العام الدراسي الجديد… الأسر في مجابهة الصعاب
ارتفاع جنوني في الأدوات المدرسية والزي المدرسي
تكلفة مصروفات التلميذ بالمدارس الحكومية وصلت إلى 3000 جنيه
معلم أساس: تعليم أي تلميذ بحاجة إلى إعانة من المغتربين
60% نسبة الزيادات في المدارس الخاصة والأجنبية
وجد العم مصطفى الناظر نفسه أمام محنة حقيقية، وقد بدأ العد التنازلي لإنطلاقة العام الدراسي الجديد الذي يأتي هذا العام في ظروف استثنائية ومعقدة في ظل الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي فرضت على الكثير من الأسر التنازل عن الاحتياجات الضرورية ناهيك عن الكماليات. والعم مصطفى الذي يعول أسرة مكونة من خمسة أطفال جلهم يدرسون في مراحل مختلفة مطالب بتوفير كل الالتزامات المدرسية على جناح السرعة حتى ينتظم أبناؤه في الدراسة والتي باتت هماً يؤرق الأسر.
واحدة من المعضلات التي يصعب معالجتها في ظل محدويدة الدخل .
صورة مشهدية
السيناريو الذي يعايشه العم مصطفى الناظر هو صورة مشهدية وواقع معاش تعاني منه كل الأسر التي باتت في حيرة من أمرها في كيفية التعاطي مع هذا الواقع الذي لا مفر منه خاصة وأن العام الدراسي لهذا العام جاء في توقيت حساس جابهت فيه الأسر التزامات العيد والشهر الفضيل، وخرجت خالية الوفاض لتجد نفسها أمام تحديات جديدة وهي كيفية مجابهة هذه المعضلة .
ارتفاع جنوني
الظروف الاقتصادية الطاحنة ألقت بظلالها على هذا الموسم الدراسي، حيث ارتفعت الأدوات المدرسية بشكل لا يمكن أن يتصوره العقل مما يجعل الأسر المستطيعة لا تقوى على الشراء ناهيك عن محدودي الدخل، حيث هنالك ارتفاع كبير في أسعار الزي المدرسي حيث بلغ سعر اللبسة الواحدة لتلميذ الصف الأول 150 جنيهاً، وسعر الشنطة المدرسية ما بين 350 إلى 200، ودستة الكراسات بلغت 130 جنيهاً بخلاف الأحذية التي تتراوح ما بين 150 إلى 200 بالإضافة إلى الهم الأكبر وهو الرسوم الدراسية، حيث فرضت بعض المدارس الحكومية رسوماً للتسجيل للصف الأول ما بين ألفين إلى ألف ونص الألف، وهذا أمر من المستحيل مجابهته في ظل هذه الظروف المعلومة للجميع.
التجار يتأسفون
وبجولة (للصيحة) بسوق أم درمان أعرب معظم التجار المتخصين في بيع الشنط المدرسية عن أسفهم للزيادات التي طرأت، مؤكدين أن هذه الزيادات فرضتها الظروف الخاصة بارتفاع سعر الصرف والجبايات المفروضة عليهم، ومع ذلك أكد الكثيرون منهم أنهم يتماشون مع الموطن ولا يتمسكون كثيراً بالسعر المحدد لأنهم يعلمون جيداً الظروف التي يعاني منها الكثيرون .
وبحسب الصادق إسماعيل أحد تجار الشنط أن هذا الموسم يشهد ضعفاً في القوة الشرائية لأن مناسبة العيد استنزفت معظم موارد الأسر مما يجعلنا نضطر إلى البيع بالخسارة حتى نجابه الالتزامات اليومية، واعترف الصادق بارتفاع الأسعار وبرر ذلك بأنهم مرغمون على ذلك غير أنه عاد وأكد تقديراً للأسر وضعنا هامشاً للربح .
ركود وعدم إقبال
فيما يتعلق بالزي المدرسي تشهد أسواقه ركودًا كبيراً لعدم توفر السيولة، وقد ارتفعت الملابس المدرسية إلى الضعف مقارنة بالعام الماضي، حيث تراوح سعر اللبسة ما بين 150 لتلميذ الصف الأول 180 للصفوف المتقدمة، وفي المقابل ارتفع سعر الكراسات وبعملية حسابية أن تكلفة التلميذ الواحد تصل إلى قرابة الثلاثة آلاف في المدارس الحكومية إذا أضيفت الرسوم المدرسية .
