بعد اجتماع تشريفي بالقصر الجمهوري، انطلقت في قاعة الصداقة قريباً من ملتقى النيلين بالعاصمة الخرطوم، مباحثات فرقاء الأزمة الجنوبية الرئيس سلفاكير ميارديت وزعيم المعارضة رياك مشار، وذلك بحضور كل من الرئيس عمر البشير ونظيره اليوغندي يوري موسيفني بجانب عدد من قيادات المعارضة في الجنوب على رأسهم لام كول .
حرب غير مبررة
اعتبر الرئيس عمر البشير القمة المنعقدة حول السلام في دولة جنوب السودان بالخرطوم بأنها الخطوة الثانية من حكومته لرأب الصدع بين الفرقاء الجنوبيين. وقال فى افتتاح فعاليات القمة إنها تجيء بناءً على توصية الإيقاد التى فوضته لتقريب الشقة بين الأشقاء بدولة جنوب السودان. مشيراً إلى وجود مليوني (اثنين) لاجىء جنوبى في بلاده جراء الحرب التي وصفها بغير المبررة بين الفرقاء الجنوبيين وتضرر منها كامل الإقليم وتأثر بها المجتمع الدولى.وأضاف البشير بأن حكومته رفضت العقوبات التى وضعها المجتمع الدولى على قادة الجنوب لقناعتها بأن العقوبات لن تجلب السلام ولا تأتي بحلول. متعهداً بتسخير خبراتهم وتجاربهم فى الحرب والسلام والحوار الوطنى من أجل مساعدة الفرقاء الجنوبيين فى تلمس طريق السلام. مشيرًا إلى أن التاريخ سيسجل النجاح والإخفاق لنا ، كقادة للإقليم بصفة عامة، ولكم أنتم قادة جنوب السودان بصفةٍ خاصة، في حل هذه الأزمة والتسامي على حظوظ النفس والغبن الشخصي، لصالح إنسان الجنوب، واكد أن السودان سيضع إمكاناته وخبراته التي اكتسبها عبر سنوات الحرب والسلام ، ونجاحه في إدارة حوار وطني ومجتمعي ، شمل كل مكوناته ، وخاطب جميع قضاياه بروح من المسئولية الوطنية، وسيضعها أمام إخوته في الجنوب للاهتداء بتجربة النجاح في تحقيق الأمن والسلام.
دمار وتشريد
مختتماً كلمته بأن التاريخ يحمل قادة الجنوب وقادة الإقليم ما يحدث الآن من حرب ودمار وتشريد للشعب الجنوبى وأن على الجميع وضع حد لمعاناة المواطنين الجنوبيين داخل وخارج البلاد. وقال البشير إن جهود الإيقاد السابقة والحالية تضيف إلى تجارب القارة الناجحة ، وفي تسوية القضايا الأفريقية ، بأيدٍ افريقية، مقدمًا شكره وتقديره للمساعي الدؤوبة لرئيس الإيقاد ، والمبعوث إلى جنوب السودان.
اعتذار موسيفني
اعتذر الرئيس اليوغندي يوري موسفينى عن اكمال الجلسة متعللاً باللحاق بطائرته، ليطلب من موفد الإيقاد ،أبو زيد الحسن، السماح له بإلقاء كلمة مختصرة شكر خلالها الرئيسين البشير وسلفاكير والإيقاد على المبادرة موضحًا بأنه يقدم كامل دعمه ومباركته للقمة، وقال جئت لأؤكد دعمى الكامل للقمة متمنيًا أن تكلل بالنجاح.
رسائل للإيقاد
رئيس دولة جنوب السودان، سلفاكير ميارديت، أرسل في كلمته رسالة لدول الإيقاد طالب فيها بفصل النقاط التى تم الاتفاق عليها عن تلك التى لا تزال محل تفاوض حتى يسهل على المفاوضين والوسطاء مناقشتها. وقال سلفاكير في كلمته إن القضايا العالقة تتمثل فى تقاسم السلطة والترتيبات الأمنية مشيرًا إلى أن مقترح إدماج القوات المعارضة فى الجيش القومى قد نوقش بكل مستفيض . وأشاد بالجهود التي بذلها رؤساء حكومات دول الإيقاد لعودة السلام إلى بلاده، مؤكدًا أن لدولة جنوب السودان وحكومة السودان مصالح مشتركة في الأمن و الاقتصاد. وأكد أن حضوره للسودان كان من أجل إحلال السلام في جنوب السودان.وأضاف: “نحن اليوم مرة أخرى في الخرطوم لمحاولة تطوير ما يتم التوصل إليه من توصيات والذي حدث قبل عام واحد لإيجاد حل نهائي للنزاع في جنوب السودان”.كاشفاً عن عدد من النقاط قال إنها لا زالت مثار جدل مثل تذويب أجهزة الدولة وحل البرلمانات القومية والولائية وصلاحيات الرئيس وغيرها من القضايا المتعلقة بالحكم .
