مع الهوس الكبير بعمليات التجميل انتشرت في الآونة الأخيرة ظاهرة غريبة على مجتمعنا لا بل ومحرمة شرعاً ومجرمة قانوناً وهي عمليات تغيير لون العيون، فمن لا يعجبه لون عينيه ما عليه إلا الذهاب إلى إحدى الدول التي تقوم بهذه العمليات وتقديم عينيه هدية لهذه المراكز وعليه أن يتحمل العواقب التي تبدأ بمضاعفات صحية كالتهابات العين وارتفاع الضغط بها وانتهاءً بفقدانه البصر.
وهذا ما حدث مع إحدى السيدات التي أرادت تغيير لون عينيها فقصدت المراكز الطبية في الدولة ووجدت نفس الجواب الرفض التام والقاطع لإجراء مثل هذا النوع من العمليات.
ولكنها لم تكل أو تمل فسمعت من إحدى صديقاتها بأن هناك دولاً تجري هذه العملية وذهبت وأجرتها هناك ودفعت ما دفعت من التكاليف الباهظة وما إن عادت إلى الدولة حتى بدأت معاناتها التي كادت أن تحرمها البصر لولا العناية الإلهية ثم تدخل الأطباء في الوقت المناسب.
هذا النوع من العمليات يقبل عيله غير الراضين عن لون عيونهم الطبيعية للابتعاد عن استخدام العدسات اللاصقة الملونة التي لا تخلو أيضاً من المخاطر، متوجهين إلى إجراء عملية زراعة القزحية الصناعية الملونة التي تكون على مستوى أعلى من الخطورة.
وكشف البروفيسور هاني سكلا استشاري طب وجراحة العيون وعضو الأكاديمية الأميركية للعيون والجمعية الأميركية لتصحيح عيوب الإبصار والمياه البيضاء، لـ«البيان» عن حالة لسيدة قامت بزراعة القزحية في إحدى الدول الآسيوية وأرادت إزالتها بسبب معاناتها من عدة اضطرابات في العين.
حيث شعرت بآلام والتهابات عدة وضعف في النظر، كما كانت تعاني من جميع مضاعفات العدسة كارتفاع ضغط العين والتهاب القزحية، وعند إزالة القزحية المزروعة؛ اكتشفنا أن المريضة تعاني من اضطرابات في القزحية الأصلية وضمور في عضلاتها.
وأضاف الدكتور سكلا: «لا بد من ذكر أن هذه العضلات مهمة جدّاً لأنها تتحكم في حجم الضوء الذي يدخل إلى العين، فحين تتعرض العين لضوء قوي تنقبض هذه العضلات لتتحكم بكمية الضوء الداخل إلى العين، وفي حال الإضاءة الليلية ترتخي هذه العضلات حتى تتسع الحلقة فيدخل ضوء أكثر في الليل، ونتيجة احتكاك العضلة بالقزحية الصناعية؛ تعرضت العضلة لضمور ولكن استطعنا إنقاذ المريضة من فقدان البصر».
وحول كيفية تغيير لون العينين قال: «يتم ذلك من خلال عملية تجميله عن طريق زراعة القزحية الصناعية فوق القزحية الطبيعية».
وحول المضاعفات التي تتسبب بها هذا النوع من العمليات قال البروفيسور سكلا:«لا تخلو هذه العملية من مخاطر عدة تؤثر على البصر؛ فالزاوية بين القزحية والقرنية هي الزاوية التي يتصرف منها السائل الذي يُنتج داخل العين والذي يعطي العين شكلها وضغطها، فحين تترك تلك القزحية الصناعية فوق الأصلية؛ تتسبب في غلق هذه الزاوية مما يؤدي إلى إتلافها مع مرور الوقت نتيجة الالتهاب المزمن في الزاوية نفسها.
وذلك بواسطة احتكاك القزحية الصناعية بأنسجة زاوية العين التي تؤدي بدورها إلى التهابها وتليفها وانسدادها ومن ثم ارتفاع حاد في ضغط العين، ولا بد من ذكر أن الارتفاع في ضغط العين يؤدي إلى تلف في العصب البصري الذي لا علاج له والذي يؤدي بدوره إلى الفقدان الدائم للبصر».
وأوضح أن أنسجة القزحية الأصلية حساسة جداً، فنتيجة ملامسة العدسة الصناعية للقزحية الأصلية قد يحدث بها التهابات مزمنة وقد يتسبب ذلك في حدوث ارتشاح داخل العين والتصاقات بين القزحية وعدسة العين واضطراب في تغذية العدسة وكذلك ظهور مياه بيضاء مضاعفة وبالتالي تفقد عدسة العين شفافيتها.
وحول الأماكن التي تتم فيها هذه العمليات ومدى توفرها في الدولة قال البروفيسور سكلا: «هذا النوع من العمليات غير مسموح بها بتاتاً، لأن القانون ينص على أن المساس بأي عضو سليم في الجسم يعد جناية، وحين يتم زراعة عضو غير مطلوب داخل العين السليمة نكون قد وضعنا احتمالات كبيرة لتلف العين واضطرابها وهذا يعد جريمة وفق قانون الدولة».
تابع:«تأتي لنا العديد من الحالات التي تحتاج إلى علاج فوري نتيجة مضاعفات هذه العملية التي تم إجراؤها في بعض الدول وتعتبر هذه العملية غير أخلاقية وغير معترف بها من أي جهة طبية ولا يوجد أي دراسات أو أبحاث علمية خاصة بها».
ونصح البروفيسور هاني الراغبين بتغيير لون عيونهم بعدم التسرع في اتخاذ قرار عشوائي دون التعرف أكثر إلى خلفية وأعراض ونتائج هذه العمليات، كما أنصح أن يفكر الإنسان مليّاً قبل إجراء أي عمل جراحي له علاقة بالجسم وخاصة بالأعضاء الحساسة مثل العين.
صحيفة البيان