معضلة حقيقية
وبحسب عباس الخضر، أب لثلاثة أطفال يدرسون في الصف الخامس والثامن وأصغرهم سيدخل هذا العام إلي الصف الأول أن العملية التعليمية أصبحت أكبر الهواجس التي تواجه الأسر في زمننا هذا، وأمر لا يقوى عليه الكثيرون وتساءل عباس عن مجانية التعليم التي يتشدق بها المسؤولون، مشيراً إلى أنه من الاستحالة انتظام ثلاثة أبناء في الدراسة في ظل هذه الظروف الطاحنة، مطالباً الدولة بالتدخل العاجل للحد من المغالاة في التعليم، مشيراً إلى أن التعليم حق مكفول للجميع ولكنه بات مرتبطاً بطبقات بعينها .
زيادة مبررة
الأستاذ غاندي المبارك ـمعلم في مرحلة الأساس، قال للصيحة إن توقيت العام الدراسي لم يكن مناسباً بأي حال من الأحوال، لأن معظم الأسر لم تفق من صدمة التزامات العيد لتجد نفسها في مواجهة التزامات المدارس بتكلفتها العالية، مشيراً أن الوضع الراهن بالنسبة للسواد الأعظم من الأسر بحاجة إلى إعانة لأنه من المستحيل أن يواجه رب الأسرة كل هذه الالتزامات لمفرده، فلابد من الإعانة سواء من أقربائه المقيمين خارج البلاد أو ميسوري الحال.
وفيما يتعلق بالرسوم الدراسية المفروضة على تلاميذ وطلاب المدارس الحكومية، قال غاندي إن وزارة التربية والتعليم منعت فرض هذه الرسوم غير أن مجالس الآباء والمدارس التربوية هي التي تفرضها لتحسين البيئة المدرسية من توفير للطباشير ومجابهة التزامات الخدمات من مياه وكهرباء ووسائل تعليمية ومرتب الخفير ووجبة المعلمين، كل ذلك يدخل في هذه الرسوم المفروضة على التلاميذ.
أما فيما يتعلق بالمدارس الخاصة، قال الأستاذ غاندي إن الزيادة التي طرأت على رسوم المدارس الخاصة هي زيادات منطقية مقارنة بالارتفاع الذي تشهده الأسواق في كافة السلع الضرورية كاشفاً أن هذه المدارس تفرض عليها رسوم من الدولة بجانب أنها تلتزم بتوفير الكتب وكل الواسائل التعليمية وتوفير مرتبات المعلمين والزي المدرسي، وإذا جمعت كل هذه المنصرفات تجد أن معظم المدارس الخاصة تحقق هامشاً من الربح .
نستحي من الأسر
وبحسب الأستاذ محمد تبيدي رئيس مجلس إداره مركز أبوبكر الصديق للتدريب المهني وتنمية الموارد البشرية عن الوضع الراهن وارتفاع اسعار مستلزمات المدارس والتكاليف الكبيرة لرسوم المدارس الحكومية والخاصة أفادنا أن هذه الزيادات كانت متوقعة حسب الزيادات التي طرأت على السوق بصورة عامة، غير أن الزيادة المتعلقة بالتعليم لم تكن في الحسبان إذ أكثر المتشائمين لم يتصورها أن تبلغ الضعفين خاصة مع ظرف العيد والمعيشة والالتزامات الأخرى من إيجار وعلاج ومتطلبات الشباب من ضروريات أخرى، مشيراً إلى أن للتعليم أهمية قصوى تلغي كل الاحتياجات الأخرى وأنا كولي أمر طالب أدفع مبالغ كبيرة لتعليم أبنائي. في السابق كانت مستلزمات المدارس والتكاليف مستطاعة، وفي المتناول، ولكن الآن الاسعار خرافية وشبه مستحيلة مهما بلغ الشخص من الثراء.
