ماذا يعني القرار الجديد لرفع الحصار عن السودان؟
دعني آخذكم في رحلة توضيحية
وارسل اليكم بصيص امل مصحوب بالتفاؤل والخير لغدٍ مشرق ومضئ كهذه العنبة التي غرستها قبل عامين في حديقة بيتي وهاهي اليوم تتزين بثمارها
انه يوم الاثنين الثالث من نوفمبر ١٩٩٧ كنت اعمل بأحد البنوك الامريكية وتمت ترقيتي لنائب مدير البنك وانه عام التفاؤل والتفوق وقتها كان الرئيس الامريكي بل كلنتن Bill Clinton ولقد كنا في اجتماع عندما اعلن لنا المدير بان الرئيس كلنتن اصدر قرار ١٣٠٦٧ (13067) بالحظر الاقتصادي علي دولة تسمي السودان
كان يوم مظلم بالنسبة لي بحكم معرفتي بالنواحي المالية وما يترتب عليه من تعقيدات ومتاعب علي المواطن البسيط وصعوبة ازالة القرار بعد تطبيقه.
بعد عام وفي يوم الاربعاء الموافق الاول من شهر يوليو ١٩٩٨ اصدر مكتب مراقبة الاصول الاجنبية بوزارة الخزانة الامريكية OFAC قرار الحظر علي السودان 31 CFR 538 SSR وهو القرار الذي نفذ بموجبه قرار (13067) و به جمدت واغلقت كل التعاملات مع البنوك السودانية والحكومة السودانية وبحكم عملي كمدير بنك وقتها وصلنا القرار ووزع علي كل البنوك الامريكية ولقد حزنت حزناً شديداً عندما رأيت اسم السودان في قائمة الدول التي يحظر التعامل معها بنكياً . من وجهة نظري كخبير مالي واقتصادي ومصرفي هذا من اصعب واسوأ القرارات التي يمكن ان تفرض علي بلدٍ لان القادم مظلم وتداعيات القرار علي المواطن البسيط الذي ليس له ناقةٌ لا جمل والتاثيرات علي صحته وتعليم ابناءه وحياته بصفة عامة.
ظل هذا القرار يجدد كل عام بطريقة اتوماتيكية…
مايزيد الطين بلة في يوم الاربعاء الموافق ٢٦من شهر ابريل عام ٢٠٠٦ اصدر الرئيس جورج بوش قرار ١٣٤٠٠ 13400 باعتبار ازمة دافور زادت من مخاطر جديدة علي الامن العالمي والامن الامريكي ولان السودان من الدول الراعية للارهاب . و رغم ان السودان في عام ٢٠٠٥ توصل مع الغرب علي تسوية مشكلة جنوب السودان فيما يسمي ب (CPA Comprehensive Peace Agreement )
وكانت امريكا هي الراعي لها والرئيس جورج بوش هو الاب الروحي لهذه الاتفاقية وتعتبر من اكبر انجازاته لوقف اطول حرب في تاريخ افريقا بصفة عامة وفي السودان بصفة خاصة. وخلاصتها انها(CPA) ادت فيما بعد لانفصال دولة جنوب السودان في عام ٢٠١١ و من اجل وقف نزيف الحرب و السلام فقد السودان ثلث اراضيه و مواطنيه.
اذن لنرجع للتتبع الاحداث
في يوم الخميس٢٨ من شهر مايو٢٠٠٩ اصدر مكتب ال OFAC المراقبة للاصول الجنبية بوزاة الخزانة قرار لازمة دارفور:
31 CFR Part 546 DFR
Darfur Sanctions Resolution
لتنفيذ قرار ١٣٤٠٠ (13400) علي ارض الواقع علي دولة السودان وكان هذا قاصمة ظهر البعير .
وكذلك تبعه قرار ١٣٤١٢ (13412 )
في يوم الجمعة ١٣ يناير ٢٠١٧ اصدر الرئيس اوباما قرار ١٣٧٦١ (13761) بموجبه تمت مراجعة كل من قرار 13067 و قرار 13412 ونسبة للتطورات الايجابية من حكومة السودان تم بعض الانفراج في بنود الحظر الكلي علي السودان ورفع جزئ ولكن في فترة تجريبية يتم زيارتها في شهر يوليو ٢٠١٧.
