رافقنا وزير النفط والغاز الدكتور عبد الرحمن عثمان، والأمين العام للوزراة الباشمهندس بخيت أحمد عبد الله إلى مصفاة الخرطوم، بعد أن اكتملت الصيانة فيها، وبدأت الضخ اليومي للمواد البترولية، بواقع 1500 طن للبنزين و1400 طن للجازولين يومياً، ولكن رغم تشغيل المصفاة ما زالت الأزمة موجودة، ولا أحد يعرف السبب الأساسي لها، ولا حتى السيد الوزير الذى يتحفظ كثيراً عن السبب الرئيسي لها، وهو يعلم من هم الذين تسببوا فى هذه الأزمة المتطاولة، فوزارة النفط إذا قامت بتوفير المواد البترولية، وعملت على ضخها إلى المواطنين ووصلت الكميات يومياً إلى الطلمبات، اذاً ما هو السبب الذي جعل المركبات يومياً بهذه الكثافة؟ فالإجابة ببساطة سادتي في هذا المواطن الذي يحاول استغلال الأزمات لصالحه، فإذا كان المولى عز وجل فرج على هذا الشعب أو عوضه عن بترول الجنوب بالذهب، فهاجر المواطنون إلى مواقع الذهب بالولاية الشمالية أو دارفور أو حتى المناطق المتاخمة للحدود مع الجارة مصر العربية، وهذا الفتح الرباني جعل المواطن ينعم بهذا الذهب، ولكن لم يقل له استغل أزمة البترول وبع الوقود لمصلحتك الشخصية، فالأزمة مفتعلة من قبل ضعاف النفوس الذين يدخلون إلى محطات الوقود بطرق ملتوية ويدعون أنهم من الجهة الفلانية ويأخذون الوقود ليبيعونه فى السوق الأسود، بواقع 250 جنيهاً للجالون، حتى أصحاب المركبات العامة بدأوا يبيعون الوقود ولا يعملون به فى نقل الركاب، أما الفئة الثالثة فهي العمالة الموجودة بالطلمبات، وهذه استغلت الموقف تماماً لمصلحتها، فحاولت من خلال آخرين بيع الوقود بالطرق الملتوية، إضافة إلى بعض العاملين أيضاً فى محطات الخدمة، الذين يأخذون مبالغ إضافية من أصحاب المركبات مثل ثلاثين جنيهاً أو عشرة جنيهات عن كل فرد لمنحه الوقود بعد الثانية ليلاً، وهذه أسباب تلك الأزمة، ولو كانت الدولة بها مشفقين عليها وعلى المواطن المسكين لتولت الأمر بنفسها، مثلاً والي الخرطوم هو المسؤول عن تلك الأزمة، فمن المفترض أن يصدر قراراً بإنزال أجهزته الأمنية والإدارية لمتابعة الموقف بأنفسهم، بدلاً من تركه إلى السماسرة وضعاف النفوس، حتى العاملين فى الطلمبات يجب أخذ مسدسات التعبئة منهم، وإنزال أفراد من الشرطة أو القوات المسلحة بدلاً من أولئك العاملين، ونحن شعب لا نأتى إلا بالعين الحمراء، فما أن تنزل تلك القوات إلى محطات الخدمة، بالتأكيد كل أصحاب الغرض سيتلاشون تماماً، والأزمة في ساعات سوف تنتهي، ولكن الولاية أبعدت نفسها تماماً عن الحل، وهذا ما كان يردده السيد الوزير، الأزمة محلها وين محلها وين، فهذا هو محلها وزارة المالية وبنك السودان وولاية الخرطوم، فلو تدخلوا منذ البداية لما وصلت إلى ما وصلت إليه الآن، والأزمة لن تنتهي بين يوم وليلة، ما لم تتدخل الجهات الأمنية وتوقف العبث الذي يمارس فى محطات الوقود، إن الأزمة التى تشهدها الولاية الآن لم تشهدها فى ظل الأزمة الحقيقية عند بداية الإنقاذ، إذاً المشكلة من صنع البشر، فالحكومة مهما فعلت فلن تحل المشكلة لأن القانون مازال موضوعاً في الثلاجة ..فاذا تمت محاكمة شخص واحد تلاعب بقوت الشعب، لما تجرأ أحد بعد ذلك باستغلال الموقف لمصلحته.. حتى الذين يدَّعون أنهم من قبل الدولة داخلين بجوالين وبراميل، فلابد أن يقفوا فى حدهم ..الناس سواسية الكل يجب أن يقف في الصف لأخذ حصته من الوقود، فإذا منعت الفوضى لحلت المشكلة تماماً.
صلاح حبيب – لنا رأي
صحيفة المجهر السياسي