كشفت مديرة شركة مصفاة الخرطوم للنفط منيرة محمود عبد الله في مقابلة مع “العربي الجديد” عن تفاصيل وأسباب أزمة الوقود، وأبرزها عدم وفاء البنك المركزي بالالتزامات المالية المطلوبة لصيانة المصفاة.
وحملت مديرة الشركة الحكومة جزءاً من أسباب أزمة الوقود بسبب تأخرها في الصيانة وتوفير التمويل اللازم لها، كذلك حملت المواطن جزءا من المسؤولية بسبب الهلع واللجوء لتخزين الوقود، مما يضاعف من الندرة في المشتقات ويخلق الازدحام والطوابير.
وشددت في حوارها على أن تكلفة صيانة المصفاتين القديمة والجديدة 102 مليون دولار، وقد أوفى بنك السودان المركزي بجزء يسير من الالتزامات المالية المخصصة لعملية الصيانة، ومستمر في تغذية العملية بالنقد الأجنبي.
وفيما يلي نص الحوار الذي أجرته “العربي الجديد” مع منيرة محمود عبد الله مديرة شركة مصفاة الخرطوم للنفط.
ــ كيف تسير الصيانة في مصفاة النفط؟
نحن لدينا مصفاتان، الأولى قديمة والثانية حديثة، وقد فرغنا حالياً من صيانة المصفاة الأولى وبدأ تشغيلها قبل أسبوع بدخول بعض الوحدات مرحلة التشغيل بشكل طبيعي، أما صيانة المصفاة الثانية فقد شرعنا فعليا فيها… عموما ليست بها أي مشكلة فهي تتم بسلاسة ووفقاً للجدول الموضوع.
ــ ما هي آخر صيانة تمت للمصفاة؟ وما هو حجم إنتاجها حالياً؟
المصفاة الأولى القديمة آخر صيانة لها تمت في 2015 والمصفاة الثانية في 2014 ومن المفترض أن تصان القديمة كل عامين والثانية كل 3 أعوام.
وأما عن الإنتاج حالياً فقمنا بضخ 1.500 طن بنزين يومياً قبل 3 أيام و1.400 طن يومياً غازولين قبل 7 أيام، وسنتجه لضخ منتجات غاز الطهو مع انتهاء التشغيل نهاية الأسبوع الحالي.
ــ ألا تعتقدون أن الصيانة تأخرت كثيراً؟
نعم، لأن إجراءها يرتبط بتجهيزات قبلية كالاسبيرات (قطع غيار) والتعاقد مع المقاولين والفنيين من الخارج، حيث تحتاج الصيانة لـ1000 فني بعضهم من الصين وألمانيا واليابان، وهؤلاء يتقاضون أجورهم بالنقد الأجنبي، ولم يتمكن البنك المركزي من الوفاء بالالتزامات المالية المطلوبة للصيانة في وقتها.
ــ كم التكلفة الكلية المطلوبة، وما هو المبلغ الذي وفره البنك المركزي تحديداً؟
تكلفة صيانة المصفاتين القديمة والجديدة تبلغ 102 مليون دولار، وقد أوفى بنك السودان المركزي بجزء يسير من الالتزامات المالية، وأتحفظ على ذكر المبلغ الذي وفره، ولكن يمكن القول إن البنك مستمر في تغذية عملية الصيانة بالنقد الأجنبي.
فمشكلة تأخر الأموال أدخلتنا في حرج مع المقاولين الذين يطالبوننا باستحقاقاتهم الفورية عن قطع الغيار، الأمر الذي قد يمنعهم من التعامل معنا مستقبلا.
ـ هل واجهت المصفاة في السابق مثل هذه المشكلة في الصيانة؟
نعم حدث ذلك في 2015 بسبب ندرة النقد الأجنبي ببنك السودان المركزي، حيث كان السودان يعتمد بشكل أساسي على إيرادات النفط في توفير النقد. ولكن بعد انفصال الجنوب بدأت تظهر الأزمة.
ــ بعض التسريبات تؤكد عجز العاملين بالمصفاة عن صيانتها وأنها تعرضت لإشكالات أكبر في الماكينات؟
نحن لا نكترث لمثل هذه الأقاويل لأنه لا أساس لها من الصحة، وبالمصفاة عمالة سودانية خالصة ومهندسون ذوو كفاءة ويقومون منذ نقل ملكيتها لحكومة السودان بعد خروج الصين من الشراكة فيها في 2015 بصيانتها بأنفسهم، فإن كانوا عاجزين كما يقال فلماذا لم تحدث مشكلة منذ ذلك الوقت.
وأحب أن أشير لشيء هام وهو أن المصافي في العالم كله يتم تشغيلها تدريجياً وليس بشكل كامل لاحتوائها على مواد ملتهبة، وفهم الناس أن المصفاة يتم فتحها وإغلاقها مثل مفتاح الإضاءة (النور) وهذا خطأ كبير.
ــ أرجو إلقاء الضوء على الطاقة الإنتاجية للمصفاة؟
ــ المصفاة تغطي 85% من الحاجة لغاز الطهو و100% من البنزين و65% من الغازولين فيما يسد المتبقي من الاحتياجات عبر الاستيراد من الخارج، وعموما تغطى الفجوة بين حجم إنتاج المصفاة وبين الاستهلاك بالاستيراد، وعند توقف المصفاة عن الإنتاج لأغراض الصيانة فإن الاستيراد يكون بنسبة 100%.
ــ أعلنت المصفاة عن ضخ أطنان من الوقود عقب بدء التشغيل فأين ذهبت ولا تزال الطوابير تراوح مكانها في بعض المحطات؟
ــ نحن في المصفاة تنتهي مهمتنا عند تسليم المنتجات البترولية لإدارة الإمدادات بوزارة النفط، والتي تقوم بدورها بطرحها فورا على شركات التوزيع. والسبب الذي يجعل الطوابير مستمرة هو الهلع الذي يدفع المواطنين إلى اللجوء للتزود بأكبر كمية من الوقود وتخزينها في المنازل تخوفًا من استمرار الأزمة.
ـ هل تعتقدين أن الحكومة فشلت في إدارة أزمة المشتقات النفطية؟
ــ الحكومة تتحمل جزءاً من مسببات الأزمة بسبب تأخرها في الصيانة وفي توفير التمويل اللازم لها، والمواطن كذلك يتحمل المسؤولية بسبب الهلع واللجوء للتخزين، مما يضاعف من الندرة في المشتقات ويخلق الازدحام والطوابير.
ــ متى تكتمل عملية صيانة المصفاة الثانية بشكل كامل؟
ـ الصيانة ستكتمل بداية يونيو/ حزيران المقبل برجوع المصفاتين للطاقة القصوى 90 ألف برميل في اليوم.
ــ المرأة مهما كان منصبها تواجه مصاعب في بعض المهن، ألم تجدي نفسك خائفة من مجابهة أزمة المصفاة وهجوم الشارع عليها وتحميلها مسؤولية ما يحدث؟
ــ لا لم أتخوف لاعتيادي طيلة فترة عملي في المؤسسة السودانية للنفط في الـ(20) عاما الماضية على أزمات كهذه، والتي زادتني قوة، ولذلك تعاطيت مع هذه المشكلة بشكل طبيعي.
العربي الجديد