بلغتْ درجة تحمل الوضع الضاغط أقصاها، كل شيء بات عسيراً ليس ابتداءً من الحصول على ماء ولا انتهاءً بالحصول على دواء وبأعلى سعر.. لم تعد الشكوى قاصرة على فئات من المجتمع، الجميع سواسية إلا من اختار الخروج عبر المطار.. هذه البلاد وصلت مرحلة العجز فيها درجة تقترب من تلاشي الأمل لدى الناس.
الوضع الاقتصادي المتهالك هذا كان يُمكن تداركه مبكراً، فمنذ سنوات ما بعد انفصال جنوب السودان، كان إنذار الخطر يدق صباح كل يوم؛ في كل يوم ينذرنا الواقع بأن الاتجاه الذي تسير إليه البلاد مٌرغمة لا يقود إلا نحو ما نحن عليه الآن.
فشلت كل الخطط الاقتصادية، اتجهت الدولة إلى رفع يدها عن كل شيء، ويتحول الدواء الذي فيه حياة للناس إلى سلعة رفاهية.. فحينما تعجز حكومة عن توفير الغذاء والدواء لمواطنيها، يعني دون كثير حديث أنه لا حكومة.
لم يعد الوضع مقدوراً على احتماله، الزيادات الخرافية وغير المنطقية في كل شيء، والتي لحقت بكل السلع وبلغت خمسة أضعاف وعشرة أضعاف، يبدو أنها ليست إلا مجرد خطوة أولى في طريق الحريق الشامل، العملة الوطنية تنحدر بجنون نحو الانهيار الكامل، احتقان عام، ركود في الاقتصاد يكاد يصل حد المقاطعة.. وضع كهذا، لا ينبغي فقط أن يجبر الحكومة على مراجعة قراراتها الكارثية، بل يُوجب على أقل تقدير، الاستقالة.
إن كان المواطن يمثل عبئاً على الحكومة كما ظل يمن بذلك منسوبوها الذين غرقوا في انتهاك حقوق المواطن، فلماذا لا تُزيح هي هذا العبء وتنصرف لحال سبيلها.
ماذا يجبر هذه الحكومة على البقاء وقد تميزت في الفشل وأظهرت عبقرية لا منافس لها، فشلت سياسياً، فشلت اقتصادياً، فشلت وطنياً و فشلت أخلاقياً.
لكن يبدو أن الأزمة الحقيقية أنهم لا يرون أزمة.. بل يرون أنهم أخرجوا البلاد من الفقر إلى الرفاهية، إنهم حقاً يرون ذلك وبقناعة كاملة؛ إنهم ينظرون إلى الأزمة باعتبارها “دلع” مواطنين ليس إلا.
أما الذين يتحدثون عن وصول بواخر وقود ويتحدثون عن إغاثات من دول الجوار ثم يتحدثون عن سياسات صارمة لتثبيت انهيار العملة الوطنية.. هؤلاء إنما يسوقون الوهم لكبار التجار.
الخلاصة أنَّ الوضع بحاجة إلى تدخل عاجل، ينقذ البلاد قبل انزلاقها نحو المجهول، ويوقف حالة اللامبالاة والعجز التي باتت مسيطرة على المشهد.
بقلم
شمايل النور