حامد وعبد الواحد يتفقان.. وإيلا وكبر يتسببان في ظهورهما

عند منتصف ليلة الاحد وربما بعده بقليل نائب رئيس المؤتمر الوطني للشؤون الحزبية د. فيصل حسن ابراهيم تحدث الى الصحافيين الذين قضوا ليلهم في دار الحزب وهم ينتظرون قرارات المكتب القيادي

التى خصصت لمناقشة الاوضاع الاقتصادية التى تمر بها البلاد وانهاء تكليف بعض شاغري المناصب الدستورية وتعيين آخرين، فيصل تحدث عن تجديد المكتب القيادي للثقة في القطاع المصرفي والتأمين على تغيير عشرة ولاة وثمانية وزراء، وتناولت الوسائط الولايات التى حددت وكذلك الولاة الجدد ــ كل بمصادره ــ فكانت المفاجأة في مساء أمس بترجل البعض وتغيير مواقع آخرين، ولم يخل التشكيل خاصة في الولايات من المفاجآت، ولكنها ليست ذات الوزن الثقيل، عدا بعض الولايات التى اجتهد حكامها السابقون وترجلوا بناءً على قرارات قيادات حزبهم، وفي هذه المساحة نقدم قراءة تحليلية متأنية لبعض الولايات وحكامها الجدد واخفاقات من ذهبوا عن كراسيها.

حامد والمسكوت عنه

من الولايات التى تفاجأ اهلها وغيرهم بتغيير واليها البحر الاحمر وشمال دارفور، ففي الاولى نجح على احمد حامد في التحدي الكبير الذي واجهه، خاصة انه جاء ليحكم الولاية عقب محمد طاهر إيلا الذي جلس على كرسي البحر الاحمر لأكثر من عشرة اعوام، ويرى عدد من المراقبين ان النجاح الاول الذي يحسب لعلي حامد هو ملف المياه الذي قطع فيه اشواطاً كبيرة، الى جانب ملف الاستثمارات خاصة الزراعية منها التى ذهب جلها الى محلية طوكر التي نجح فيها في تقنين الاراضي الزراعية مما سهل مهمة الاستثمار فيها، ويشير عدد من قيادات الولاية الى انهم تفاجأوا باعفاء على حامد، خاصة انه فجر العديد من الموضوعات المسكوت عنها في الفترات السابقة، ومنها قضية مثلث حلايب، وقالوا انه الوالي الوحيد الذي وصل الى بوابة حلايب وظل يؤكد على سودانيتها، هذا الى جانب العمل الكبير الذي شهدته البحر الاحمر في كافة محلياتها خلال فترة حكم على احمد حامد.

الهادي والبعد عن الشلليات

اتفق الكثيرون على ان على حامد لم يفشل في ادارة البحر الاحمر بل احرز نجاحاً كبيراً في فترته، حيث اهتم بالقضايا الاساسية من مياه وصحة وتعليم الى جانب الاستثمار والاهتمام بالسياحة والترويج لها لدعم الاقتصاد القومي والولائي، وبذل حامد جهداً كبيراً في تنمية البحر الأحمر وقدم انجازات ترى بالعين، ولكن كان قرار المكتب القيادي بالمركز ان يذهب رغم كل ما قدمه الرجل من عمل، وربما ما عجل برحيل حامد هو ملف عمال الشحن والتفريغ على الرغم من انه كانت له وقفة كبيرة معهم، ابان زيارة الرئيس للولاية ومطالبته بادخال بعضهم في المعاش الشهري، الا ان تفجر قضية عمال الشحن الاخيرة واعتصام عمال الشحن ربما كان له بعض المردود السلبي تجاه الرجل، رغم تعاطفه الكبير مع هذه الشريحة ووقفته معهم لدرجة كبيرة، حسناً ذهب علي حامد بأمر المكتب القيادي ليحل مكانه ابن ولايته (نهر النيل) الهادي محمد على سيد احمد الذي تنتظره العديد من الملفات الشائكة وبعض المطبات التى بامكانه تجاوزها ان تعامل معها بحكمة، وما يجمع حامد والهادي ان كليهما خريج كلية الاقتصاد، الا ان على حامد اتجه لجهاز الامن ومنه وزيراً للمالية بنهر النيل قبل ان يصبح واليا للبحر الاحمر، اما الهادي فهو ايضاً خريج اقتصاد ونال درجة الماجستير في ادارة الاعمال، ومعظم عمله كان في البرلمان، ثم عين معتمداً لمحلية عطبرة ونجح في العبور بها الى الكثير من المشروعات التنموية. وينتظر اهل البحر الاحمر من الوالي الجديد ان يكمل ما بدأه الوالي علي حامد خاصة ملف مياه الشرب، وان يركز جهوده في انجاح مشروع توصيلها من النيل لأنه المشروع المهم في الولاية، ومن الملفات التى يجب ان يستمر فيها الهادي وهو يتسلم البحر الاحمر من على حامد ملف السياحة في الولاية وتوسيع المواعين السياحية، وان سار على نهج حامد مؤكد انه سيحقق النجاح الكبير في الولاية الساحلية، ولكن قبل ان يبدأ اي عمل له في بورتسودان مطلوب من الهادي ان يقوم بجولة على كافة محليات الولاية للوقوف على مشكلاتها وقضاياها حتى ينجح في الوصول الى حلول لها. وحتى يحقق الهادي النجاح الكبير فعليه الابتعاد عن التكتلات والصراعات والشلليات التى صنعها الوالي الاسبق محمد طاهر ايلا، ويجب عليه التركيز على الاولويات مستفيداً من امكانات الولاية الكبيرة وميزاتها النسبية.

