وفاة طالب سوداني إثر هجوم بالفلبين .. وتشكو والدته عن صمت كافة وسائل الإعلام السودانية.. ماذا قالت الخارجية عن هذه الفاجعة

تتساءل والدة الطالب السوداني القتيل محمد صلاح الذي توفي بعد تعرضه لإطلاق نار من قبل مجهولين في الفلبين، عن صمت كافة وسائل الإعلام المحلية عن القضية فضلا عن تجاهل الجهات الرسمية متابعة هذا الملف، ولا تجد السيدة (فاطمة) أية تفسير واضح عن ردود الفعل السلبية للحادثة، وحسب ما جاء في وسائل الإعلام الرسمية الفلبينية مستندين على رصد كاميرات الشارع، فقد مكث الطالب المتوفي محمد لأكثر من ثلاث ساعات نازفا وطريحا على الأرض دون التفاتة، قبل أن ينقل إلى المستشفى للعلاج لكنه توفى بعد ستة أشهر في مستشفى العاصمة مانيلا، في حين تتعثر حتى الآن إجراءات سير القضية للقبض على الجناة، ما جعل والدة القتيل تقول لـ(اليوم التالي): هل بات الدم السوداني رخيصا؟

(1)

وقعت الحادثة في مطلع شهر رمضان وكانت فاجعة للسودانيين المقيمين بالمملكة العربية السعودية حيث تقيم أسرة الطالب، وذلك حسب منير السماني الذي كنا نتابع معه الحادثة، ريثما أبلغنا بالوفاة نتيجة الإصابات التي تعرض لها من الهجوم الذي تعرض لها من قبل أشخاص مجهولي الهوية قبل أن يلقى القبض على أحد المشتبهين مؤخرا، بينما تقول والدته إن الأطباء أبلغوا أسرة محمد صلاح بأن عملية النقل عبر عربة الإسعاف التي تتبع إلى شركة فلبينية خاصة ساهمت بشكل كبير في تراجع حالته الصحية، ويقصد الأطباء سيارة الإسعاف التي اقلته من مدينة “دقوبن” إلى العاصمة مانيلا من أجل إكمال علاجه.

ووحسبة رواية والدة الطالب المتوفي، فإن كاميرات المراقبة أظهرت شخصين على متن دراجة نارية كانوا يراقبون محمد منذ خروجه من المتجر، وأن أحدهم أصابه بعيار ناري في عنقه وسقط على الأرض، وظل فيها ينزف الدماء لقرابة ثلاث ساعات ولم يسعفه أحد في التو، وأعربت والدة محمد عن أسفها لما رأته من خلال كاميرات المراقبة وتردف: “كان بعض المارة يلقون عليه (قوارير الكحول) وبقايا الأطعمة، واستمر المشهد دون أدنى اهتمام من المارة، إلا من قبل مجموعة من الهنود قاموا بإبلاغ الشرطة حال رؤيتهم محمد يسبح في دمائه”، وتأخرت الشرطة في نقله إلى مستشفى “دقبن” الحكومي، حيث استطاع الأطباء إخراج الرصاص وأفاق من تخدير العملية في اليوم الثاني بعد الظهر، وحينئذ حضرت الشرطة للتحري معه لكنه لم يستطيع التحدث، وجرى التحري بطريقة الإيماء، وعندما سئل: هل يعرف الجناة أو شاهدهم قبل ذلك؟ أجاب بلا.

(2)

