*القيادي بالشعبي “كمال عمر” يجيب عن اتهامات حزبه بمساندة غزو أم درمان..
* الحكومة كان لديها توجسات بأن العدل والمساواة هي الجناح العسكري للشعبي ولكن ..
* الحوار الوطني في الأصل هو مشروع “شيخ حسن”
* عملية الذراع الطويلة لم تحقق أهدافها وأزّمت الأوضاع بالبلاد
على الرغم من مرور عشر سنوات على معركة غزو أم درمان، أو عملية الذراع الطويلة كما يطلق عليها منفذوها، إلا أن بعض المعلومات لم تُكشف بعد حول كواليس ظلت وما زالت خافية لدى الجانبين (الحكومة وحركة العدل والمساواة)، خلفت الكثير من علامات الاستفهام وأطلقت التساؤلات، حول ماهية المعركة والطابور الخامس الذي أخذ الحديث عنه وقتها حيزاً كبيراً دون الوصول إلى معلومات.. وقد صوبت حينها أصابع الاتهام نحو حزب المؤتمر الشعبي بزعامة الراحل شيخ “حسن الترابي” بضلوعه في تدبير المعركة أو الاشتراك بطريقة أو أخرى، سيما أن جميع قادة العدل والمساواة كانوا يوماً ما قيادات بحزب المؤتمر الشعبي عقب مفاصلة الرابع من رمضان ١٩٩٩.
(المجهر) في هذه الذكرى تسترجع حقيقة تلك الاتهامات مع القيادي بحزب المؤتمر الشعبي” كمال عمر” في حوار يسلط الضوء على بعض ما وصِم به الحزب.
* اليوم تمر الذكرى العاشرة لمعركة الذراع الطويلة، أو غزو أم درمان، إلى أي مدى يمكن أن نقول إنها نجحت في تحقيق مكاسب؟
لم تحقق أهدافها، بل على العكس عملت على زيادة التأزيم العسكري بالبلاد، وأسهمت في تغيير الخطاب السياسي، وأثبتت أن أي عمل مسلح لتغيير النظام لديه تكلفة، والتكلفة كانت في الشهداء من الطرفين.. هناك شهداء نترحم عليهم (أنا بعرف عدد منهم، شهداء وأخوان خلص في درب الجهاد وفي درب التحول للحريات الديمقراطية).. لقد استطاعت معركة أم درمان إثبات أنه مهما كنت ذا سطوة مسلحة، ففي النهاية السودان لا يقبل التغيير عبر النظام العسكري، ولذلك فإنها لم تثبت نجاحها، بل خلقت أزمة في السودان حتى في ملف التفاوض، وأثبتت أن حركة العدل والمساواة كانت واعية في إدراكها للتغيير، ولم تستهدف المدنيين وعندها سلاح كثير، وكان بالإمكان أن يحصل دمار شامل، لكن وقتها الراحل “خليل إبراهيم”، كان واعياً للمخاطر من خلال استخدامه للحنكة وللحكمة الراشدة، بعدم استهداف الأماكن الاستراتيجية بالسلاح الذي كان بحوزته، وإلا لحدث دمار غير مسبوق (ودي تحسب لصالح حركة العدل والمساواة في وقتها).
* لماذا إذاً لم يستخدم الراحل الحنكة التي ذكرت في إنجاح المعركة، هل يمكننا القول إن هناك عدم تخطيط جيد؟
بالتأكيد أرض المعركة كان لها دور كبير في عدم نجاح المعركة، لم يكن هناك علم مسبق بتضاريس الخرطوم، هناك كتائب ضلت الطريق إلى العاصمة (ودا كان عمل استخباراتي غير مدروس، وفي النهاية المعركة لم تؤت أكلها لعدم التخطيط الاستراتيجي للمناطق العسكرية، رغم أن المعركة أثبتت في وقتها أن هناك إهمالاً عسكرياً، ترتب على دخول القوات في مناطق استراتيجية في قلب العاصمة الخرطوم)، (يعني أنا بعزيها لعناية الله أن القصة دي لم تتم، لكن العوامل الاستراتيجية وحنكة أو خلينا نقول إن خليل إبراهيم -وأنا بعرفو معرفة شخصية- وهو زول متدين، الحرب فرضت عليه ولذلك لم يستعمل سلاح ضد المدنيين مهما حاولت الحكومة في تصويره تصويراً بشعاً، لكنه كان صاحب تدين مميز ولذلك تحاشي المناطق ذات الكثافة السكانية العالية).
* المعركة ، هل كانت محل إجماع القوى السياسية، وماذا لو أنها نجحت؟
المعركة دي ما كانت محل اتفاق، يعني نحن كقوى سياسية لم نكن مع المعركة، كل القوى السياسية، لكن ما أعتقده أن هناك انفراطاً في الأمن حدث، ولو كانت نجحت كنا سنكون أشبه بالحالة الليبية والسورية، لأن السلاح موزع في السودان وعلى القبائل، وهناك أحزاب لديها سلاح، والبلد كانت تمر بفترة عصيبة، أنا في تقديري لو أن المعركة نجحت في مبتغاها فإن النتائج كانت سوف تصبح كارثية على الشعب السوداني، ولكن لطف المولى كان أسرع .
*هل كنتم تملكون معلومات مسبقة بوصفكم قيادات سياسية عن المعركة، أم أنكم تفاجأتم بها؟
والله طبعاً نحن في المؤتمر الشعبي تم اعتقالنا قبل دخول قوات حركة العدل والمساواة وهي على مشارف العاصمة، الحكومة كان عندها توجسات أن حركة العدل والمساواة، هي الجناح العسكري للمؤتمر الشعبي، وأثبتت المعركة أننا ما عندنا جناح عسكري، ولا تمت حركة العدل والمساواة بصلة للمؤتمر الشعبي.
