يصنف الطبيب الأميركي جيمس ماريون سيمز كواحد من أهم روّاد الطب المعاصر حيث لعب الأخير دورا هاما في تطوير عدد من أدوات طب النساء والتوليد.
كما أجرى هذا الطبيب أبحاثا وعمليات جراحية في نفس المجال لإثبات عدد من النظريات المرتبطة بالولادات، وبفضل كل هذه الإنجازات لقب جيمس ماريون سيمز بأب طب النساء المعاصر.
إلا أنه مقابل هذا الوجه الرائع الذي قدّم خدمة كبيرة للإنسانية، حظي الطبيب الأميركي بوجه ثان عنصري ولا إنساني، فخلال فترة أبحاثه لم يتردد الرجل الملقب بأب طب النساء في إجراء تجارب فظيعة على نساء من ذوي البشرة السوداء (أميركيات أفارقة) عانين حينها من العبودية والعنصرية.
إنجازات علمية
فخلال مسيرته العلمية، قدّم الطبيب جيمس ماريون سيمز الكثير لطب النساء بحيث صنّف كمخترع أداة التوسيع المعاصرة والتي تلقب أحيانا بالمنظار المهبلي (Speculum).
كما حدد سيمز أيضا الوضعية المناسبة لإجراء الكشوفات والفحوصات المهبلية بالنسبة للمرأة.
إلى ذلك، طوّر طرقا جراحية لعلاج الناسور المثاني المهبلي، والذي يصنّف ضمن مضاعفات عمليات الولادة, مسببا تمزقا بين الرحم والمثانة وهو ما يؤدي إلى تسرب للبول مرفوق بآلام شديدة.
فقد حقق الطبيب سيمز شهرته بمنطقة مونتغومري بولاية ألاباما، حيث استقر هناك قرب حقول القطن، التي كانت تعج بـ”العبيد السود” لينشئ مستشفى صغيرا خاصا به، استقبل داخله السود واهتم بأمور تكاثرهم لصالح “الأسياد” البيض.
عمليات دون تخدير
في المقابل وكسائر أطباء القرن التاسع عشر، لم يبد الطبيب جيمس ماريون سيمز أي اهتمام بأمور طب النساء إلى أن استقبل ذات يوم امرأة من البيض كانت تشتكي من آلام شديدة على مستوى الحوض، وتبين لاحقا أنها تعاني الناسور المثاني المهبلي.
في حدود سنة 1845 باشر سيمز أبحاثه على الناسور المثاني المهبلي. ومن أجل تحقيق تقدم في تجاربه العلمية، لم يتردد في إجراء تجارب على نساء من “العبيد السود” من ذوي الأصول الإفريقية، ولعلّ أبرزهن أنركا وبيتسي ولوسي حيث خضعت أنركا وحدها إلى حوالي ثلاثين عملية جراحية.
في أثناء ذلك، تصنف الفتاة ذات الأصول الإفريقية لوسي كأول من خضع لتجارب سيمز حول الناسور المثاني المهبلي حيث خضعت الأخيرة لعمليات جراحية عديدة وسط غياب تام لتقنيات التخدير مما جعلها تصرخ طيلة فترة التجارب من شدة الألم.
“لا يشعرون بالألم”
فخلال تلك الفترة، عارض الطبيب جيمس ماريون سيمز بشكل قاطع فكرة استخدام طرق التخدير على العبيد السود، لأنه بناء على النظريات العنصرية التي آمن بها الأخير لا يملك السود أية مشاعر أو أحاسيس ولا يشعرون بالألم عقب إصابتهم.
وخلال مسيرته، أجرى الطبيب جيمس ماريون سيمز تجارب على عشرات النساء من ذوي الأصول الإفريقية من دون تخدير. فضلا عن ذلك، وقبل نجاحه في بلوغ هدفه وتطوير التقنيات الجراحية لعلاج الناسور المثاني المهبلي تسبب سيمز في مقتل العديد من النساء السود.
في المقابل، وبالتزامن مع نجاح تجاربه، استقبل سيمز العديد من النساء البيض المصابات بالناسور المثاني المهبلي، وخلال تلك الفترة لم يتردد الأخير في استخدام طرق التخدير أثناء إجراء العمليات الجراحية على ذوي البشرة البيضاء.
لم تتوقف التجارب الفظيعة لسيمز عند الناسور المثاني المهبلي، فإضافة لذلك حاول الطبيب العنصري تفسير مرض الكزاز الوليدي وكالعادة كان “العبيد السود” فئران تجاربه.
ثقب جماجم
وبناء على نظرية عنصرية أخرى، آمن سيمز بأن السود أقل ذكاء من البيض بسبب كبر حجم جمجمة رؤوسهم مقارنة بعقولهم، ولهذا السبب لم يتردد الأخير في استخدام طرق فظيعة لثقب جماجمهم، فضلا عن ذلك احتفظ الطبيب الأميركي بجثث الأطفال السود الموتى لإجراء عمليات تشريح دقيقة عليها.
يذكر أنه في منتصف شهر أبريل 2018، وبالتزامن مع الاحتجاجات حول شخصية الطبيب سيمز العنصرية، لم تتردد سلطات مدينة نيويورك في نقل تمثال الطبيب جيمس ماريون سيمز والملقب بأب طب النساء المعاصر من حديقة سنترال بارك نحو مكان آخر.
العربية