني إذا كان واثقاً في نفسه كان عليه عدم إشراكهم في الحكومة.
المؤسف أن حملة الجوازات المزدوجة كانوا أصحاب أخطر أنواع المشاركة ويعتبرون مصدر خطر على الحكومة.
ـ الهدف هو الانتفاع الشخصي؟
نعم، والنفعيون دخلوا الحكومة منذ حياة الراحل حسن الترابي، حيث قام بإدخال معظم قيادات مايو للحكومة وبعد دخولهم عملوا من أجل مصلحتهم الشخصية وأفسدوا علينا الإنقاذ، وكانوا يرفضون حديثنا المدافع عن الإنقاذ، والترابي أراد استخدام بعض قيادات المعارضة بعد إدخالهم للحكومة لضرب بعض التيارات الأخرى، ولكن مشاركتهم أضرت كثيراً جداً بالإنقاذ، وحينما تسقط الإنقاذ سيتوارون عن المشهد وهم نفس الشخصيات التي هربت من مايو بعد سقوطها.
أحد أبرز المدافعين عن الإنقاذ اللواء (م) يونس محمود لـ (الصيحة):
مشاركة المعارضة تقف شاهداً على أن الإنقاذ ترفض تكريس السلطات
المؤتمر الوطني يعتبر عبئاً كبيراً على الإنقاذ والحركة الإسلامية
ضغوط خارجية جعلت الإنقاذ تلجأ لإشراك المعارضين
ـ كيف تنظر للإنقاذ عقب 29 عاماً شاركت خلالها في الحكم؟
مشاركة القوى السياسية من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار تعتبر شاهداً على عدم حرص الإنقاذ على تكريس السلطة في يدها، وتؤكد أن الإنقاذ كانت تسعى لبناء دولة متصالحة ومتسامحة سياسياً، ولكن هنالك ظروف كثيرة لم تسمح بتحقيق ذلك. أيضاً هنالك من أهل الإنقاذ ومن فرط حرصهم عليها كانوا يريدون احتكار السلطة لأنفسهم.
ـ لماذا كانوا يريدون احتكار السلطة؟
لصدقهم في التوجّه، وسرعتهم في الأداء، وقدرتهم على التفاهم مع بعضهم البعض. وكانوا يرون أن الأفضل العمل كمنظومة واحدة متناغمة بدلاً من إضافة آخرين من خارج المنظومة الحاكمة.
ـ في تقديرك ما هي الأسباب التي دفعت الإنقاذ لإشراك الآخرين معها؟
البيئة الدولية المعادية للإنقاذ، والبيئة المحلية نفسها التي لجأت للاستنصار بالخارج، عطفاً على المشاكل المعقدة التي مرت بها الإنقاذ، كل هذه الظروف اقتضت أن تتنازل الإنقاذ عن نصيبها في السلطة بغرض إشراك الآخرين من أجل سلامة الوطن.
ـ ما الذي استفادته الإنقاذ من مشاركة معارضيها في السلطة؟
تمكنت من تحييد عدد من القوى السياسية، وكسبت بعضها، وحرمت المعارضة من الاستقواء بالتيار الذي شارك في السلطة، وكذلك كسبت مصداقية كبرى بعد إشراك الآخرين معها بصورة فعلية في الحكم.
ـ وماذا خسرت الإنقاذ؟
كل الأخطاء التي حدثت في عهد الإنقاذ تنسب لها ولا تُنسب للذين شاركوها، وكل التقصيرات التي حدثت تتحملها الإنقاذ ولا يتحملها من شاركوها الحكم، رغم أن مشاركتهم خدمت أجندتهم الشخصية، وبالتالي أي قصور يتم تعليقه على عنق الإنقاذ الوطني ولا يذكرون الأحزاب الأخرى التي شاركتهم في الحكم.
ـ هل هنالك أفراد معارضون دخلوا الإنقاذ بغرض النفع الشخصي؟
بلا شك، هنالك من دخل الإنقاذ بغرض النفع الشخصي، خاصة الذين دخلوا الإنقاذ عبر االمؤتمر الوطني، بالإضافة لآخرين رفعوا لافتات حزبية بغرض السلطة، وكان مقصدهم النفع الشخصي، واستطاعوا بالفعل خدمة أهدافهم الخاصة عبر المؤتمر الوطني. وفي نفس الوقت المؤتمر الوطني يعتبر عبئاً كبيراً على الإنقاذ والحركة الإسلامية لجهة أن عضويته ليست كلها حركة إسلامية وليس لديهم يقين تام بأهداف الحركة الإسلامية التي شكّلتها الإنقاذ.
أجرى المواجهة: عبد الرؤوف طه
صحيفة الصيحة