وتروي السيدة فاطمة عن ولدها الطالب القتيل محمد صلاح عبد السيد: كان قد تبقى له سبعة أشهر للتخرج في كلية الهندسة الميكانيكية من جامعة لسيون في منطقة داقوبن بالفلبين، وأضافت: “كان محمد مهتما بدراسته فقط وليس لديه أي نشاط آخر، وكان يتحدث مع عائلته قبل الحادثة بربع ساعة وأبلغنا بأنه كان يذاكر دروسه وأخذته عفوة وعندما استيقظ متأخرا كان جائعا وذهب لإحضار الطعام قبل الفجر كونه كان صائما، وبالفعل ذهب إلى بقالة (سيوبر ماركيت) قريبة من سكناه بواسطة دراجته النارية”، وتحكي أن الطالب الراحل تعرض للحادثة بعد أن أخذ أغراضه من البقالة واتجه نحو مسكنه.
لم تفارق الدموع عيني أم الطالب القتيل متسائلة: لماذا قتل ابنها؟ وفي ذات الوقت تبدي أسفها لما تعرض له ابنها مما تراه إهمالا، وتقول: كان يحتاج إلى رعاية أكثر وأن يتم نقله من المستوصف الصغير بالقرية سريعا إلى العاصمة ولكنه بقي هناك لأيام، وقالت إن أسرته طلبت من السفارة السودانية بالمملكة العربية السعودية حيث تقيم الأسرة، بالتدخل وعلى الفور حصل والده على التأشيرة من سفارة الفلبين في المملكة، ولكن عدم وجود سفارة سودانية هنالك أسهم في تعقيد الإجراءات، وفور وصوله تكفل بإسعاف خاص لنقله إلى العاصمة مانيلا، لخطورة الإصابة التي خشي الأطباء أن تؤثر على النخاع الشوكي، وحسب تقرير الطبيب كان يجب نقله بحذر شديد، وهذا ما لم يحدث في مستشفى “دقبن” الذي لا تتوفر فيه الكثير من التحاليل المعملية للمرضى، وبالتالي نقل المصاب لإجراء بعض صور الأشعة ومن ثم رجوعه إلى ذات المشفى حرصا منهم على العائد المادي” حسب ما روت والدته فاطمة.
وقالت إن فاتورة العلاج كانت باهظة حتى عجز والده عن الدفع وتم حجز جوازه وبعض زملاء القتيل من الطلاب، ولكن بعض رجال الأعمال وعلى رأسهم السفير الفخري إيهاب قام بدفع المبلغ، ورأت ان أبنها تفاقمت حالته جراء طريقة النقل في سيارة الإسعاف التي قطعت مسافة خمس ساعات في ساعتين، حيث وصل إلى مستشفى بالعاصمة مانيلا، وبقي فيها ليومين قبل أن يتوفاه الله.
(3)
تلقي والدة القتيل لوما على الإعلام السوداني الذي صمت حيال قضية ابنها التي تداولتها وسائل التواصل بكثافة، حيث طالب رواد الواتساب والفيسبوك من السودانيين وزملاؤه الطلاب الحكومة الفلبينية القبض على المتهمين والتحري معهم لمعرفة أسباب القتل وفق تعبيرها، وأردفت قائلة: وجهت حكومة الفلبين شبهة الاتهام إلى العرب الذين يدرسون هناك في بداية الأمر، لولا أن محمد أفاق من الغيوبة وأشار إلى أن الجناة من الفلبينيين، وعليه لجأت الشرطة إلى كاميرات الشارع ومن ثم تناولوا الحادثة بالصور في وسائل إعلامهم الرسمي، وفي التقارير ظهرت ثلاث شاهدات عيان بالصور والأسماء، وأخيرا أبلغوا أسرته بأن أحدهم تم القبض عليه في جريمة أخرى وقاوم الشرطة ما أدى لإصابته والآن هو في العناية المركزة تحت حراسة مشددة، وناشدت والدة الطالب محمد الجهات المسئولة في الحكومة الاهتمام، ومتابعة القضية.

(4)