مطالب تعجيزية
وأكد سلفاكير ميارديت بأن فريق التفاوض الحكومي وجد عنتاً كبيراً من جهة المعارضة مشيرًا إلى أن المعارضة تستغل الموقف الإقليمي المناصر لها لطرح مطالب تعجيزية.مضيفاً بأن المعارضة تجد دعماً خارجياً يدفعها للتعنت فى مواقفها مبيناً بأنه وجههم للعمل من أجل الوصول إلى سلام.ولم يناقش سلفاكير ،خلال كلمته المقتضبة، رفض مشاركة مشار فى السلطة أو ضرورة إبعاده عن المشهد السياسى بدولة الجنوب بالرغم من تمترس حكومته فى مواقفها الرافضة لعودة مشار والتى عبر عنها وزير الإعلام -مايكل مكوى – بقوله إن مشار كان فى منصب نائب أول الرئيس عند اندلاع العنف وليس هناك مسوغات لاعادته لذات المنصب، وأكد ميارديت بأنه جاء إلى المفاوضات بقلب وعقل مفتوحين من أجل إحلال السلام مشيرًا إلى المعاناة التى يكابدها مواطن الجنوب والأزمة الاقتصادية الطاحنة مطالبًا مشار بالسعى لإحلال السلام .
قضايا عالقة
بدوره أشاد السفير أبو زيد الحسن- ممثل منظمة إيقاد – بدعم السودان للجهود المبذولة في تحقيق السلام والاستقرار في دولة جنوب السودان، مؤكدًا التزام المنظمة بالسير بعملية السلام ودعمها و الوصول بها إلى بر الأمان. و قال أبو زيد، لدى مخاطبته الجلسة الافتتاحية، أن أحزاب و شركاء جنوب السودان حققوا بعض التقدم في وقف إطلاق النار في الجلسات السابقة و العمل على تحقيق السلام . و أشار إلى عزم الأطراف على تنفيد عدد من الأنشطة على مدى تسعة أيام تتعلق بالسلام بعد أن تم الاتفاق على التحول الديمقراطي، لافتًا إلى بعض القضايا العالقة أهمها ترسيم الحدود داخل الجنوب والترتيبات الأمنية .
نقاط المبادرة
فيما لخص وزير الخارجية السوداني، الدرديرى محمد أحمد ، نقاط المبادرة المدعومة من إيقاد في ثلاثة أجزاء أساسية، تعلقت بتجسير هوة الخلاف بين القائدين الشقيقين الرئيس الفريق سلفاكير ميارديت والدكتور رياك مشار ومناقشة الخطوات الكفيلة لانقاذ اقتصاد دولة جنوب السودان والمتعلقة بأمن القطاع النفطى وكذلك تنوير الرئيس الكينى أوهيرو كينياتا بمخرجات قمة الخرطوم والتى ستستمر أسبوعين تنتهى فى التاسع من يوليو حيث تنتقل القمة إلى العاصمة الكينية نيروبى.
مشيرا إلى أن المفاوضات قابلة للتمديد حسب الحاجة إلى ذلك وبناء على توصيات اللجان المختصة بمراقبة سيرها.
وأشار الدريرى – فى تصريحات صحفية – إلى أن وصول وفد فنى جنوبي بقيادة وزير النفط الجنوب سوداني، إيزيكال لوال جاتكوث ، للاجتماع بنظرائهم فى السودان وأشار الدرديرى إلى أن العمل فى قطاع النفط سيسير يدًا بيد مع محادثات السلام بين الفرقاء متمنياً أن يتم الوصول إلى سلام حتى يتم استئناف نشاط القطاع النفطى بين البلدين.
