هل هي بشرى للصحافة..؟

في اجتماعات الاتحاد الدولي للصحافيين المنطلقة الآن في تابيبه بتايوان بجمهورية الصين الشعبية، تم تخصيص حلقات نقاشية مطولة للاستماع إلى تقارير الأقاليم الدولية من آسيا والباسفيك وإفريقيا وأمريكا اللاتينية وأوروبا وأمريكا الشمالية،

وشملت التقارير أوضاع حرية الصحافة وعمل اتحادات الصحافيين ومكاتب الاتحاد الدولي الإقليمية، لكن الذي لفت الانتباه هو شعاع الأمل الذي انطلق من بعض التقارير ومن مطبوعات أعدتها بعض الاتحادات الصحفية العريقة مثل اتحاد صحافيي الهند وأستراليا، حول مستقبل الصحافة الورقية، خاصة أن بعض البلدان بدأت تشهد انتعاشاً ملحوظاً في صحافتها المقروءة، لأسباب باتت معلومة في مقدمتها حالة السأم والتخمة التي أصابت المجتمعات من الأخبار الكاذبة والتدفق غير المنظم والمرشد للمعلومات والأخبار عبر الإعلام الجديد ومنصات الأنباء الالكترونية وشبكات التراسل الاجتماعي.

> في الاجتماع أمس وزعت (سابينا انديجيت) نائب رئيس الاتحاد الدولي للصحافيين والسكرتير العام لاتحاد الصحافيين في الهند، نشرة صحفية (Scribes News)، ووردت تقارير في النشرة إضافة إلى تقارير من جهات أكاديمية تتحدث عن نمو الصحافة الورقية مرة أخرى في الهند وتقدمها وازدياد توزيعها رغم التراجع الذي حدث لسنوات سابقة، وعللت سابينا ذلك بأن هناك أسباباً عديدة وراء نهوض الصحف الورقية من كبوتها، منها ازدياد حجم المتلقين في مجتمع واسع ومتعدد ومتنوع يعطي ثقته العالية للصحافة المكتوبة التي تقوم على قواعد مهنية واضحة ومقيدة، مقابل مصداقية منخفضة للإعلام الرقمي الالكتروني ووسائل الإعلام الجديد، بالإضافة إلى رغبة المعلنين وشركات الإعلان الكبرى التي ترى أن الإعلان المطبوع أمام البصر يظل هو المرغوب والأفضل من الإعلان المبثوث وسط غابة رقمية تشبه مليارات الأضواء النجمية في الفضاء، وفي هذا الاتجاه أشار تقرير (RNI) (Registrar of Newspapers for India) إلى أن نسبة النمو للصحف الورقية الهندية وتوزيعها لعام 2017م وصل إلى نسبة (3.58‎%‎)، وهو مؤشر تم اعتباره تطوراً ملفتاً.

> وقالت لازيانا لينز من أمريكا الجنوبية (بيرو) عضو اللجنة التنفيذية للاتحاد الدولي: (يبدو من التطور الهائل في الصحافة الرقمية والعالم الافتراضي الواسع، أن الحاجة إلى واقع الصحافة وأخلاقها هو الذي يدفع في اتجاه احتضان الصحف الورقية مرة أخرى بديلاً للهواتف الذكية والحواسيب اللوحية)، بينما يقول رافي ياللي سكرتير اتحاد الصحافيين الإيطاليين: (إذا تحسن الاقتصاد يتحسن وضع الصحافة الورقية، وهناك تحسن طفيف يبعث الأمل في الصحافة الورقية في بعض البلدان الأوروبية بنمو اقتصادياتها، فالصحافة المقروءة صنو الاقتصاد وبينهما تلازم طردي..).

> وقال فيليب لوريث رئيس الاتحاد الدولي للصحافة وهو بلجيكي الجنسية: (إن ثقة القراء في الصحافة الورقية مازالت موجودة وفاعلة رغم الاعتماد على الإعلام الجديد على نطاق واسع، لكن أسلوب وفنون الصحافة ستظل سائدة وهناك تفاؤل إلى حد معقول).
> بينما يقول (بول مافي) من استراليا عضو اللجنة التنفيذية للاتحاد الدولي: (إن الأجيال الصاعدة ليس لديها الوقت الكافي لمتابعة الصحف الورقية وهناك تراجع في أستراليا، إلا أن بعض المهتمين والدارسين يؤكدون أن الصحافة المطبوعة لن تموت وقد تنبعث من جديد من يدري).
> ومن المهم أن ننظر هنا في بلدنا السودان إلى أهمية البحث عن حلول تجعل الصحافة الورقية وصناعتها موجودة وتدعيم الإعلام بوسائله التقليدية ليكون حيَّاً يرزق، لأنه بضوابطه وقواعده العريقة وأعرافه وتقاليده يستطيع أن يلبي حاجة المجتمع إلى المصداقية والثقة بنفس حاجته إلى السرعة ونقل الأخبار والمعلومات في وقتها، وهو ما تقدمه أدوات الإعلام الجديد.
> ومع أنه لا يوجد على الإطلاق تعارض بين الإعلام التقليدي بصحفه وتلفازه وإذاعاته وبين الإعلام الجديد، فالصحافة الورقية مهما كانت ستبقى كما بقي الراديو عندما اكتشف التلفزيون، وكما بقي وصمد وثابر الكتاب الورقي بكل سحره عندما اكتشف الكتاب الالكتروني.

الصادق الرزيقي
صحيفة الإنتباهة

Exit mobile version