الأدوية المخدرة.. السبيل الجديد للإدمان بعد ارتفاع أسعار الحبوب

مستشار قانوني: القانون يعاقب أي صانع أو متداول للأدوية المخدرة دون ترخيص بعقوبة تصل السجن (5) سنوات

الأدوية المخدرة جذبت المدمنين من طلاب الجامعات لاختيارها بديلاً

بعد الفراغ من وليمة الغداء في إحدى المناسبات اجتمع ستة أصدقاء يتفاكرون ويخططون كيف سيجدون ما يعدل مزاجهم! لأنهم تعودوا على شرب الخمر وأدمنوه فباتوا يجتمعون كل يوم عقب صلاة المغرب يشربون ما يكفيهم ثم يعودون إلى أهاليهم بـ(مزاج ظابط) مثلما يدعون.
أثناء اجتماعهم قاطعهم صديقهم (ع.ع) منبهاً إياهم بأنه لا يوجد في هذا المكان خمر لأنهم في منطقة مختلفة، ولأنهم باتوا مدمنين دفعهم هذا إلى التفكير في إيجاد حلول سريعة، حتى صاح أحدهم بكلمة (وجدتها) اندهش الجميع وقالوا له بتوسل: (نريد أن نعرف) فطلب منهم الإسراع لأقرب صيدلية في الحي وطلب دواء (…) بحجة إصابتهم بالالتهاب.

بعض الصيدليات تفتقر إلى الرقابة على بيع الأدوية حيث يتم بيع الأدوية المخدرة دون روشتة من الطبيب أو الاختصاصي الأمر الذي أدى إلى تزايد عدد المدمنين فسهلوا على أنفسهم الشرب في كل مكان فيدخلون الصيدليات ويشترون المخدر الذي يطلبونه ويذهبون إلى أماكن إمتاع أنفسهم ويتلذذون بالشرب.

هذه الأدوية وضعت الشباب في خطر، حيث تركوا إدمان الحبوب (المخدرات) واتجهوا إلى (أدوية الشراب) التي تستخدم في معالجة التهابات الصدر وعمليات التخدير.. مجلس الأدوية والسموم وضع ضوابط على بيع الأدوية لكن رغم ذلك تجد هذه الأدوية طريقها إلى أيدي الشباب.. (المجهر) سلطت الضوء على هذه القضية وعرضت نماذج مختلفة من خلال الجلوس مع بعض الشباب.

كان يتجول في الطرقات باحثاً عن الشراب الذي يتلذذ به خائفاً من أن يراه أحد فهو تعود على الشرب في الخفاء، دخل الصيدلية وطلب من الصيدلانية دواء (…..) أخذه وخرج مسرعاً ولم ينتظر حتى يصل المكان المحدد فرأسه كان يدور فوقف في أحد الأركان وأخرج الدواء وشربه.

{ داخل الجامعات

من السهل تداوله داخل الجامعات، حيث توضع الأدوية داخل حقائب الفتيات ولا تخضع للتفتيش من قبل الإدارة بحجة أن الطالبة مريضة وتعاني من مرض مزمن يلزمها أن تداوم على تناول الدواء في ساعات معينه من اليوم.. أحد الطلاب- فضل حجب اسمه- قال لـ(المجهر) إن الطلاب يأخذون الأدوية من الصيدليات دون روشتات ويتم تبادل الجرعات داخل الحرم الجامعي بين الطلاب، مضيفاً إنه يرى كثيراً من المدمنين وهم يشربون الداء.

استقبلتنا الطالبة “رانيا موسى” وروت (رأيت طالبين من إحدى الكليات جالسين على ظل شجرة النيم في أقصى مكان في الجامعة أثناء جلوسهما رأيت أحدهما يطعن رفيقه بحقنة في الوريد بعد أن عبأها من زجاجة دواء)، واعتقدت “رانيا” أن صديقه مريض فتأثرت للمشهد، وأثناء وقوفها قاطعها صوت زميلها يقول: (بتشاهدي في مسلسل المدمنين) فأشارت بأنها كانت تعتقد أن أسطورة الإدمان خيال في أذهان أفراد المجتمع وهي لا تصدق الأمر، واختتمت: (لم أكن أعلم بأن الأدوية تباع كمخدرات).

أما الطالب “راشد عبد الله” فقال إن الأسباب تكمن وراء الأزمة الاقتصادية، حيث إن الدواء أقل سعراً من الخمر والمخدرات (العقاقير) التي تباع من قبل مجموعات، ودعا الجهات المسؤولة إلى فرض رقابة على الصيدليات.

