ولا نزال (نتحاسب) مع باقان الذي قال في حوار (الانتباهة) إنه (يسامح الطيب مصطفى) وذلك بعد أن رماني بدائه وانسل كالشعرة من العجين وحمّلني المسؤولية عن حالة الخصام الذي ساد علاقتنا طوال الفترة الماضية.
كنا قد أوردنا بعض الأذى والكيد الذي وجّهه باقان للسودان كما رددنا على إدعائه أنه دعا إلى مشروع وطني شامل يُعبّر عن كل مكونات الشعب السوداني وأوردنا تعريفاً لمشروع (السودان الجديد) الذي صمّمه قرنق لإعادة هيكلة السودان وإقصاء مكونه الشمالي لصالح المكون الجنوبي الذي سعى قرنق إلى تمكينه من حكم السودان بعد (تحريره) مما سماه بهيمنة المركز الذي يعني به الشمال !
العجب العجاب أن باقان لم يترك الشمال لحاله حتى بعد أن انفصلوا بجنوبهم ودولتهم (وفرزوا عيشتهم) بمحض إرادتهم واختيارهم إنما ظل يصر على حشر أنفه في الشأن السوداني بل ظل يعمل على إخضاع السودان لدولة جنوب السودان ولذلك من المدهش بحق أن تُبقي دولة باقان الجديدة على ذات اسم حزبها الحاكم (الحركة الشعبية لتحرير السودان) والذي يستبطن تدخلاً سافراً في الشأن السوداني ويدعو إلى (تحرير السودان)!
لتأكيد أن باقان لن يتركنا لحالنا لا أزال أذكر مقولته لصحيفة (الشرق الأوسط) اللندنية في حوارها معه والذي أجرته معه بعد انفصال الجنوب حيث أكد فيها أن مشروع السودان الجديد باق ومستمر ولن يتوقف السعي لإنفاذه بالانفصال وأنهم كانوا يعملون لإقامته قبل الانفصال بالخطة (أ) وسيعملون على انفاذه بعد الانفصال من خلال الخطة (ب)!
إذن فإن باقان يصر على (تحرير السودان) من خلال العمل على إنفاذ مشروع السودان الجديد حتى بعد أن غادرنا إلى دولته!
هل فهمتم قرائي الكرام الآن لماذا تحتفظ حكومة الجنوب بعملائها عرمان وعقار والحلو وعمار أمون الذين لا يزالون يحتفظون برتب عسكرية عليا في الجيش الشعبي لتحرير السودان بجنوب السودان بل لماذا يصر أولئك العملاء على أنهم مجرد (قطاع) أي (قطعة) من الجيش الشعبي التابع لدولة أخرى ليست دولتهم؟!
كل ذلك لا يعني شيئاً عند باقان الذي يصر على التدخل في الشأن السوداني وعلى العمل على إنفاذ مشروعه القميء حتى بعد أن فشل في دولته الأم التي تعيش حروباً أهلية طاحنة بين مكوناتها القبلية والاجتماعية أوشكت أن ترديها.
لا أدري ما إذا كان باقان قد نسي الشكوى التي قدمها لما سماه بالمجتمع الدولي ضد الطيب مصطفى والانتباهة والتي قمنا بنشر خبرها في (الانتباهة) قبل نحو ثماني سنوات نقلاً عن صحيفة الشرق الوسط؟!
الغريب بالفعل أن يوجه باقان رسالته الجديدة التي أراد بها أن يغازل السودان حتى يعود ليمارس ضلاله القديم في نفس الأيام التي أعلن فيها رفيق كفاحه الرويبضة عرمان عن تركه للعمل المسلح وأوبته للسلام سيما وأن عرمان جاء بعد أن طُرد من قطاع الشمال وفقد قوته العسكرية جراء الانقلاب الذي أطاحه به عبدالعزيز الحلو في جبال النوبة.
لن أفهم عودة عرمان ورسالة باقان الماكرة إلا في إطار سعيهما لإنفاذ الخطة (ب) من مشروع السودان الجديد والتي توعدنا بها من قديم..
ما يعزز هذه الفرضية أن عرمان قال إنه سيعود إلى السودان بخطة جديدة للعمل سلماً من أجل إقامة مشروع السودان الجديد مما سنفصل فيه في مقبل الأيام باستعراض رؤيته التي طرحها كتابة.
نعد عرمان وباقان أنهما سيواجهان منّا حرباً لا هوادة فيها في سبيل إجهاض مسعاهما الإقصائي التخريبي الجديد وإذا كان باقان قد طالبنا بفتح صفحة جديدة فإننا نوافق على ذلك بشرط أن يعلن ورفيقه الرويبضة تخليهما عن مشروعهما العنصري ودفنه في مزبلة التاريخ.
والله إنه لشرف لنا أي شرف أن نحمل نحن في منبر السلام العادل مهمة التصدي لباقان وعرمان ولمشروعهما المعادي للسودان ولشعبه وهويته ونسأله تعالى أن ينصرنا عليهما وأعوانهما ويمكننا من اقتلاع مشروعهما البغيض كما مكننا أول مرة وأن يكتب ذلك عنده يوم يقوم الناس لرب العالمين.
الطيب مصطفى
صحيفة الصيحة