وكان رئيس الاتحاد العام للطلاب في الفلبين “عمار”، اتصل بالمحررة وأخبرها بأن الاتحاد قدم الملف إلى وزارة الخارجية، بينما تعزو فاطمة تعسر ملف القضية لعدم وجود سفارة أو قنصلية أو ممثلية، بل تقول إنه لا يوجد حتى مكتب للمخاطبة الرسمية، وإن جل الاهتمام والمساندة لأسرة المتوفي كان من قبل الجالية السودانية هناك، علما بأن السفارة في ماليزيا جرى إبلاغها بالأمر كون مكتبها مسؤولا من الطلاب في الفلبين عموما، لكن لم تتعد مهامها مطالبة المسؤول الفخري إحضار التقارير، ولكن – تقول والدة الطالب المتوفى – كيف له بمتابعة قضية في (داقبن) وهو يقيم في العاصمة مانيلا؟، علما بأن المتابعة بالهاتف لا تفي بالغرض كالمخاطبة الرسمية في مثل هذه القضايا، وأعربت عن أملها في أن تقوم الجهة الممثلة للدبلوماسية السودانية في ماليزيا بالبحث بجدية ومتابعة القضية والوقوف بجانب أسرة الطالب كونه أحد رعايا حكومته، فهو كان بحاجة للعناية وقتئذ حتى إذا اضطرروا لنقله إلى ماليزيا للعلاج، مشيرة إلى أن المسؤول الفخري كان متابعا لكن ليست لديه سلطات كبيرة حتى يتخذ قرارات بصورة رسمية، وأضافة والدة الطالب: “مازلنا نناشد الجهات المنوطة المخاطبة الرسمية كما فعل الرئيس الفلبيني في حادثة إحدى عاملات المنازل في إحدى دول الخليج، عندما أمر كل الجالية بإخلاء المنطقة وأغلق سفارته فورا”.

تتابع فاطمة متسائلة: هل أصبح دمنا السوداني رخيصا؟ وإلا لماذا كل الصمت من قبل حكومتنا التي هي مسؤولة عن رعاياها خارج البلاد، وأردفت: “باسم زملاء محمد وكل الطلاب الذين يعيشون عدم الأمان في ظل الصمت حيال هذه القضية، أطالب السلطات حمايتهم عن طريق ممثليه تتابع مثل هذه الأحداث”.

(5)

كما عبرت فاطمة عن شكرها لجهاز السودانيين العاملين في الخارج برئاسة د. كرار التهامي لاهتمامه بالقضية، حيث “قدم خطابا للخارجية لكي يطالبوا الحكومة الفلبينية وقتها التدخل لإسعاف الطالب ولكن الأوان كان قد فات وحصل القدر المكتوب”، وذكرت السيدة فاطمة أنها قامت بمقابلة المستشارة القانونية بجهاز المغتربين لإبلاغها بطلب الأسرة تحقيق العدالة في حادثة أبنهم. وقالت: “نحن كأسرة سودانية طالبنا بالعدالة، ووعدونا بمخاطبة الخارجية الفلبينية لمخاطبة شرطة دقبن، كونها تطلب شهادة الوفاة أولا والممثل الرسمي لتحويل القضية من الاشتباه بقتل المسجلة ضده إلى القتل العمد، وهذه الخطوة لابد أن تكون بإدانة من حكومة السودان عن طريق ممثلية السودان بمخاطبة رسمية، لأن الأمر يحتاج محاميا أيضا لمتابعة القضية، إلى اللحظة التي أتحدث فيها لا يوجد تحرك واضح وجهاز المغتربين وعدنا بمتابعة الأمر مع الخارجية، وأتمنى من وزارة الخارجية السودانية التي بحوزتها الأوراق أن تهتم بالقضية بسرعة، قبل أن يطلق سراح المتهم”، كما دعت الخارجية لمخاطبة الخارجية الفلبينية مباشرة وليس عن طريق ممثليها في ماليزيا.

(6)

في هذه القضية، استفسرت (اليوم التالي) الناطق الرسمي بوزارة الخارجية السفير قريب الله، والذي بدوره أجاب: “نحن على استعداد للاهتمام بقضايا كل السودانيين المقيمين بالخارج، وحادثة الطالب محمد صلاح يجب أن تتم إجراءاتها عبر جهاز شؤون العاملين بالخارج كونه مقيما في المملكة، وأيضا يمكن لذويه مقابلة القنصل ومتابعة القضية بشكل مباشر، وفي مثل الحالة تتطلب الإجراءات المتابعة من قبل القنصلية لعدم وجود سفارة بالفلبين، ولكن في كل الحالات تهتم الخارجية بالأمر، إذا كان عن طريق جهاز شؤون العاملين بالخارج أو بواسطة ذوي القتيل حال تقديم ملف القضية للقنصلية مباشرة”.

اليوم التالي.

Exit mobile version