أقساط مريحة
وبصفتي صاحب مركز تنمية بشرية خاص، أحياناً نستحي من الرسوم الدراسية المفروضة على الكورسات والدبلومات الحرفية والتجارية ونحاول تقسيمها لأقساط مريحة حتى يتمكن المتدرب من دفعها ومواصلة تعليمه ونخفض جزءاً كبيراً من المبلغ للأيتام والمعاقين وأبنائهم والإخوان الأشقاء كمساهمة من إدارة المركز في تخفيف الأعباء، لا سيما النظر لكافة المشاكل المتعلقة برواد التدريب المهني والتجاري رغم تكاليف متطلبات تجهيز الورش والعبء الكبير الملقى على عاتقنا، ولكننا نشارك أولياء الأمور أعباء تكاليف الدراسة الكبيرة ونحاول المساهمة بقدر المستطاع لأننا شعب متكافل متراحم في الأزمات، ونتمنى من الله الصبر على البلاء والغلاء وضبط النفس حتى نعبر هذا الحاجز وينتعش اقتصادنا بأيدي شبابنا وطلابنا وعمالنا وهم الشريحة المهمة القادرة على رفع الاقتصاد وتحسين الأوضاع بالكد والجد والعمل المتواصل ورجائي الاهتمام بهم فهم يمثلون يد البلاد العاملة.
المصيبة الأعظم
إذا كانت تكلفة التلميذ للصف الأول أساس في العام الدراسي الجديد وصلت إلى مايقارب الثلاثة آلاف جنيه فما بالك بالمدارس الخاصة والأجنبية التي شهدت رسومها ارتفاعاً وصل إلى 60% بحسب إفادات أولياء الأمور وهي زيادة وصفها البعض بالجنونية ولا يقوى عليها الكثيرون ورسوم المدارس الخاصة تتفاوت من مدرسة إلى أخرى، ولكن القبول في الحد الأدنى لطالب الصف الأول في بعض المدارس بلغ 13600 موزعة كالأتي 2000 رسوم تسجيل و8000 رسوم دراسية 3600 للترحيل بالنسبة للحارات التي تقع بالقرب من المدرسة ومدرسة أخرى فرضت 00001 جنيه للترحيل هذا فيما يتعلق بالمدارس المغمورة نوعًا ما، أما فيما يتعلق بالمدارس الكبيرة ذائعة الصيت فإن الأرقام صادمة علماً بأن هذه المدارس قسمت المبلغ على ثلاثة أقساط وأخرى إلى أربعة رأفة منها بأولياء الأمور كما يدعون. من كل ذلك نستخلص أن ولي أمر التلميذ مطالب بتوفير مبلغ 5000 جنية كدفعة أولى حتى يتم قبول ابنه أو بنته وإذا كان هناك ثلاثة أبناء يدرسون في المدارس الخاصة أو الأجنبية يكون بحاجة إلى معجزة أو يصبح حاوياً.
لا يمكن الوصول إليهم
تضج مواقع التواصل الاجتماعي بخطاب من وزارة التربية والتعليم تمنع فيه زيادة الرسوم في المدارس الخاصة إلا بعد ثلاث سنوات، غير أن معظم المدارس ضربت بهذا القرار عرض الحائط ولم تنزله إلى أرض الواقع، حاولنا أن نتصل ببعض المسؤولين بوزارة التربية والتعليم للتعليق ومعرفة رؤيتهم في المعاناة التي يواجهها أولياء الأمورفي مجابهة التزامات العام الدراسي الجديد إلا أننا وجدنا أن جوالاتهم مغلقة وفشلنا في الوصول إليهم وبعضهم اكتفى بعدم الرد .
والسؤال الذي لم نجد له تفسيراً، هل قرار الوزير ليس ملزماً للمدارس الخاصة، ولماذا لا تكون هنالك متابعة ميدانية ومحاسبة أي مدرسة لا تلتزم بقرار الوزارة.
إن العام الدراسي الجديد بكل معطياته التي ذكرناها يعد كارثة على الأسر ومنهكاً مادياً وبحاجة إلى تدخل سريع من وزارة التربية والتعليم.
ونواصل
تحقيق: معاوية السقا
صحيفة الصيحة