*هل كان عندكم علم مسبق بالعملية؟
المعلومات كانت متداولة، حول أن الحركة دخلت ونحن سمعنا بيها، لكن نحن ما عندنا قرار ولا سلطة.
* لماذا تم اعتقالكم، هل مجرد هواجس؟
مجرد هواجس وأطلق سراحنا حتى شيخ حسن اُعتقل، وأطلق سراحنا في يوم أو يومين، وثبت أن نحن ما عندنا علاقة بالغزوة.
* أغلب قيادات الحركة والمساواة قيادات سابقة بالمؤتمر الشعبي، ومن هنا أتى اتهامكم؟
أيوة طبعاً، (قياداتهم مش كانت مؤتمر شعبي، نحن كلنا كنا مؤتمر وطني)، المؤتمر الوطني (فرَّخ) الحركات المسلحة، وميزنا عن بعضنا، نحن كنا مؤتمر وطني، مشينا عملنا حزب اسميناه المؤتمر الشعبي، وحركة العدل والمساواة كانت مؤتمر وطني، وكل أصول الحركة الإسلامية في حركة العدل والمساواة وفي المؤتمر الشعبي كنا سوياً أبناء خندق واحد، لذلك الاتهام مفترض ما يُسلط على المؤتمر الشعبي، لوحده وإنما المؤتمر الوطني كذلك.
* لكن عقب المفاصلة بسنوات وقعت غزوة أم درمان، ولحظتها كانت قيادات الحركة، قيادات سابقة بحزب المؤتمر الشعبي؟
نعم صحيح .. قادة الحركة فاصلوا مع المؤتمر الشعبي كويس، لكن ضغوط المؤتمر الوطني في الاعتقالات لهم وفي التنكيل بهم اجبرتهم لحمل السلاح، نحن صبرنا على العمل السلمي لكن هم ميزوا صفوفهم وانشقوا عن الشعبي وانضموا لحركة العدل والمساواة بحيثياتهم هم، نحن ما طرف فيها..
ألم يكن بإمكان “شيخ حسن” عليه رحمة الله، التواصل مع قادة الحركة ويثنيهم عن عزمهم، قبيل الغزو، خاصة أنكم تدعون التغيير السلمي كما ذكرت؟
نحن كنا محاصرين، (وبعدين الدعاوى والاتهامات حقت أن المؤتمر الشعبي عنده علاقة بحركة العدل والمساواة جعلتنا في منأى)، لم يكن هناك تواصل ولم يكن هناك طريقة للتواصل، وإلا كنا سوف نتحدث معهم (ونقول ليهم ياجماعة تعالوا لنبذ السلاح، لكن في وقتها ماكان عندنا طريقة نصلهم)..
*الحديث عن علاقتكم بالحركة، هو ما جعلكم تنأون أم أنكم خشيتم ثبوت الاتهام؟
والله كل المعادلة بالنسبة لينا متوفرة، الاتصال مشكلة وسوء الظن مشكلة، نحن ما اتصلنا عليهم تم اعتقالنا، ما بعرف لو اتصلنا عليهم كانوا قدمونا لحبل المشنقة؟!.
*رغم طيلة السنوات على معركة الذراع الطويلة إلا أنكم ما زلتم في قفص الاتهام؟
ضاحكاً..القفص دا بقى قفص ما عندو أساس، لأنو نحن جئنا في الحوار الوطني وما قدرنا نقنع العدل والمساواة في الانضمام للحوار الوطني، ودا أكبر دليل على أن الحركة دي حركة مستقلة، ما عندها علاقة بالمؤتمر الشعبي، وأنا شهدت اتصالات قام بها الشيخ الترابي في حياته، واتصالات قمت بها أنا عشان نقنع حركة العدل والمساواة وتأتي للحوار الوطني، لأن الحوار هو في الأصل مشروع “شيخ حسن”، وفشلنا في اقناعها، ولذلك فإنه واضح أن العلاقة مختلفة تماما، والعلاقة الآن في الساحة السياسية نحن نحترم خيارات الحركات المسلحة ونجتهد ان نقنعها للعمل السلمي، لكن لا توجد علاقة مباشرة بينا وبينهم، (دي حركة عندها منفستو مختلف، عندها مكاتب قيادية مختلفة الهم الوطني والاحترام السياسي بيننا)..
* أخيرا برأيك ماهي الدروس المستفادة لكلا الطرفان ( الحركة – الحكومة)؟
الدروس المستفادة كانت للقوى السياسية جميعها، إن العمل المسلح في التغيير غير مطلوب، (يعني نحن اتعظنا من الانقلابات، الانقلاب في ٣٠ يونيو كان عمل مسلح، كويس، الحركات الشالت السلاح ما نجحت في الاستيلاء على السلطة، الحكومة بكل قوتها مانجحت في سحق الحركات المسلحة رغم الشعارات) الحروبات والعمل المسلح ساعد في تأخير السودان وتأخير التنمية والديمقراطية والحريات في السودان، ولذلك حقو كلنا نحن نعمل ميثاق كقوى سياسية أن ننبذ العنف المسلح ونلتزم في الميثاق، على أن التحول في السودان يجب أن يأتي عبر صناديق الاقتراع وليس صناديق الذخيرة، السودان لا يحتمل، (السلاح منتشر والاعتقال منتشر) ولذلك أسلم طريقة للتغيير صناديق الاقتراع.
حوار – هبة محمود سعيد
صحيفة المجهر السياسي.