الطفل “الطيب محمد الشيخ” نسمة في وجه اي سوداني راه بالواقع او في حياة الاسافير

هذه الدنيا على قسوتها أحيانا ؛ وطبع البشر فيها المؤذي احيانا بها جوانب تجعل لهذا مذاقا ؛ خاصة في ذاك النسيج ؛ والطيف غير المرئي الذي يربطنا كسودانيين فيما بيننا ؛ اذكر مديرة فندق في احد رحلاتي وهي تنتحي بي جانبا ؛ استلتني من بين جمع من السودانيين كنا نهدر في (اللوبي) ؛ غير مبالين بالتنبيه المنحوت بثلاث لغات ان اخفضوا صوتكم ! ذهبت اليها ؛ فركت يدين معروقتين على سطح فضول ؛ سيدي هل انتم جميعا سودانيون ؟ قلت متعجبا محتارا نعم ؛ لغرابة الاستغهام ؛ قالت لاحظت ان جوازاتكم مختلفة – كان معنا اخوة من الجنوب ومهاجرين تامركو – وبعضكم حضر اليوم لكنكم تتحدثون وتتألفون كانكم تعرفون بعضكم منذ سنوات ! قلت هذا صحيح ؛ تعارفنا هنا وقد لا نلتقي مرة اخرى ؛

صمتت السيدة ؛ قبل ان تعود بحسرة لترد هل تصدق بعض ابناء جلدتي هنا يتقابلون وهم نزلاء لا يسأل احدهم الاخر تحية الصباح ؛ قلت ما معناه (الناس ظروف ) وعدت اغوص في انس رفاقي ؛ يتطاير الحلف والقسم لان فلان يدعو الناس لافطار واخر منع من استبدال عملة لان احد الحاضرين له عملة محلية ؛ قضينا ايام ؛ تجمرت في ساعات المغادرة بوداع حار وتبادل الهواتف ؛ من ينجع بعيدا يوصي من يعود ؛ ومن يعود يسبغ غطاء الدعاء على من يرجو بلاد الصقيع ؛

طيف يشد البركة على الناس المخلوقين من هذا التراب ؛ ربما هو عين ما جعل الطفل الطيب محمد الشيخ ؛ نسمة في وجه اي سوداني راه بالواقع او في حياة الاسافير ؛ جمله الجميع على محياه النضير بذاك التحيز في المشاعر لطفل ؛ اختبره الله واهله بعلة ؛ سعى الكرام والنبلاء من هذه الامة ، واهله للنجاة به لكن ارادة الله لا عبور فوقها ؛

اليوم نعى الطيب ؛ اصدقكم القول حزنت كانما جزء من كبدي تفتت ؛ لم التقيه مثل فتي مبادرة شباب الحوادث من (شندي) ومثل طبيب مستشفى الخرطوم كلهم مروا من تحت اعيننا ؛ اقصد نحن الذين لا نعرفهم لكن حزننا عليهم كان صادقا وحار ؛ احطناهم بالدعاء وشيعناهم بحسن اليقين في وفاء رب كريم ؛ بعفوه وغفرانه ؛ مثل هؤلاء حزنت وتمزق قلبي وصورة الطفل(الطيب) تعبر نعشا على سطور الناعيين ؛

تدافعت مئات المنشورات ؛ تخبر به وترثيه ؛ دققت في الوجه الملائكي لمست عليه عزم الحياة لكن سطوة المرض كانت قاسية ؛ كلما انظر اليه اسد مجاري الدمع ؛ ارد شهق الاسي ؛ لكني اعود فامسك بتاج الصبر والاحتساب ؛ اعزي نفسه ؛ اقله فقد مضى على امواج من الاصدقاء والمعارف احبوه دون ان يكون لهم معه نسب وآصرة الا ذاك الود الانساني الخلاق الذي يجعل حتى للموت معنى الحياة

بقلم
محمد حامد جمعة

Exit mobile version