وصول الجميع
وقال وزير الخارجية، الدرديري محمد أحمد، في تصريحات خاصة لـ (الصيحة)؛ أنه بالرغم من أن تحالف المعارضة قدم مطالبة ضمن مطالب مجموعة الدكتور رياك مشار والمعتقلين السياسيين إلا أنه تمت دعوتهم إلى الخرطوم للمشاركة فى القمة.مؤكدًا وصول كافة القيادات بما فى ذلك رئيس مجموعة المعتقلين السياسيين باقان أموم، ووزير الخارجية دينق ألور، والقيادية ريبيكا قرنق ود. كوستيلو قرنق. وغيرهم مشيراً إلى أنه فى غضون الأيام القادمة سينخرطون مباشرة فى المفاوضات الثنائية إلا أنه عاد وأكد مشاركته عند الضرورة أو فى حال الحاجة إلى الأخذ برأيهم فى العديد من القضايا..
ثقة في الخرطوم
لم يشارك زعيم المعارضة الجنوبية رياك مشار الحديث على المنصة غير أنه أدلى بتصريح للصحفيين وقد تهلل وجهه بالفرح وبدا سعيداً بعكس الصورة المنهكة التى بدأت على وجهه ساعة وصولة مطار الخرطوم أمس الأول (الاحد). وأكد مشار للصحفيين ثقته فى قدرة الخرطوم على طى صفحة الخلافات بين الفرقاء.
وقال إن الخرطوم انسب الوسطاء لتناول الملف كونها على دراية تامة بطبيعة الخلاف وجذوره. مشيرًا إلى ثقته فى الوصول إلى سلام مع حكومة جوبا .
مشاركة تحالف المعارضة
كشف القيادى بتحالف المعارضة الجنوبية حسين عبد الباقي لـ (الصيحة) عن مشاركة د. كوستيلو قرنق فى المفاوضات. وقال حسين إن تحالف المعارضة قدم رؤيته للسلام عبر الورقة التى تقدم بها زعيم المعارضة د. رياك مشار.
مضيفاً بأن تحالف المعارضة أصبح يشمل مجموعة المعتقلين السياسيين ومجموعة مشار إضافة إلى تحالف المجموعات المعارضة العشرة.
وأبان عبد الباقى بأن الخلاف مع مجموعة مشار تمحور حول رئاسة التحالف حيث أصرت المجموعة على أن تترأس التحالف بينما رأى التحالف ضرورة تمرير الرئاسة دوريًا على قادة المجموعات المشاركة مبينًا إلى أنه قد تم تجاوز الخلافات.
كاشفاً أن المعارضة تقدمت بمطالب جديدة تمثلت فى تحديد دولة بعينها لرعاية المفاوضات كشرط لإنجاح العملية، وقال: يجب الاعتزاز باتفاقية السلام التى وقعت فى العام 2005م بين الفرقاء السودانيين آنذاك والتى رعتها كينيا (اتفاقية السلام الشامل) وأشار إلى أن المطالب شملت العودة إلى التقسيم الإدارى السابق والقائم على عشر ولايات إضافة إلى تشكيل حكومة رشيقة.
مشيرا إلى أن جوبا اقترحت 1750 وظيفة دستورية بينما اقترحت مجموعتهم 850 وظيفة وقال إنه حال تم إنفاذ مقترح جوبا لن يتبقى للمواطن الجنوبى أموال ليتم صرفها على قطاعات الصحة والتعليم وغيرها من الخدمات الضرورية .
خطوات متباعدة
كشف مصدر رفيع بالإيقاد لـ (الصيحة) عن تعنت الرئيس سلفاكير فى تقديم ورقة حكومته، وقال إن رئيس الوزراء الأثيوبي أبي أحمد طالب سلفاكير ثلاث مرات بكتابة ورقته إلا أن سلفاكير قابل ذلك بالرفض فى كل مرة مصرًا على أن يقدم مشار ورقته على أن تعدل حكومته فى ذات الورقة بشطب ما لا ترغب فيه كما كان يحدث فى المفاوضات بين الحركة الشعبية والخرطوم آنذاك.
مشهد أخير
لاحظت (الصيحة) حركة دؤوبًا لمدير جهاز الأمن والمخابرات الوطنى الجنوبي ،أكول كور، بصحبة عدد من القياديين وبينما اقتصرت مشاركة سفير دولة جنوب السودان ميان دوت على الوجود الصامت.
الخرطوم … إنصاف العوض
صحيفة الصيحة