(1)> ما بين رؤيتها وهي ترتدي الزفاف بلونه (الأبيض) الناصع، ورؤيتها وهي بالجبة (الحمراء) في انتظار (الإعدام) أيام قليلة.
> العروس (نورا حسين) انتقلت من (القفص الذهبي) إلى (قفص الاتهام)، بعد أن مكثت في (القفص) الأول أسبوعاً واحداً وهي في شهر العسل.
> هذه القضية تصلح أن تكون درساً لكل الأسر والآباء والعرسان.
(2)
> من النادر جداً أن يحدث تعاطف مع (القاتل)، في العادة التعاطف يذهب كله نحو (القتيل) أو (الضحية) بالمفهوم العام.
> عندما يحدث العكس علينا أن نعيد قراءة القضية، خاصة إذا خلق ذلك التعاطف (الرأي العام) دون مسببات سياسية أو قبلية أو جهوية.
> في السودان (الرأي العام) لا يتشكل من فراغ، ولا يحدث إن لم تكن أرضيته منطقية وعدلية، وذلك لأن (الرأي العام) السوداني نتاج تجارب وخبرات وثقافات مختلفة، وهو أهل للثقة المطلقة، وهو دائماً معافى وخالياً من الشوائب.
> هذا ليس تشكيكاً في القضاء السوداني وترجيحاً للرأي العام على حسابه، فالقضاء في كل الأحوال عليه أن يحكم بعيداً عن ضغوطات الرأي العام والسياسة والإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي.
> نعرف أن القضاء معني بوقائع محددة وأدلة مادية ومحسوسة وملموسة، وإن كان لروح القانون سلطة يجب أن تجد مكانها في مثل هذه القضايا.
(3)
> لا أريد أن أقفز على حق خاص، فهذا أمر لا يعفو حتى الله عنه، طالما كان الحق مرتبطاً بآخرين، والضرر واقع على اطراف اخرى.
> وقد يبدو (الضغط) سواء كان من الإعلام أو من الرأي العام في مثل هذه القضايا مرفوضاً ونحن نتحدث عن قضية نورا حسين بعد ان اصدرت محكمة جنايات ام درمان وسط حكماً بالإعدام شنقا حتى الموت على العروس (نورا) المتهمة بقتل زوجها بسبع طعنات في شهر العسل.
> وحسب ما نُشر في الصحف فإن قضية نورا حسين تفاصيلها على ذلك النحو (نورا حسين العروس ذات الـ (19) عاماً والتى لم تكمل اسبوعاً من زواجها، سددت طعنات قاتلة لزوجها لاغتصابه لها حسب روايتها للمحكمة بمساعدة بعض اقارب زوجها وتحت رؤيتهم ومشاهدتهم. وكانت المدانة قد رفضت الزواج، لكن اسرتها اصرت على اكمال المراسم بعد عقد القران قبل ثلاث سنوات، وهي في السادسة عشرة من عمرها. ولما اكملت التاسعة عشرة أصر الزوج على اتمام مراسم الزواج، إلّا انها هربت الى منزل عمتها في سنار، والدها اقنعها بالعودة لأنه اوقف إجراءات الزواج، وعندما رجعت الى اسرتها في الباقير ريفي الخرطوم، وجدت تجهيزات الزفاف واجبرت على الذهاب معه الى الخرطوم لقضاء شهر العسل، لتحدث من بعد ذلك جريمة القتل في شقة بالمهندسين).
(4)
> الحق العام في هذه القضية يمكن أن يسقط ويمكن ان يحدث العفو، لأن المتهمة نورا حسين في هذه القضية تبدو انها كانت (الضحية)، دون أن نسقط حق زوجها الذي قتل.
> لكن الدلائل وتسلسل الأحداث كلها كانت تشير الى تلك النهاية، وذلك بدايةً من تزويجها بغير رغبتها وهي في سن الـ (16) من العمر.
> سفر نورا حسين الى عمتها في سنار يؤكد رفضها المطلق للزواج، ولا احسب ان صرف زوجها عليها في تلك الفترة دليل رضاء او قبول.
> الأمر الآخر الذي يؤدي الى تلك النتائج بما حمله من استفزاز شديد، ان اغتصباها حسب قولها من زوجها كان في حضرة اقاربه وبمساعدتهم، ويشكل عند الزوجة جرحاً غائراً وهو امر لا تقبله الانسانية ولا القانون، لذلك فإن معاشرة الزوج لزوجته في ذلك الوضع وبمساعدة اقاربه اقرب لعملية (الاغتصاب).
> لذلك كان التعاطف مع نورا حسين كبيراً، فهي وان كانت المتهمة او الجانية، إلّا انها ضحية لظروف وثقافات وبيئة اوقعتها في ذلك الجرم.
(5)
> مع كل ذلك نحن نقدر حق اسرة القتيل، ونشعر بحسرة والدة القتيل ووجعتها التى لا توصف وهي في العقد السابع من العمر تفقد اصغر ابنائها وهو عريس.
> أولياء الدم من الطبيعي والمنطقي الا يضعوا للظروف المصاحبة للجريمة ومسبباتها اعتباراً، فهم معنيون بحقهم الشرعي في (القصاص)، وقد رد لهم القضاء حقهم في ذلك.
> وليس لنا اعتراض على حق اولياء الدم بالقصاص اذا فضلت اسرة نورا حسين مع انها سبب رئيس في حدوث هذه القضية، الابتعاد وعدم الحضور حتى للجلسة التى اعلن فيها حكم الإعدام شنقاً حتى الموت لابنتهم نورا.
> كل هذه الوقائع والاحداث مع احترامنا للقضاء ولاولياء الدم في حقهم الشرعي، تجعل التعاطف مع نورا حسين منطقياً.
> ليت السلطات والقضاء تجد مخرجاً لهذه القضية، ترضى فيه كل الاطراف، بدلاً من ان تتحمل الوزر كله (نورا حسين) ذات الـ (19) عاماً.
محمد عبدالماجد
الانتباهة