في يوم الثلاثاء ١١ يوليو اصدر الرئيس دونالد ترم قرار ١٣٨٠٤ (13804) بموجبة يتم تمديد فترة زمنية لشهر اكتوبر لمتابعة ومراقبة حكومة السودان وتصرفاتها الايجابية حتي يمكن تعديل قرار ١٣٧٦١ (13761) بنتفيذ رفع العقوبات الجزئ علي السودان.
في يوم الاربعاء الموافق ٢٠١٧/١٠/١١ اصدرت كل من وزاة الخارجية الامريكية مع وزارة الخزانة ومكتب المخابرات الامريكية مذكرة بان حكومة السودان حافظة علي التطورات الايجابية ووفت بكل الشروط المطلوبة وساهمت في تهيئة السلام علي المستوي الداخلي و العالمي لذا ووصت برفع بعض العقوبات الاقتصادية علي دولة السودان.
بموجب هذه المذكرة تم تعديل قرار 13761 بقرار 13804 في الغاء البند 1 و 2 من قانون 13067 والغاء كلي لقرار 13412.
بموجب بند 906 من قانون حظر التجارة 2000 ونسبة لوجود السودان في لائحة الدول الراعية للارهاب منذ عام ١٩٩٣ لابد من اخذ التصاريح والرخصة العامة ال OFAC في التبادل التجاري لبعض السلع من والي السودان ومنها الزراعية والطبية.
اما القرار الجديد في يوم الخميس من شهر يونيو ٢٠١٨ وهو ازالة بند :
31 CFR Part 538
وهو البند الذي يتحكم في التعاملات البنكية مع دولة السودان والغرامات التي تتحتم علي كل الدول او البنوك التي تخالف الحظر وتتعامل مع السودان وكذلك تدوين كل المخالفات والمعلومات المالية.
هذا البند لقد تم ازالته كلياً فهذه بشري كبيرة لكل مواطن سوداني وخاصة منهم المهاجرين لما عانوه خلال العشرون عام الماضية لتوصيل مصاريفهم وتحويلاتهم لاهلهم بالسودان وخسارة مليارات الدولار في الرسوم الغير مبررة والمتاعب والمشاق التي دفعها المواطن البسيط فبوسعهم الان ان يذهبوا لاي بنك في العالم ويتم تحويل اموالهم لاهلم بدون قيود او رسوم اضافية او الاحساس بالحرج والتأثير النفسي عندما يذكر اسم السودان طالما انهم ليس من ضمن الافراد المحظورة اسمائم للتحويلات الدولية.
اما بند 596 -31CFR
ونسبة لوجود اسم السودان في لائحة الدول الراعية للارهاب منذ الثاني عشر من اغسطس عام ١٩٩٣ وكذلك مشكلة دارفور فتم تعديل هذا القرار ولابد من اخذ تصريح ال OFAC اي الرخصة العامة للتعامل مع السودان وكذلك مازلت الائحة التي تضم بعض الاسماء والشركات المحظورة في التعامل المالي.
اذن القرار الجديد فيه انفراج وامل كبير في انسياب التعاملات المالية خاصة للمواطنيبن السودانين
ومن المفترض ان تبعث وزارة الخزانة الامريكية لكل البنوك العالمية لاعادة التعامل مع مواطني دولة السودان وبدون قيود او تعقيدات طالما اسمائهم ليس في القوائم السوداء مع العلم ان كل هذه البنوك لديها الائحة التي تضم اسماء الافراد والشركات التي يمنع التعامل معها
فهنيئاً لك ايها الانسان السوداني الابي لكي تنعم بما كان ينعم به العالم من الحقوق الشرعية وخاصة البنكية.
ونتمني ان يتم ازالة اسم السودان من قائمة الدول الراعية للارهاب لان حقيقة الشعب السوداني تعكس عكس ذلك لان هذا الشعب السوداني من انبل واطيب وأمن شعوب الدنيا.
نأمل ونتفائل بغدٍ مشرق
محمد عوض الجيد
مستشار مالي
٢٠١٨/٢٨/٦
الولايات المتحدة الامركية.