بعدما أثار جدلا كثيفا من قبل، ها هي الحكومة تقوم بتمرير التعديل الوارد علي قانون مكافحة جرائم المعلوماتية بعدما استحدثت عليه بعض المواد التي تشدد العقوبات على مخالفيه من قبل رئاسة مجلس الوزراء مطلع الاسبوع الجاري
وفور الإعلان عن تقديم مشروع القانون للبرلمان لإقراره، بدأت تطفو مخاوف مدونين وناشطين في مواقع التواصل الاجتماعي من التضييق على الحريات الشخصية والعامة، بينما وصفت قوى سياسية معارضة القانون في صيغته المعدلة بأنه تهديد حقيقي لحرية التعبير والذي يصل فيه حد المخالفة بالحكم المؤبد علي بعض الجرائم.
بينما سارعت وزارة العلوم والاتصالات التي تتبنى مشروع القانون بثت تطمينات بعدم رغبتها في فرض قيود على النشر الإلكتروني، معتبرة أن تعديل القانون يستهدف تنظيم وحفظ حقوق الآخرين.
ويقول عضو البرلمان عن حزب المؤتمر الشعبي كمال عمر القانون المعدل بأنه يكشف التغول على الحريات، “ويعكس عدم جدية الجهاز التنفيذي تجاه مقررات الحوار الوطني الذي أوصى بعدم كبت الحريات”.
موضحا إن صدور مشروع القانون من وزارة الاتصالات وليس وزارة العدل يعكس رغبة حكومية في الالتفاف على الحقوق والتضييق على حرية التعبير، فضلا عن أنه يخالف الأعراف والمواثيق الدولية والدستور.
وتعهد عمر -الذي يمثل حزبه في البرلمان- بمناهضة مشروع قانون مكافحة جرائم المعلوماتية، بعدما أكد أن كافة العقوبات التي تضمنها القانون موجودة بصورة أشمل في القانون الجنائي السوداني لسنة 1991.
فقد قام القانون باستحداث نحو عشرين مادة في قانون جرائم المعلوماتية لسنة 2007، والذي لم يكن محل ترحيب من بعض الجماعات، وتضمنت المواد المستحدثة عقوبات رادعة تتراوح بين السجن بما لا يزيد على ثلاث سنوات، والجلد بما لا يتجاوز أربعين جلدة، أو العقوبتين معا.
حيث يعاقب مشروع القانون الجديد كل من يستخدم شبكة المعلومات، أو الاتصالات، أو أيا من وسائل المعلومات، أو أي تطبيقات إلكترونية، لنشر أفكار أو أفعال أو أقوال مخالفة للنظام العام، أو الآداب، أو الترويج لها.
سيما وان حجم قضايا الجرائم المعلوماتية قد وصل أمام المحاكم خلال العام الماضي إلى نحو عشر قضايا، بينما سجُلت في 2015 حوالى 507 جرائم، تصدّرتها بلاغات تشويه السمعة والابتزاز والتهديد، فضلاً عن الاحتيال المادي وانتهاك الخصوصيّة، وتذيلت تلك الجرائم، وفقا لمسؤول ملف الجرائم المستحدثة ياسر عبدالرحمن، جرائم اختراق المواقع الحكومية والشركات الخاصة.
رفعت التعديلات العقوبات على جريمة الابتزاز عبر مواقع التواصل الاجتماعي إلى الحبس لسبع سنوات، فضلاً عن الحبس سبع سنوات للموظف الذي يعمل على نقل المعلومات وإفشاء أسرار مؤسسته، كما حددت لعمليات التهديد التقني عقوبة سبع سنوات.
وطبقا لقانون الجديد والذي قضي بمعاقبة منتهكي الخصوصية بالحبس لمدة عام، أي لكل من يعمل على الاطلاع على الهاتف أو الأجهزة الإلكترونية لشخص ما دون إذن. ويسري ذلك حتى في حال اطلعت الزوجة على هاتف زوجها أو العكس.
ويشير المستشار القانوني لوزارة الاتصالات، ماهر عيسى، إنّ القانون القديم لم يعد يلبي الاحتياجات في ظلّ تطوّر الجريمة الإلكترونية، الأمر الذي يعقد عملية إثبات الجريمة وإقناع المحكمة، مؤكد أنّ التعديلات الجديدة توسعت في حماية الأطفال، حيث أفردت لها فصلاً كاملاً باعتبارهم أكثر الفئات المستهدفة والمستخدمة للإنترنت، فضلاً عن التوسع في جرائم الإرهاب والاتجار بالبشر وتشديد العقوبات.
وأضاف أنّ القانون خصّص مادةً للنشر الإلكتروني، وشدد في عقوبتها، بعد أن كانت مدمجمة مع مادة أخرى في القانون القديم، لكنّه نفى تماماً أن يكون القصد منها تقييد حرية النشر بمواقع التواصل الاجتماعي المختلفة
ويلفت المدير العام للمركز القومي للمعلومات، محمد عبدالرحيم، أنّ متغيرات الأوضاع استوجبت تطوير قانون جرائم المعلوماتية، مشيراً إلى أنّه نجح في الحد من هذا النوع من الجرائم، موضحاً أنّ هناك نحو 460 ألف جهاز حاسوب في مكاتب الدولة.
خاصة بعدما أثار القانون الجديد موجة انتقادات لاذعة، حيث رأى فيه البعض محاولةً للتضييق على مواقع التواصل الاجتماعي التي أصبحت بمثابة إعلام بديل، بعد القيود التي فرضت على الإعلام المحلي، وعملت على تغييب المعلومة الصحيحة عن الرأي العام السوداني، بجانب كونها متنفساً.
وعقب توجة السودانيون مؤخرا إلى منصات مواقع التواصل الاجتماعي، ولا سيما “فيسبوك” و”واتساب” لاستقاء المعلومات وتداول الأحداث المختلفة والتي تضَخّ بشكل مكثف، ويتم تداول بعضها عند حدوثها، فضلاً عن كونها أصبحت ساحة لانتقاد ممارسات وسياسات الحكومة.
الخرطوم: الهضيبي يس