{ تهديدات مدمنين

في سبيل عدم الرقابة من قبل الجهات المسؤولة شكا عدد من الصيدلانيين بأنهم يتعرضون للاعتداء أو التهديد من قبل العصابات المدمنة للدواء، فبعض الصيدلانيين يرفضون أن يعطوهم الأدوية التي يطلبونها، وأشار الصيدلاني “مصعب” لـ(المجهر) أن المدمنين يدخلون الصيدلية مثلهم مثل أي مريض ويشرعون في إخراج أسلحتهم مهددين الصيدلانيين بأن يعطوهم الدواء، مبيناً أن المواقف تتكرر كثيراً خلال (24) ساعة.

نذكر في ذات السياق اعتداء أحد المدمنين وبعض العصابات على عيادة البروفيسور “علي بلدو” وأجبروه على إعطائهم عقار (….) المخدر.
أيضاً شكت الصيدلانية “سما صلاح” من تهديدات المدمنين، مبينة أن بعض الأدوية التي تستعمل كمخدر تصرف من الإمدادات الطبية أو من داخل المستشفيات، لافتة إلى بأن بعض الصيدليات لا توجد بها رقابة لأنها خاصة ومعظم الشباب يستعملون أدوية الالتهابات كمخدر مثل (شرابات الكحة).
من جانبه، حذر الطبيب “محمد إدريس” الشباب من استخدام الأدوية بكميات كبيرة ودون استشارة الاختصاصي، فهي تتسبب في مضاعفات لدى المتعاطي مثل (الفشل الكلوي وضمور في الجسم)، مضيفاً إن بعض المدمنين يعانون من مرض نفسي وعصبية زائدة، ناصحاً الصيدلانيين بالثبات على مبادئهم وعدم خضوعهم لتهديدات ضعاف النفوس.

{ استنكار

استنكر رئيس اتحاد الصيادلة “صلاح الدين إبراهيم” هذا الأمر ذكر في حديثه لـ(المجهر) بأن هنالك رقابة على الصيدليات، بالإضافة إلى القوانين الصارمة في البيع والشراء وصرف الدواء، لافتاً إلى أن من مهام المجلس القومي للأدوية والسموم الأشراف على الأدوية.

بينما قال رئيس شعبة الصيدليات “عبد العزيز محمد عثمان” لـ(المجهر) إن الأدوية تصرف بـ(روشتات) وأن الشركات المسجلة تضمن مراقبة الدواء من قبل المجلس القومي للأدوية والسموم، مؤكداً أنها تباع خارج الصيدليات، لكن مكافحة المخدرات تعمل على ضبط مثل هذه الجرائم والقانون يعاقب المروج.

{ عقوبات قانونية

أردنا أن نتعرف على دور القانون في صرف الأدوية دون رقابة وما هي المواد المتعلقة بهذه القضية، فذكر المستشار القانوني “مجاهد عثمان” في حديثه لـ(المجهر) بأن قانون المخدرات والمؤثرات العقلية لسنة 1994 يحدده المجلس بموجب لائحة يصدرها بموجب شروط وضوابط إصدار التذكرة الطبية لصرف الأدوية المخدرة، بما في ذلك الأغراض التي من أجلها يتم الصرف والضوابط المتعلقة بحيازة الأدوية المخدرة وكيفية حفظ السجل في محل المنشأة الصيدلانية.

وقد نص قانون الصيدلة والسموم في المادتين (29 و30) على التالي:
(لا يجوز لأية منشأة صيدلانية أن تصنع أي دواء مخدر أو تقوم بأية عملية في سبيل وصفه إلا بموجب رخصة خاصة يصدرها المجلس بالشكل المقرر، ويجب أن يحدد في تلك الرخصة محل العمل والشروط الواجب مراعاتها للقيام بتصنيع الدواء المخدر.

وأن كان الشخص يستورد أو يصنع أو يتداول أي دواء مخدر غير وارد في قائمة السموم يحاكم بموجب اللوائح الصادرة وبموجب أحكام هذا القانون فيعاقب عند الإدانة بالسجن لمدة لا تتجاوز خمس سنوات أو الغرامة أو العقوبتين معاً)، مضيفاً إن هاتين المادتين منعتا صرف الادوية نهائياً من غير وصفة طبية.

الخرطوم- رباب الأمين
المجهر السياسي.

Exit mobile version