نشاط اجتماعي ملحوظ تقوم به السفارة الأمريكية في الخرطوم، في شهر رمضان المعظم وفي غيره من شهور العام، بالتواصل مع الطرق الصوفية، والمشاركة في المباريات الرياضية من داخل إستاد الكرة،
والإفطار مع بعض الاسر السودانية في منازلهم، وبل والمساهمة في توزيع (كرتونة رمضان) لعدد من الأسر في بعض الأحياء، ويقابل ذلك ما يشبه الجمود السياسي منذ رفع العقوبات عن السودان في أكتوبر 2017، كما أن عملية التفاوض بين الخرطوم وواشنطون حول ملف رفع اسم السودان من القائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب لم تبدأ بعد، رغم ان الإعلان عن بداية وشيكة لها كان في أبريل الماضي.
حفلت صحف الأمس بالعديد من الأخبار والصور التي تناولت إفطار المستشار السياسي بالسفارة الأمريكية بين والس, في أحد الأحياء الشعبية جنوب الخرطوم (الكلاكلة القلعة)، برفقة خمسة عشر من موظفي السفارة منهم أفراد من قوة مشاة البحرية الأمريكية (المارينز)، الوفد الأمريكي كان في ضيافة العمدة أحمد الهامشي احد أحفاد الشيخ حمد ود أم مريوم أحد أقطاب الطرق الصوفية الشهيرة .
وفي الأسبوع الماضي نشر موقع السفارة الأمريكية صوراً لأفرادها من المارينز برفقة القائم بالأعمال الامريكي ستيفن كوتسيس, وهم يوزعون مواد وسلعاً رمضانية على جيران السفارة الأمريكية من حراس المزارع وأسرهم .
يذكر ان النشاط الاجتماعي والزيارات لمرابض الصوفية في البلاد, بدأها القائم بالأعمال الامريكي السابق جوزيف استافورد (2012-2014) الذي شوهد داخل استاد المريخ وسط آلاف المشجعين مرتديا قميصاً يحمل شعار المنتخب السوداني وحضر مباراة بين المريخ واهلي شندي ، كما ابتدر الزيارات لمقار الصوفية ومنها زيارته لخلاوي الشيخ ود بدر في ام ضواً بان ، وزار منطقة ابو حراز وقام بافتتاح مكتبتين أهدتهما السفارة لمدرستي الشيخ يوسف أبو شرا القرآنية بأبي حراز شرق ، فضلا عن زيارته لضريحي يوسف ابوشرا ودفع الله الشيخ محمد ابو ادريس (المصوبن)، بجانب زيارته للشيخ الطيب البشير بأم مرحي، كما زار خلاوي المجاذيب بالدامر، ولكثرة زيارته لمشائخ الصوفية اطلق على القائم بالأعمال الأمريكي لقب جوزيف الصوفي .
جمع المعلومات عن الطرق الصوفية والمجتمع السوداني تلك هي الغاية الامريكية من الزيارات الشعبية التي تسجلها سفارتها بالخرطوم والولايات ، تلك هي إفادة السفير السابق بالولايات المتحدة الأمريكية الرشيد ابو شامة, الذي أضاف في حديثه للصحيفة أمس أن الغرض من جمع تلك المعلومات هو الوقوف على حقيقة الشعب السوداني وتوجهاته الدينية وماذا يريد د، فضلاً عن مدى استمرار تأثير الصوفية على المجتمع السوداني، وهل ما زال ولاؤهم على الصوفية باقياً أم انه تحور تلقاء افكار الإخوان المسلمين والجماعات المتشددة, فضلا عن ظهور داعش، وقال ان تحركاتهم تأتي لدراسة هذا الأمر ومن ثم كتابة تقارير يرسلونها للجهات الأمنية وللمخابرات الأمريكية (سي اي ايه) ، التي بدورها تقدم رؤيتها للحكومة لتكون عوناً لها في القرارات التي سيتخذونها تجاه الشعب السوداني، كما لفت النظر إلى ان تلك التقارير يمكن ان تعين الحكومة الأمريكية لمعرفة وفهم طبيعة الصراع في الشرق الأوسط ، كالعلاقة بين المملكة السعودية والجمهورية الإيرانية، والتباين بين المذهب السني والشيعي .
وبمقارنة النشاط الاجتماعي للسفارة قياسا للعلاقات السياسية بين البلدين, والتي لم تحرك ساكناً عقب رفع العقوبات الاقتصادية الأمريكية عن البلاد في اكتوبر الماضي ، وقد تمثل هذا الجمود
في عدم بدء مفاوضات رفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب رغم ان وزير الخارجية السابق إبراهيم غندور كان قد أعلن اكثر من مرة عن قرب بدء تلك المفاوضات ، وفي هذا الشأن يرى ابو شامة ان الأمريكان طرحوا رؤيتهم بانهم لن يعمدوا لرفع اسم السودان من قائمة الإرهاب إذا ترشح الرئيس عمر البشير للانتخابات في 2020 ، اي أنهم اشترطوا عدم ترشيحه ، وذلك لدى زيارة نائب وزير الخارجية الامريكي جون سوليفان للخرطوم في نوفمبر الماضي والتي أعلن انها ستتناول ملف حقوق الإنسان وحرية الاعتقاد الديني .
وفيما يلي مفاوضات رفع السودان من قائمة الإرهاب والتي ظلت تراوح مكانها يذكر ان وزير الخارجية السابق إبراهيم غندور أعلن في الأسبوع الاول من أبريل الماضي, أن الحوار بين البلدين بشأن قائمة الإرهاب ستبدأ في غضون اسابيع ، وذلك إثر إتصال هاتفي بينه وسوليفان .
بين الاجتماعي والسياسي, تمضي خطى العلاقات السودانية والأمريكية في اتجاهين متناقضين في الظاهر ، ولكن الحقائق تفيد أن واشنطون تتخذ نهج بسط الصلات مع المجتمع السوداني لتعرف كيف تتعامل معه سياسياً ، وذلك بموازاة نهجها السياسي القائم على الاشتراطات السياسية الصعبة.
الانتباهة