على نحو مفاجئ، أعلنت وزارة الاتصالات اعتزامها تسجيل الهواتف بالرقم الوطني أسوة بما تم لشرائح الاتصالات. ونفت الوزيرة تهاني عبدالله أن تكون الوزارة تهدف إلى انتهاك خصوصية الأفراد، مشددة على أن الغرض من عمليات التسجيل هو تأمين المعاملات المالية من تصاديق وتواقيع ألكترونية.
ومن المتوقع أن تجد الخطوة التي طرحتها الوزيرة مناهضة واسعة من قبل قطاعات عديدة –كما جرى داخل البرلمان- لجهة أن الهواتف تعد واحدة من خصوصيات الأفراد وينبغي عدم ربطها بالأجهزة الرسمية. بيد أن النجاحات المتحققة من حملة تسجيل الشرائح بالرقم الوطني وعلى رأسها الحد من الجرائم الالكترونية قد يحيل دعوات الوزيرة إلى واقع ماثل.
أبعاد سياسية
هنالك من يرى أن عملية تسجيل الهواتف بالرقم الوطني يعد بمثابة انتهاك لخصوصية الأفراد وربما يضع هواتفهم تحت المراقبة الحكومية وهي خطوة ربما يناهضها القادة السياسيون على نحو خاص، لجهة أن تحركاتهم ينبغي أن تكون بعيداً عن أنظار السلطات وغير مراقبة بالمرة.
يذكر أن كثيرين لم يتقبلوا عملية تسجيل الشرائح بالرقم الوطني وتحايلوا عليها خاصة الساسة بتسجيل شرائحهم باسم أقربائهم تفادياً للوقوع في فخ المراقبة او التنصت حيث تتهم المعارضة الحكومة بالتنصت على هواتفهم وذلك رغماً عن النفي المتكرر من الحكومة، وعليه سيزداد الجدل في حالة إصرار الحكومة على الالتزام بتسجيل الهواتف بالرقم الوطني.
احتجاج فوري
من داخل قبة البرلمان أبدي النائب د. حسن رزق امتعاضة من اتجاه الوزارة وقال في تعقيبه على حديث الوزيرة تهاني عبدالله إن تسجيل الهواتف بالرقم الوطني ينتهك خصوصية الأفراد رافضاً بشدة الخطوة التي لوحت بها الاتصالات.
رزق مضي إلى أبعد من ذلك بقوله لـ (الصيحة) إن الهدف من ربط الهواتف بالرقم الوطني هو الرقابة السياسية والتجسس على هواتف السياسيين وملاحقة كل من ينتقد الحكومة في الأسافير من خلال بلاغات كيدية لا سيما وأن هاتفه تحت الرقابة الحكومية. مضيفاً بأن الوزيرة تهاني عبد الله لا تستطيع القول إن الهدف هو مراقبة هواتف السياسيين.
وعن الحديث بتسجيل الهواتف بالرقم الوطني لتقنين الهواتف وتقليل السرقات يقول رزق إن ذلك الحديث غير صحيح وفي الآونة الأخيرة حينما يتم سرقة هاتف ويتم التبليغ عند الامن والشرطة وشركات الاتصالات التي تملك أرقامًا متسلسلة للشرائح لا يتنتهي الأمر إلى النتيجة المرجوة في استعادة الهاتف وبالتالي توقع أن يستمر الوضع على حاله في حال تسجيل الهواتف بالرقم الوطني.
تأييد سريع
على نقيض ماذهب إليه النائب البرلماني حسن رزق الذي رفض عملية تسجيل الهواتف بالرقم الوطني ،يرى نائب رئيس حزب الأمة القومي الفريق صديق إسماعيل أن الخطوة إيجابية وليست (عيباً) وأن مسألة تسجيل الهواتف بالرقم الوطني أمر مشروع ومطلوب.
قائلاً لـ (الصيحة) إنه من المهم ربط الهواتف بالرقم الوطني حتى لا يساء استخدام الهاتف ويتحول لأداة انحراف والإتيان بافعال غير كريمة.
وعن القول الذي يرى أن الهدف من الربط هو مراقبة الهواتف خاصة هواتف السياسيين، يقول صديق إسماعيل إن هواتف السياسيين أصلًا تحت الرقابة سواء أكانت بالداخل أوالخارج بالتالي فان عملية تسجيل الهواتف بالرقم الوطني ليس لها علاقة بالرقابة بل القصد بها تقنين الهواتف وحصرها لمحاصرة الأعمال الإجرامية .
خطوة غير موفقة
بدوره اعتبر العميد أمن (م) عبدالجليل ريفا الخطوة غير الموفقة وغير مجدية ويسبب وؤيته بعدة مبررات على رأسها أن الهواتف مملوكة لشركات أجنبية لا توجد بالسودان وتقوم حساباتها على الربح والخسارة وليس من حق الدولة أن تتدخل فيها أو تربطها بالرقم الوطني.
ويضيف ريفا لـ (الصيحة) إنه من ناحية أمنية الخطوة غير سلمية وغير سليمة لأن هنالك أجانب ياتون السودان ويقومون بشراء هواتف من السودان هذا أمر غير مسوؤل، ومضى قائلاً إذا كان القصد من الخطوة تقنين الاستخدام والحد من الجرائم الالكترونية فأن هنالك طرقاً أخرى يمكن أن يلجأ اليها كربط الشرائح بالرقم الوطني ولكن ربط الهواتف أمر غير مسوؤل وغير ذي جدوي وختم بالقول إن تتبع الجريمة الالكترونية ينبغي ألا يتم عبر تسجيل الهواتف التي يستخدمها المواطن بالداخل ويستخدمها المستثمرون الأجانب ومن الأفضل للجهات المعينة ان تبحث عن طرق أخرى .
ما قبل 2020م
التباين سيكون حاضراً في مسألة تسجيل الهواتف، فالاتصالات تدافع عن المسألة لاعتبارات أمنية وتفصيلات تتعلق بالتحول إلى التجارة الالكترونية، بينما سيحسبها المعارضون طوقاً جديداً تفرضه السلطات بحقهم لمصادرة هوامش الحرية التي يتحركون في أطرها خاصة فإن البلاد مقبلة على خوض انتخابات في العام 2020 والتي ربما تشهد حراكًا سياسيًا حاميًا حال شاركت فيها كثير من القوى السياسية التي مازلت تقف على الرصيف .
صحيفة الصيحة.