درجت السفارة الأمريكية بالخرطوم على تنظيم زيارات راتبة وعقد لقاءات مع مشايخ الطرق الصوفية خاصة في شهر رمضان الفضيل، ومشاركة (المشايخ والحيران) إفطاراتهم بصورة جماعية كان آخرها ما قام به المستشار السياسي والاقتصادي بسفارة الولايات المتحدة الأمريكية، أول أمس ومعه 15 موظفًا من السفارة بالإفطار في مسيد أحد الطرق الصوفية ومشاركة المواطنين إفطارهم في حي الكلاكلة جنوبي الخرطوم.
يذكر أن تقليد اهتمام الدبلوماسيين الأمريكيين بزيارة مقامات الطرق الصوفية بدأه القائم بالأعمال في السفارة الأمريكية السابق ستانفورد عندما زار في عام (2011) خلاوى الشيخ ود بدر فى أم ضواً بان ، كما زار مجموعة من الخلاوى بالجزيرة.
تحركات تولد تساؤلات عن سر اهتمام أمريكا بالطرق الصوفية، لا سيما أن هناك توصية من لجنة الكونجرس الخاصة بالحريات الدينية بأن يتم تشجيع الحركات الصوفية ما يضفي على زيارات مسؤولي السفارة الأمريكية لمقامات الطرق الصوفية صبغة من إنفاذ توصية الكونجرس.
* وسطية
يقول الأستاذ بالمركز الدبلوماسي بوزارة الخارجية د. عبدالرحمن أبوخريس أن هناك رأيًا عامًا تشكل في السنوات الأخيرة وسط المجتمعات الغربية وحتى الحكومات بأن التصوف هو يمثل أهم أشكال الوسطية، وقد أسهم التصوف في انتشار الإسلام في كثير من الدول الغربية ولهذا نال رضا كثير من الحكومات والمجتمعات الغربية وهذا يبدو واضحاً في (الحوليات) التي تقيمها بعض الجماعات الصوفية ويؤمها بالحضور كثير من المريدين القادمين من دول الغرب وهذا يكشف بأن هذه الطرق الصوفية أصبحت جاذبة بمنهجها للمجتمعات الغربية وقدمت نموذجًا أمثل للإسلام المتسامح .
*كسب الغرب
يضيف د.أبو خريس لـ (الصيحة) بأن هناك رأيًا راسخًا وسط السياسيين الغربيين بأن الطرق الصوفية يمكن أن تكون البديل للجماعات الاسلامية المتشددة والمتطرفة، فهم يرون تاريخياً أن هذه الطرق ليس لها تطلعات للوصول للسلطة رغم أنها تكون مشاركة بشكل ما، ولكن ليس لها رؤية آيديولوجية واضحة في شكل النظام السياسي. كل هذا شكل رؤية متعمقة لدى الغربيين بأن الطرق الصوفية لا تنحو أي منحىً سياسي وانما هي مهتمة بنشر الإسلام، ولم تبرز منها أي دعوة للعنف والتطرف ، وهذا جعل الإدارات الأمريكية والأوربية تعمل على احتواء الطرق الصوفية سياسيًا حتى تخلق منها البديل السياسي المتسامح. والتصوف كسب ثقة المجتمعات الغربية وحكوماتها من خلال وسطيته.
*علاقة احترام
يؤكد د.أبو خريس أن هذا الزهد الذي أظهرته الجماعات الصوفية في السلطة والعمل السياسي المؤدلج جعل الغربيين يرون فيها البديل للإسلام السياسي للجماعات المتطرفة وهذا الاهتمام الغربي المتزايد بالصوفية حفز مجموعة من الطرق الصوفية بالتفكير في إنشاء حزب سياسي للاستفادة من الانتشار الواسع لمؤيديها الذي هم أكثر عددًا من الجماعات السلفية في السودان .
يقول عضو المجلس الأعلى للتصوف وشيخ السجادة السمانية بالسودان الشيخ عبدالرحيم محمد صالح لـ (الصيحة) ان اهتمام الأمريكان بالتصوف وإقامة علاقات مع مشايخ الطرق الصوفية بدأ يظهر هذا الاهتمام منذ أواسط العام (2011) وقال إنه التقى السفير الأمريكي وشرح له دور الطرق الصوفية في إدارة المجتمعات وتهذيبها وتقويم سلوكياتها من خلال التربية الروحية التي تعتمدها الطرق الصوفية في تربية مريديها ، ماجعل هناك علاقة قوية بين القيادات العشائرية ومشايخ الطرق الصوفية ونمت هذه العلاقة رأسيا حتى اصبحت فيما بعد علاقة ثقة واحترام متبادل بين الزعماء السياسيين ومشايخ الطرق الصوفية.
*تغيير ناعم
يشير شيخ عبدالرحيم إلى أنه في إحدى اللقاءت سألهم السفير الأمريكي مباشرة لما لا تفكر الطرق الصوفية بكل هذا الكم من المريدين والاتباع في تكوين حزب سياسي؟ وكان ردهم بأن نظام الحكم القائم يلبي رغباتهم ويمثلهم ويضيف واضح من هذا السؤال أن الأمريكان والغربيين توصلوا إلى أن الطرق الصوفية هي الرابط الاجتماعي الحقيقي والمكون الفكري لغالبية أهل السودان هذا من جهة ومن جهة أخرى يريدون أن يستوثقوا هل يمكن أن يتم التأثير على نظام الإنقاذ عبر الطرق الصوفية التي تؤيده وتغييره عبرهم.
*اهتمام
يضيف القطب السماني بأن ذات السؤال طرحته علينا مجموعة الأطلنطي التي زارت السودان في سياق تلمسها لأثر المقاطعة الأمريكية على الشعب السوداني وقلنا لهم باستحالة تغيير هذا النظام عبر الطرق الصوفية لكونها تؤيده وترى فيه نظام الحكم الذي تريده .
ويختم شيخ عبدالرحيم بأن دافع الاميركان والغربيين لبناء جسور تواصل مع الصوفية أنهم يرون انها تمثل الوسطية المعتدلة في الإسلام ببعدها من العنف الذي يؤدي لمشكلات جمة. والتصوف في السودان يمثل أساس القيادة والاهتمام بمعاش الناس بمعزل عن السياسية وتعقيداتها وهذا ظاهر من مناقشاتهم والآن بريطانيا سمت سفيرًا مسلمًا وهذا يبرز اهتماماً بأحوال أهل السجادة.
صحيفة الصيحة.