مفاجأة عبد الواحد

اما الولاية الثانية التى تفاجأ اهلها باعفاء واليها فهي شمال دارفور، وربما ان الفاشر وبورتسودان يتشابهان في العديد من الجزئيات، ففي البحر الاحمر جاء على حامد عقب حكم ايلا الذي استمر لاكثر من عشرة اعوام، وخلف خلالها ايلا العديد من السلبيات التى احتاجت الى شهور من حامد لتقليل آثارها، وكذلك الحال كان بالنسبة لعبد الواحد يوسف الذي جاء بعد حكم ايضاً من ابن الولاية عثمان محمد يوسف كبر الذي حكم شمال دارفور قرابة ثلاثة عشر عاماً، ونجح عبد الواحد في فترة حكمه في تغيير شمال دارفور وعاصمتها الفاشر وبسط الامن بصورة كبيرة جداً، واحدث التنمية في عاصمة الولاية والمحليات المختلفة, ويرى عدد من المراقبين أن المشروعات التى احدثها عبد الواحد لم تتحقق طيلة فترة حكم كبر، وابدى المراقبون استغرابهم ودهشتهم من اعفاء يوسف وهو في قمة العطاء، وهو الذي حقق مشروعات فشل فيها من سبقوه في حكم الولاية، ويعتبر عبد الواحد من الشخصيات النافذة التى تعمل في صمت دون ضوضاء، ونجح في فترته في تحويل الفاشر الى عاصمة جاذبة للجميع وآ منة من المتفلتين واللصوص، ولم يجد اي من المراقبين سبباً وجيهاً لذهاب عبد الواحد عن حكم الولاية، فالرجل كان يعمل بجهد واجتهاد في عدد من المحاور، ولكنه تفاجأ بالإعفاء كما تفاجأ الكثير من القيادات بالقرار، وربما رؤية المكتب القيادي بالمركز كانت خلاف ما يراه المراقبون، ففضلت ذهاب يوسف وتكليف ابن ولايته (غرب كردفان) الشريف محمد عباد سموح.

الشريف وخريطة الطريق

كثير من قيادات شمال دارفور يرون ان مهمة الشريف محمد لن تكون ساهلة في الفاشر، على الرغم من السيرة الذاتية الطويلة التى جاء بها الشريف من محلية الخوي ادارية عيال بخيت وحتى رئاسته للمجلس التشريعي بغرب كردفان، واذا نظرنا لتلك السيرة الطويلة سنجد جلها لم تخرج من كردفان ولم تكن بها مناصب تنفيذية يستفاد منها في العمل العام، ولكن البعض يرى ان نجاح الشريف محمد في شمال دارفور يستند إلى مدى الاستفادة من تجربة عبد الواحد والمواصلة في المشروعات التى بدأها يوسف ولم تكتمل. ويمكن ان تساعد خبرات الرجل في المجلس التشريعي كثيراً في المضي قدماً في انجاح ما يريده من مشروعات، ويرى عدد من المراقبين ان شمال دارفور بدأت التنمية فيها في عهد عبد الواحد يوسف وينتظر ان تستمر المشروعات التنموية، خاصة ان عباد يعتبر من الشباب الذين يحسنون ادارة شؤون الرعاية مسنوداً بتجربة وخبرة في ادارة المجالس التشريعية، وربما الموضوع الاساسي الذي تعاني منه بعض محليات شمال دارفور هو مشروعات المياه التى بدأ العمل فيها بصورة جيدة، الى جانب تنظيم التنقيب عن الذهب ان كان في جبل عامر او محلية الامبرو التى تزخر بالموارد، واشار عدد من المراقبين الى ان مهمة الشريف عباد لن تكون سهلة ان قورنت بالولايات الاخرى، باعتبار ان عبد الواحد وضع بنيات تحتية للعمل في كافة المحليات، ونجح في وضع استراتيجية ربما يسير عليها كل من يأتي بعده ويحقق النجاح. ولكن يبقى التحدي في كيفية ادارة الشريف محمد موارد شمال دارفور، والعمل على الاستفادة من الخبرات الموجودة في الولاية، والسير على درب مشروعات عبد الواحد يوسف التى حقق من خلالها النجاح الكبير.

حسناً.. يمكننا القول ان اعفاء كل من على احمد حامد من البحر الاحمر وعبد الواحد يوسف من شمال دارفور ترك علامات استفهام كبرى لا مبرر لها، خاصة ان الرجلين اجتهدا وعملا بكل اخلاص وتفانٍ ولهما مشروعات تتحدث عنهما في ولايتيهما، ولكنهما غادرا المواقع وسط دهشة الجميع.
حسناً.. بعد تناولنا كافة الولايات التى تمت فيها عمليات الاحلال والابدال، سنتناول غداً ان شاء الله الولايات الثماني التى لم يطلها التعديل، وتشريح اسباب بقاء هؤلاء الولاة ومدى نجاحهم في الفترة المقبلة، وتحقيق آمال وتطلعات مواطني تلك الولايات.

جعفر باعو
صحيفة الانتباهه.

Exit mobile version