بلغ متوسط مساحة الأراضي المزروعة في السودان العام الماضي، حسب وزير الزراعة السابق البروفيسور “عبد اللطيف العجيمي” حوالي (45) مليون فدان، فيما تقدر مؤسسات مختلفة الأراضي الصالحة للزراعة في السودان بنحو (200) مليون فدان.
مؤسسة “غولدن ماكس مان” الأمريكية قدرت الأراضي الصالحة للزراعة غير المستغلة ب(80) مليون فدان !!
دعونا نركز على الأراضي المزروعة، وهي (45) مليون فدان، تتوزع بين المشاريع المروية والمطرية، ونتساءل عن إنتاجها وإنتاجيتها، وانعكاسات ذلك على معيشة المواطن.
في بلد الـ(45) مليون فدان مزروعة، يباع كيلو الطماطم ب(80) جنيهاً، دعك من التفاح والعنب والبرتقال المستورد!! فهل يقاطع الشعب السوداني الطماطم تبعاً للحوم؟! فماذا تبقى له من طعام؟!
دعونا ننظر بتأمل.. شمالاً إلى جارتنا “مصر”، والأرض فيها بالتأكيد ودون مقارنة، تقل كثيراً عن (كم) و(كيف) الأراضي المزروعة أو الصالحة للزراعة في بلادنا، فضلاً عن شح المياه المعروف شمالاً بالقياس إلى الجنوب صاحب النيلين الأزرق والأبيض.. والقاش .. والعطبراوي .. والمطر والسيول .
سعر كيلو الطماطم في مصر (4) جنيهات في القاهرة، أما في المناطق الريفية فلا يتجاوز (3) جنيهات مصرية، وهذا يعني أن سعره أقل من (10) جنيهات سوداني بحساب سعر السوق الموازي للدولار والجنيه المصري!!
وإذا حسبنا لكيلو الطماطم المصرية نسبة (ربح) هائلة مع ترحيل ورسوم جمارك بمجموع (100%)، فهذا يعني أنه سيصل الخرطوم براً داخل شاحنات (برادات) بقيمة (20) جنيهاً للكيلو جرام، بينما سعره اليوم في حاضرة سلة غذاء العالم لا يقل عن (80) جنيهاً.. أي ما يساوي (8) مرات سعره في القاهرة !!
هل تعلمون كم تبلغ جملة المساحات المزروعة في مصر؟!
قد لا تصدقون أنها فقط.. (9) ملايين فدان، (3) ملايين منها أراض صحراوية مستصلحة، وهي بالتالي في جملتها أقل من (خمس) المساحات المزروعة في السودان!!
إذا كنا قد فشلنا في إدارة ثرواتنا الطبيعية، وجعلنا نتفاخر بعدد الملايين المزروعة دون إنتاجية تناسب هذا الكم الهائل من المساحات والمياه المستخدمة، فما هي الأسباب الموضوعية والمنطقية التي تجعل حكومتنا تصر بعناد غريب على تجويع شعبها بقفل الحدود عن حصاد أراضي الدول الأخرى من الخضروات والفواكه؟!
طبعاً.. لا أحد عاقل يصدق أن الـ(9) ملايين فدان المزروعة في “مصر” مسقية بمياه الصرف الصحي، وإلا لمات خلال الأسابيع المقبلة أكثر من (2) مليون سوداني صاموا شهر رمضان المعظم في مصر وتناولوا أطنانا من الخضروات والفاكهة المصرية وأنا واحد منهم (الفاتحة على أرواحهم وروحي ولا دائم إلا وجه الله)، هذا غير الـ(100) مليون مصري الذين يلتهمون كل يوم منتجات بلدهم بشراهة، فيزيدون.. يتناسلون ويتكاثرون ولا ينقصون!!
(9) ملايين فدان تطعم (100) مليون نسمة وتفيض للصادر، بالمقابل لا تكفي (45) مليون فدان لتغطية قليل من غذاء (35) مليون سوداني، فيتصدق علينا السادة “الأتراك”.. و”السعوديون”.. بالإغاثات!!
الهندي عزالدين
المجهر